دعا رئيس «مؤسسة الفكر العربي» الأمير خالد الفيصل إلى منظومة متكاملة تبدأ بالبحث العلمي وتصل إلى التنمية المستدامة الشاملة، خلال حفلة إطلاق التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية في دبي أمس، برعاية وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في الإمارات نورة بنت محمد الكعبي وحضورها. وتحدث الفيصل بحضور الأمير بندر بن خالد الفيصل، والمدير العام لمؤسسة الفكر البروفسور هنري العويط، ووزير الثقافة الأردني نبيه شقم، ووكيل الأمين العام للأمم المتّحدة والأمين التنفيذي للإسكوا محمد علي الحكيم، ومنسّق التقرير الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة، والعالم المصري فاروق الباز، وكتاب التقرير، وأعضاء مجلسي الأمناء والإدارة، وشخصيات ثقافية وأكاديمية وعلمية ودبلوماسية. ورأى الفيصل أنّه في «الألفيّة الثالثة هذه، ومفاهيمها التنموية الجديدة، لم يعد تحسين نوعيّة الحياة ورفع مستوى المعيشة قائمين على النموّ الاقتصادي أو مشروطين به فحسب، بل على المعرفة بشكل عام ومصادرها العلمية والتكنولوجية بشكل خاص. فالمجتمع المعرفي هو المجتمع الذي يولّد المعرفة وينشرها ويستثمرها من أجل ازدهار الأوطان ورفاهيّة مواطنيها. وبالتالي، لا يجوز بعد اليوم (...) أن تنفق الدول العربية على التعليم من ناتجها المحلي الإجمالي أكثر مما تنفقه دول نامية كثيرة، في حين تبقى معدّلات النمو الاقتصادي لديها أقل ممّا هي عليه في غيرها من هذه الدول». واعتبر أنّ التقرير يساهم في توفير قاعدة من المعارف العلمية، والبيانات المنضبطة، والإحصاءات الدقيقة في المجالات العلمية المختلفة، كخطوة أولى لاقتراح التوصيات والرؤى التي تسمح للمخطّط وللباحث ولصانع القرار «برسم السبل الكفيلة بإخراجنا من أزماتنا». ولفت إلى أن التقرير يحذّر من «تفويت فرصة اللحاق بالثورة المعرفيّة الرابعة، لأن الفرصة لا تزال متاحة أمامنا، والقرار يعود إلينا، فإمّا مواجهة التحدّيات المصيريّة من فقر وبطالة، وهجرات، وتوتّرات سياسيّة، واضطرابات مجتمعيّة، مستعينين بمنظومة كاملة ومتكاملة تبدأ بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، وصولاً إلى التنمية الشاملة والمستدامة، أو نبقى أسرى تبعيّة تكون الثقافة العلمية فيها ضحيّة تقاعسنا». وأكّد أن التركيز على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار وعلاقتها بالتنمية الشاملة والمستدامة، «ما هو إلّا حاجة علمية تقتضيها مفاهيم العصر ومتطلّباته، هذا العصر القائم على المعرفة، وعلى اقتصاد المعرفة، حيث تنشأ علاقة عضوية بين عمليّة إنتاج المعرفة واستثمارها من جهة، والنموّ الاقتصادي من جهة أخرى، وحيث تحتلّ تقنيّة المعلومات في هذا الإطار موقعاً محورياً ورئيساً». أما الكعبي فأكدت أن البحث العلمي في الدول العربية «دون مستوى الطموحات، ودون مستوى الموارد التي تزخر بها هذه الدول. والناظر إلى الواقع يجد الفجوة بين البحث العلمي العربي ونظيره العالمي كبيرة». وركّزت على دور المعرفة التي أصبحت مورداً استراتيجياً في الحياة الاقتصادية. ورأت أنّ الابتكار الثقافي والفنّي نشاط ضروري لتشكيل مجتمع المعرفة وبناء الصناعات الإبداعية والثفافية التي تقوم على الإنتاج الثقافي والفكري. ثم تحدّث العويط موضحاً أنّ دواعي تخصيص هذا التقرير للبحث العلمي وأنشطة التكنولوجيا والابتكار في الدول العربية، مرتبطة «بما حفلت به في السنوات القليلة الفائتة نشاطات البحث العلمي والابتكار من تطوّرات عميقة واكتشافات مذهلة على الصعيد العالمي، وبافتقار المكتبة العربية إلى تقرير متكامل يعرض واقعها الحالي في دولنا، ويبرز تحدّياتها، ويستشرف آفاقها ومآلاتها». ولفت إلى أنّ المؤسّسة لا تدّعي احتكار المبادرة إلى درس هذا الملف، «فقد وضعتْ في ما مضى مجموعة من التقارير لتشخيص أوضاع منظومات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار في الدول العربية، والسعي للنهوض بها». وأكّد الحاجة إلى إصدار تقارير عربية دورية تعالج قضايا البحث العلمي، نظراً إلى تطوّر مفاهيم البحوث العلمية وعلاقتها بمختلف القطاعات، وقدرتها على مجابهة التحدّيات التي تواجهها الدول.