يصف منتقدوه أعماله بالسهلة الصنع والمبالغ في قيمتها، في حين يراه المعجبون أسطورة حيّة تجسّد جوهر فنّ البوب آرت. وفي أي حال، فإن جلّ ما يحاول جيف كونز فعله هو التركيز على ما يسعده. أعمال كونز (63 skm) جريئة وضخمة وتباع بأسعار خيالية، لكنّ الكلفة المرتفعة لا تؤثّر بتاتاً في الحماسة التي ولّدها الفنان الأميركي في آسيا خلال مشاركته في النسخة المحلية التي تقام في هونغ كونغ من معرض الفن الكبير «آرت بازل». فهذا الملتقى العالمي لأوساط الفن يشكّل فرصة لهواة جمع القطع الفنية الميسوري الحال كي يثروا مجموعاتهم بقطع أجنبية ترمز إلى مكانتهم الاجتماعية الرفيعة. وقد قصد الفنان الريادي المستعمرة البريطانية السابقة التي استعادت الصين السيادة عليها عام 1997 مع المنحوتات التي طبعت أعماله والمصنوعة من الفولاذ غير القابل للصدأ المصقول بشدة. لكنه جلب معه إلى «آرت بازل» أيضاً سلسلته «غايزينغ بول» المؤلفة من كرات زرقاء لمّاعة موضوعة في نسخ من أعمال فنانين أوروبيين كبار، من أمثال رامبرانت وتينتوريتو. وقد وُضعت في مركز عرض كبير مطلّ على البحر. وفي العام 2013، بيعت النسخة البرتقالية اللون من مجسّم «بالون دوغ» لكونز بسعر قياسي بلغ 58.4 مليون دولار خلال مزاد نظمته دار «كريستيز» في نيويورك. غير أن القيمة المالية للأعمال ليست سوى «تجريدية»، كما يقول كونز، مضيفاً: «أشعر بفخر كبير بالقيمة التي يعطيها المجتمع لأعمالي. لكن أكثر ما يسعدني هو الأثر الذي تخلّفه قطعي لدى الأفراد». غير أنّ كثيرين ينتقدون أعماله، واصفين إياها بالسطحية والتجارية والسوقية، معتبرين أن قيمتها مبالغ بها. وقد أثار مشروع للفنان يقضي بإرساء منحوتة من 33 طناً أمام قصر طوكيو في باريس تخليداً لذكرى ضحايا الاعتداءات، جدلاً كبيراً في البلد. ونددت شخصيات متعددة، من المخرج أوليفييه أساياس إلى وزير الثقافة السابق فريديريك ميتران، بهذا الفنان الذي استحال «رمزاً للفن الصناعي والاستعراضي». ويحرص كونز المولود في بنسيلفانيا على النأي بنفسه عن هذا الجدل ويرفض الردّ على منتقديه، مكتفياً بالإشارة إلى أنه يفضّل التركيز على عمله. ويقول: «أظنّ أن الناس يعتبرون أن الصراحة موقف صادم. فعندما نتحلى بالصراحة ونقوم بما يحلو لنا، نكتشف البشر على حقيقتهم». ويبدو أنّ الجدليات لا تؤثر بتاتا في الفنان الذي عرف الشهرة في التسعينات من خلال استعراض حياته مع زوجته السابقة، وهي ممثلة إباحية، في أعماله الفنية. ويؤكد كونز أن الفن السوريالي هو وسلية لاستكشاف الذات وهو أمر يحرص على القيام به منذ سن المراهقة. «عندما نرى ما في داخلنا ونتقبل ذاتنا، نسعى إلى الانفتاح على الخارج. والفن قادر على اصطحابكم في مسار كهذا». ويكشف أنه يعمل على مشروع قائم على الواقع الافتراضي من المزمع أن يبصر النور في غضون سنة لكنّه يحذر الفنانين الشباب من مغبة الإفراط في استخدام التكنولوجيا كوسيلة مستسهلة للإبداع. ويشدد كونز على ضرورة أن يتحلى الفنان بالثقة، مذكراً بأن أعماله الفنية لم تكن تلقى استحسان الجمهور في البداية.