خادم الحرمين وولي العهد يتلقيان التهاني بنجاح موسم الحج    محمد بن عبدالرحمن: تسخير جميع الطاقات لخدمة الحرمين وضيوف الرحمن    نائب أمير مكة المكرمة يعلن نجاح حج 1445ه    «تصنيف التنافسية»: البحرين الأولى عالمياً في 12 مؤشراً    مخزونات المنتجات النفطية في الفجيرة تنخفض إلى 20.7 مليون برميل للمرة الأولى    أجهزة رقمية متطورة تربط ضيوف الرحمن بذويهم    جازان: القبض على 6 أشخاص لترويجهم 196 كيلوجراماً من «الحشيش» و7,228 قرصاً من «الإمفيتامين»    المفتي العام: ما رآه العالم من واقع فريد تأكيد على الدور الريادي والعمق الديني للمملكة    بنك التنمية الاجتماعية يختتم مشاركته في قمة اتحاد رواد الأعمال الشباب لمجموعة العشرين في البرازيل    وزير الثقافة يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج    أمير المدينة المنورة يقف ميدانياً على منظومة العمل في المسجد النبوي    الكشافة تُسهم مع قوة أمن الحرم المكي في إدارة الحشود    نائب أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    خادم الحرمين وولي العهد يتلقيان التهاني بنجاح موسم الحج    أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    نائب أمير منطقة مكة يعلن نجاح الحج لهذا العام ١٤٤٥ ه .    «هيئة الطرق»: الخط المدني يُزيّن طرق المدينة المنورة    السعودية للكهرباء تعلن نجاح خطتها للحج وتسجل أحمال قصوى تاريخية    نجوم «روشن» يتألقون في يورو 2024    فتح القبول لحملة الثانوية للالتحاق بالكلية الأمنية    حجاج بيت الله الحرام المتعجلون يبدأون في مغادرة مكة بعد طواف الوداع    بطلة التايكوندو العالمية دنيا أبوطالب رابعة العالم    جمعية "كبار السن" تزور وتعايد كبار السن المنومين    دعوا إلى انتخابات جديدة ..متظاهرون يطالبون بإسقاط حكومة نتنياهو    بعثة القادسية تصل إسبانيا    مصرع 11 شخصًا في الأمطار الغزيرة بالسلفادور    بوتين يعين ثلاثة نواب جدد لوزير الدفاع    17 شهيداً في غزة.. الأمم المتحدة: الوضع في غزة «جحيم»    حاجة مغربية سبعينية تستعيد القدرة على المشي بعد استبدال مفصل الورك بتجمع مكة الصحي    الطبقة الموسيقية الدولية: أداة توحيد للعزف والغناء    أمطار بمعظم المناطق.. وأجواء حارة بالمشاعر    البرلمان العربي يدعو لتكثيف الجهود وتكاتف المنظمات الدولية للحد من خطاب الكراهية    جامعة جازان إلى العالمية بالتنمية المستدامة    أعياد المناطق.. تراث وعروض وسياحة    صفقة أسلحة أمريكية ضخمة إلى إسرائيل    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الجوازات    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    6 نصائح للمتكممين خلال العيد    تعرف على درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    رسالة لم تقرأ..!    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    800 مليار دولار قروض عقارية في الربع الأول    مصادر «عكاظ»: أندية تنتظر مصير عسيري مع الأهلي    الرئيس المصري يغادر بعد أداء الحج    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً ضد صربيا    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر اقتصادية - تعميق مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي
نشر في الحياة يوم 16 - 03 - 2011

مطلوب من دول المنطقة كغيرها من دول العالم اليوم، انتهاج سياسة تساعد على قيام علاقة جديدة بين الدولة والاقتصاد وبين قطاع الأعمال والمجتمع تتجاوز المألوف. فالتنمية الاقتصادية المستدامة يصعب لها أن تتحقق بمعزل عن التنمية السياسية وتأمين الأمن الاجتماعي للمواطن. لا بد إذاً من تأسيس لاستقرار سياسي عبر تأمين آليات ديموقراطية لحل النزاعات وبلورة الخيارات الوطنية والمشاركة الفاعلة للمواطن في أخذ القرار. وفي طبيعة الحال، ستكون دول المنطقة أكثر جاذبية للإعمال والاستثمار ومهيئة أكثر لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود إذا ما توافر الاستقرار الحقيقي الذي لا يعتمد على أجهزة الأمن بمقدار ما يقوم على حكم القانون واحترام الحريات السياسية وحرية الرأي ومحاربة الفساد وحماية الاستثمارات ووضع شبكات أمان اقتصادية واجتماعية.
فالبلدان التي شهدت انتفاضات شعبية، كان لها سجل جيد بالنسبة إلى معدلات النمو السنوي في الاقتصاد الكلي، إذ بلغت هذه المعدلات منذ العام 1999 نحو 5.1 في المئة في المتوسط لمصر، ونحو 4.6 في المئة لتونس. غير أن منافع النمو فشلت في الانسياب إلى أسفل لتطاول كل شرائح المجتمع، خصوصاً الفقيرة والمتوسطة ولم يشعر المواطنون بأي تحسن في أوضاعهم المعيشية. فالنمو الاقتصادي الكلي هذا، ترافق مع تركز الثروات بين أيدي طبقة محدودة من المواطنين، وارتفعت في المقابل معدلات البطالة بين الشباب وتفاقم الفساد. أضف إلى ذلك أن معظم النمو جاء في قطاعات العقارات والتمويل والاتصالات والأسهم، بينما لم يتحقق كثير من النمو في قطاعات الإنتاج الرئيسة الأخرى مثل الصناعة والزراعة والتعليم والطب والشركات الصغيرة والمتوسطة والأعمال الخلاقة.
من هنا، جاءت ضرورة قيام نموذج اقتصادي جديد يجمع بين فاعلية اقتصاد السوق وتحقيق مقدار أكبر من العدالة الاجتماعية، والذي أخذ يُعرف بمفهوم «اقتصاد السوق الاجتماعي»، خصوصاً أن هناك مساهمة فاعلة لكل شرائح المجتمع في العملية التنموية، وللدولة دور أكبر تؤديه على المستوى الكلي (macro level) وتحول هيكلي في النظرية الاقتصادية على مستوى قطاع الأعمال (micro level).
فعلى المستوى الكلي، المطلوب من الحكومات أن تؤدي دوراً أكبر في الدورة الاقتصادية كمراقب ومنظم وراع لمفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي، ولا أحد يطلب من الدولة أن تحل محل القطاع الخاص في إدارة هذه الشركات، وليست هناك عودة إلى السبعينات حين كانت الدولة تنشط كمالك ومشغل للشركات وكتاجر يستورد ويبيع ويدعم الأسعار، لأن ذلك سيحد من روح المبادرة ويؤثر سلباً في الإنتاج ويؤدي إلى تقليص التنافسية وزيادة الهدر والتوظيف العشوائي ويرفع من العبء على الخزينة.
المطلوب من الحكومات وضع نظم رقابية أفضل وأكثر فاعلية، وإدخال قواعد المحاسبة والمساءلة، ومنع حدوث أخطار نظامية (systematic risks). أما على مستوى قطاع الأعمال، فأدركت شركات كثيرة أن من الأجدى لها التركيز على تحقيق النمو المستدام (sustainable growth) وهذا لن يأتي إلا عن طريق تعزيز القيم والمنفعة المشتركة بين قطاع الأعمال والمجتمع (principle of shared value)، بدلاً من التركيز فقط على مبدأ تعزيز العائد على رأس المال. صحيح أن زيادة ربحية الشركات ستعود بالنفع على المساهمين وأصحاب رأس المال، لكنها لن تكون مستدامة على المدى المتوسط والبعيد، وستؤدي إلى أزمات وإلى ارتفاع معدلات البطالة وتعمق الفقر، ما لم تعمل الشركات على الربط بين نجاح أعمالها، وتقدم المجتمع الذي تتواجد فيه، خصوصاً أن للمجتمع حاجات تتعلق بشرائح الدخل كلها، وليس فقط حاجات الشركات، هي التي ستحدد المسار المستقبلي للعرض والطلب في الأسواق.
أدى التركيز على الربحية بقطاع الأعمال في دول الخليج، إلى تكثيف استخدام اليد العاملة الوافدة المدربة والرخيصة نسبياً بهدف زيادة الإنتاج وتعزيز العائد على رأس المال. لكن هذا النموذج أدى إلى مشكلات اجتماعية أهمها ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين وظهور نظرة سلبية تجاه رجال الأعمال الذين أصبحوا شبه معزولين عن المجتمعات التي يعملون بها. وأظهرت الاضطرابات التي تعرض لها بعض دول المنطقة، كيف أن الإنتاج والربح ضروريان، لكنهما ليسا كافيين لتحقيق النمو المستدام والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. فلا بد إذاً للقطاع الخاص من التركيز على زيادة استخدام اليد العاملة المحلية وتدريبها ومدها بالتأمين الصحي والاجتماعي كي تشعر بالاستقرار والأمان ويرتفع إنتاجها، بما يؤدي إلى تعزيز المنفعة المشتركة للشركة والمجتمع الحاضن لها.
وليس تعزيز المنفعة المشتركة للمجتمع والشركات عملاً خيرياً تقوم به المؤسسات، كما أنه ليس طريقة مبتكرة لإعادة توزيع الدخل على الشرائح الفقيرة من المجتمع، بل هو أسلوب تفكير وعمل جديدين يهدف إلى زيادة مشاركة المجتمع لتحقيق عائدات أعلى للاستثمار وليساعد الشركات على البقاء وعلى تحقيق النمو المستدام. ويجب للمنفعة المشتركة ألا تكون على هامش ما تقوم به الشركات، فهي ليست استقطاعاً لجزء صغير من الربح لصرفه على برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات (corporate social responsibility)، بل في صلب عمل الشركات وهدف رئيس تسعى إلى تحقيقه ليحل محل هدف تعزيز الربح والعائد على رأس المال.
يهدف اقتصاد السوق الاجتماعي إذاً إلى إعطاء الحكومة دوراً أكبر لتحقيق العدالة الاجتماعية بوسائل لا تخرج عن سياق اقتصاد السوق. وعلينا أن نفهم أن ما هو جيد للمجتمع هو جيد للأعمال، فلن يكون هناك نمو مستدام لمؤسسات القطاع الخاص، إلا إذا شعرت المجتمعات الحاضنة لهذه المؤسسات بكل شرائحها بأنها جزء فاعل في الدورة الاقتصادية وهناك منفعة مشتركة للمجتمع والشركات على حد سواء.
* رئيس مجلس إدارة «دويتشه بنك»
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.