خلافاً للمأزق الانكليزي حيث تتمتع مسابقات الاندية بقوة اكثر من أي مكان آخر في العالم مع تخبط للمنتخب الوطني، يواجه الهولنديون خطراً داهماً خلال الأسابيع القليلة التي تفصل عن بداية العام الجديد، حيث يتوقع خبراء كرة القدم موجة هجرة للاعبين لا مفر منها مع دخول قانون العمل الجديد حيز التنفيذ، وهو ما سيتهدد سوق الأسهم الرياضية التي كانت انتعشت خلال الأعوام الماضية ووصلت قمتها خلال العام الحالي. هذه التشريعات تمنح اللاعبين الحرية في الانتقال الى الخارج من دون التزام بفترة العقد الموقع مع الاندية المحلية، وتعد عواقبها أبعد من تشريع "بوسمان" الشهير الذي فتح الأبواب امام مرحلة جديدة بين اللاعبين والنوادي. وترتكز التشريعات الجديدة على كون العقد الدائم والثابت الشروط لا يعني وفقاً للقانون "وظيفة دائمة". لذا، من حق لاعبي الدرجة الأولى انهاء عقودهم ما لم يحصلوا على وظيفة دائمة. ويعتقد على نطاق واسع ان ثمة حاجة الى معالجة فورية للأزمة قبل نهاية السنة، وإلا فان الملاعب ستشهد هجرة لاعبي الصف الأول في الاندية الهولندية الپ36، وستتحوّل المباريات الى مناسبات مملّة تفتقد نجوم اللعبة الأساسيين. ووفقاً لروب دي ليدي، عضو الاتحاد الهولندي لكرة القدم، فان كرة القدم "تحتاج الى توافق بين الاندية ونقابة اللاعبين لارساء اساس قوي للعبة الأكثر شعبية في البلاد". وقال دي ليدي لپ"الحياة": "ان المفاوضات بدأت بالفعل بين الجانبين لحسم المشكلة وتأمين بقاء اللاعبين، وينتظر ان تنتهي خلال الاسبوعين القادمين". وأبدى عضو الاتحاد الهولندي تفاؤله في ان يخرج ممثلو الطرفين بنصوص تجعل اللاعبين سعيدين في نواديهم ويتلقون معاملة مالية عادلة. وحول الاسباب التي يمكن اعتبارها اساساً للمخاوف في تلك الهجرة قال دي ليدي ان هناك سببين رئيسيين: الأول هو مستوى كرة القدم في الدول المجاورة والمرشحة لامتصاص اللاعبين، كإيطاليا وإسبانيا وانكلترا والمانيا، وما يعنيه ذلك للاعب حيث يلعب أمام جمهور كثيف، والثاني هو الاغراء المادي الكبير الذي تقدمه تلك الاندية وغيرها للاعب المتألق". وحول سبب عدم تمكن التشريعات الجديدة من تلبية مطالب اللاعبين اعتبر المسؤول الاتحادي "ان تقديم وظيفة دائمة للاعب كرة القدم امر ليس مألوفاً وغير عملي، فهو نشط وفعّال وفقاً لشروط متحركة وغير دائمة. فأحسن لاعب يستمر في عطائه عشر سنوات على اكثر تقدير، ومنح وظيفة دائمة بشروط مالية تكلف ملايين الدولارات امر خارج مقدرة اي ناد في هولندا وغيرها". وكان البرلمان الهولندي اقرّ مشروع الحكومة لقانون العمل الجديد من دون ان يخطر على بال احد مضاره المباشرة على سوق كرة القدم، وهي مضار من شأنها خفض قيمة اسهم الاندية الطليعية ولا سيما اياكس وآيندهوفن، حيث كان اياكس قد طرح اسمه في البورصة قبل اشهر قليلة فقط، وهو الى جانب غريمه آيندهوفن يعاني من مشكلات تقنية بسبب بيع عدد كبير من اللاعبين الكبار نهاية الموسم الماضي. ويبدو آيندهوفن، القابع في المركز الثامن حالياً، في أسوأ حال بسبب بيعه ستة من اللاعبين دفعة واحدة من دون امكانية تعويضهم. ولعل الهزائم المخيبة التي مني بها على المستوى الأوروبي ابلغ دلالة على موقعه في الدوري حالياً. الا ان خروج اياكس وآيندهوفن من المسرح الأوروبي يعتبر مؤشراً على ان كرة القدم المحلية تحتاج الى سياسة مختلفة ومبادرة من نمط جديد، وإلا ستتحول اللعبة الى عرض ممل لا طعم له يترافق مع جفاف المصادر المالية للاندية. المفارقة التي اشرنا اليها في البداية، اي ارتقاء المنتخب الوطني من جهة وتردي مستوى اللعبة، ليست امراً حتمياً اذا ما نجحت مفاوضات الأندية مع نقابة اللاعبين، لكن الفشل الماثل امام الانظار يحتاج الى تضحيات عاجلة تقدمها النوادي قبل اللاعبين. على أية حال، يبدو اننا سنشهد خلال الاسابيع القليلة انتقال التوأم رونالد وفرانك دي بوير الى برشلونة الاسباني مهما كانت النتائج، وهي قضية اثارت الكثير من الجدل واتهمت فيها دوائر الخبراء نادي اياكس بالجشع وقصر النظر في الاصرار على ابقائهما ضمن الفريق رغم انفهما.