السفير آل جابر يلتقي الوفد المفاوض المعني بملف المحتجزين في اليمن    الفيحاء والحزم يتعادلان سلبياً    نائب أمير جازان يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام "إخاء"    القبض على إثيوبي في جازان لترويجه مواد مخدرة    استعراض عشرين تجربة ناجحة لكفاءة الإنفاق في الجامعات السعودية في ورشة بجامعة أم القرى    هيئة الصحفيين السعوديين بمكة تنظم ورشة "الذكاء الاصطناعي والصحافة"        الأمير بندر بن خالد الفيصل: مهرجان كؤوس الملوك والأمراء يحظى بدعم واهتمام القيادة    جمعية أدبي جازان تشارك في ليالي المكتبات ببيت الثقافة    بدء تطبيق أعمال المرحلة الثالثة من الموجهات التصميمية للعِمَارَة السعودية في 3 مدن    الحكومة اليمنية ترحّب ببيان المملكة بشأن الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة    بحضور وزيري الإسكان والتعليم.. NHC تختتم النسخة الخامسة من برنامج واعد بتخريج 500 متدرب ومتدربة    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يدشن الربط الإلكتروني بين وزارة الداخلية والإمارة    إتمام الاستحواذ على مستشفى المملكة يعزز حضور دلّه الصحية القوي في الرياض    حقيقة رغبة ريال مدريد ومانشستر يونايتد في ضم روبن نيفيز    مركز الحياة الفطرية يطلق 61 كائناً فطرياً بمحمية الملك خالد الملكية    الشؤون الإسلامية في جازان تُقيم ورشة عمل لتأهيل المراقبات بمساجد محافظة أبو عريش    مدير عام فرع الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد جوامع ومساجد العيدابي ويفتتح مسجد النور    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    "إنفاذ" يشرف على 75 مزادًا عقاريًا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فيتنام    ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 32.3% في أكتوبر 2025    جولة ميدانية للوقوف على جاهزية الواجهة البحرية بقوز الجعافرة استعدادًا لانطلاق المهرجان الشتوي    تكريم الجمعيات المتميزة وقادة العمل التطوعي في جازان خلال حفل مركز التنمية الاجتماعية    جامعة أمّ القرى تعلن فتح بوابة القبول في برامج الدراسات العليا للعام الجامعي 1448ه    جامعة أمّ القرى تدعو لزيارة الواجهة الثقافية ضمن فعاليات شتاء مكة.    نائب أمير تبوك يواسي أسرة الخريصي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    إطلاق تطبيق المطوف الرقمي في الحرم    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    «الجوازات» تصدر 17.767 قراراً إدارياً بحق مخالفين    استدعاء 40 شخصاً نشروا «محتوى يثير التأجيج»    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    ارتفاع النفط والذهب    51 اتفاقية لتنمية ريادة الأعمال    في دوري أبطال آسيا 2.. النصر يدك شباك الزوراء العراقي بخماسية    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    درة تعود للدراما ب«علي كلاي»    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. تقليد نهيان بن سيف وشاح الملك عبدالعزيز    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    الصالحاني يضع أسس البداية عبر «موهبتك لا تكفي»    11 شكوى يوميا بهيئة السوق المالية    14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني    نائب أمير تبوك يواسي أسرة الخريصي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    الشباب يعلن غياب مهاجمه عبدالرزاق حمد الله لقرابة شهرين    مرحوم لا محروم    غالتييه: أحترم النجمة.. وهدفنا الفوز    الفتح يكثف تحضيراته للأهلي    السعودية تشكل المشهد التقني    النيكوتين باوتشز    مساعدات إنسانيّة سعودية جديدة تعبر منفذ رفح متجهة إلى غزة    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شمعة ... وظلام
نشر في الحياة يوم 15 - 08 - 2011

عشية الاعتصام الذي قام به جمع حاشد من المثقفين اللبنانيين أمام تمثال الشهداء تضامناً مع الشعب السوري، كان وزير الثقافة اللبناني يخطب في حفلة عشاء أقامها «التيار» الذي ينتمي إليه، مدافعاً عن الجيش السوري وعن العلاقة «المتينة» بين لبنان وسورية التي نص بها اتفاق الطائف. وبلغت حماسته «السورية» ذروتها عندما شبّه ما يحصل في سورية بما حصل في مخيم «نهر البارد» في لبنان جاعلاً الشعب السوري الثائر على الظلم والمنادي بالحرية والعدالة في درْك المسلحين الخارجين عن القانون الذين أرهبوا شعب المخيم.
عندما كان وزير الثقافة اللبناني الذي يدعى غابي ليون، يلقي هذا الخطاب بجرأة وبسالة في زحلة، «جارة الوادي» وبلدة الشاعر سعيد عقل، كان المثقفون اللبنانيون يتهيأون للنزول الى ساحة البرج وللاعتصام امام تمثال الشهداء وإضاءة الشموع التي وجدوا في نورها خير تحية يمكن ان توجّه الى الشعب السوري. وعشية اعتصامهم واجهوا حملات إعلامية مغرضة سعت الى «تشتيت» هذا الاعتصام وفشلت فشلاً ذريعاً، فالاعتصام نجح وحقق اهدافه النبيلة وجذب أعداداً من المثقفين والشباب وبعضهم ينتمي الى جبهة «الصمود والتصدي» التي لم يعد أحد يعرف اين تقع.
لعلها المرة الأولى يتمكن المثقفون اللبنانيون من إنجاح اعتصام دعماً للشعب السوري بعدما تعرضت مبادراتهم السابقة ل «الاختراق» والبلبلة المقصودة. هذه المرة فشل أتباع جمعيات «الممانعة» في اجتياح هذا الاعتصام السلمي والنبيل الذي جمع أطياف «الحالة» اللبنانية على تناقضاتها. حتى بعض الذين يُحسبون على جبهة «8 آذار» لم يتوانوا عن الانضمام الى المعتصمين، ليندّدوا بما يحصل في سورية من قتل وتهجير واضطهاد.
وزير الثقافة اللبناني لم يبالِ بهذا الاعتصام ولا بالمثقفين المعتصمين. هو أولاً لا يعدّ نفسه وزيراً لهم مثلما هم أيضاً لا يعدّونه وزيراً للثقافة اللبنانية كما يفهمونها. الوعي «الوطني» أو «اللبناني» بالأحرى انبثق هذه المرة من الساحة العامة، ساحة الشهداء وليس من قلب الدولة. هذه المرة كان وزير الثقافة على الهامش، أما المثقفون فكانوا هم في المعترك، معترك الوطنية التي تعني الحرية ومشتقاتها الكثيرة.
تذكّرت، عندما قرأت اجزاء من خطاب وزير الثقافة الراهن، سلفه، وزير الثقافة السابق ميشال إده الذي أعلن مرة انه سيرتمي (بقامته الضخمة) امام دبابات الجيش السوري إذا قرر هذا الجيش الانسحاب من لبنان. لكنه عدل عن رأيه ولم يرمِ بنفسه امام الدبابات التي انسحبت لاحقاً من لبنان، كرهاً لا طوعاً. ولا أعتقد ان حماسة وزراء الثقافة السوريين بلغت ما بلغته حماسة وزيرينا، ميشال إده أولاً وغابي ليون ثانياً. هذه الظاهرة، ظاهرة «الانبطاح» السياسي بالحقيقة أو بالرمز، ليست غريبة عن المعترك السياسي الرسمي في لبنان. وقد أصيب الكثيرون من السياسيين بالعياء من شدة ما «انبطحوا» وزحفوا... أياً كانت وجهاتهم.
بعد تسلّمه حقيبة الثقافة قبل أسابيع، لم يجاهر الوزير ليّون بخطة ثقافية أو بمبادرة يقوم بها. كل تصريحاته الصحافية كانت سياسية بل «حزبية»، مرتكزة الى شعارات «الجنرال» رئيس «التيار» الذي ينتمي الوزير إليه، وأحدث هذه الشعارات إسقاط مفهوم «حقوق الإنسان» الذي فاجأ «الجنرال» به اللبنانيين جميعاً. وقد سخر علانية من هذه «الحقوق» معتبراً إياها شعاراً فارغاً – على خلاف شعاراته – تتفوّه به جماعة وهمية، لا وجود لها. لم يُطلع الوزير ليّون أهل الثقافة على برنامج يعمل على تنفيذه ولا على أنشطة يزمع على إحيائها. كأنه يحاول التبرؤ من حقيبة الثقافة، التي أثقلت كاهله على ما يبدو، معتبراً نفسه وزيراً للثقافة بالاسم وليس بالفعل. إنه وزير حزبي. هذا ما لم يتورّع عن إعلانه، وزير حزبي في ما تعني الحزبية من انحياز وانغلاق... ولعل خطابه الأخير الذي أثار فيه قضية تهريب الأسلحة من مرفأ سوليدير الى سورية، خير شاهد على طموحاته التي تتخطى الثقافة الى السياسة في مفهومها الحزبي وليس العام. ولعله أعرب، في ما يشبه المواربة أو الالتفاف، عن انحيازه الى فئة دون أخرى، وعن تبنّيه قضية دون أخرى، وكأنه ليس وزيراً للثقافة اللبنانية، بل لأحد أزقة هذه الثقافة أو ساحاتها.
تجاهل الوزير غابي ليّون الاعتصام السلمي والجميل الذي قام به مثقفون لبنانيون ينتمون الى تيارات سياسية وفكرية شتى، وكان من المألوف ان يتجاهل هذا الاعتصام، هو الذي استبقه معلناً دفاعه عن الجيش السوري الذي «تستهدفه، كما قال، أعمال عنف». قد لا يُناقش الوزير في رأيه، وفي ما يشاهد من أعمال عنف تعمّ المدن والقرى السورية، فهو حرّ في ان يرى ما يشاء وأن يعلن ما يريد من مواقف وآراء، لكنّ المأساة انه يتكلم كوزير للثقافة، كوزير يُفترض به ان يكون ديموقراطياً ومنفتحاً على كل الجهات والتيارات والمواقف، ما دامت ذات بعد ثقافي.
مرة أخرى نقول إنّ لا وزارة للثقافة في لبنان، بل وزير للثقافة. فالطابق الصغير الذي تحتله الوزارة في أحد أبنية شارع الحمراء لن يصبح وزارة مهما جاء وزراء وغادر وزراء. لكننا نتذكر دوماً ان وزيرين مرّا بهذه الوزارة وكانا حقاً وزيري ثقافة لكنهما لم يطيلا مكوثهما فيها. سنظل نتذكر دوماً المفكّرين غسان سلامة وطارق متري، اللذين لم تتسع لهما وزارة الثقافة لأنهما أكبر منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.