يقود الداعية الإسلامي عمرو خالد، حملة تستهدف تجنيب الشباب اليمني الوقوع في أحضان الجماعات المتشددة مثل تنظيم «القاعدة»، فيما حذرت دراسة حكومية من خطر انتشار البطالة والإحباط في أوساط الشباب العاطل من العمل والمتسرب من المدارس، ما يشكل بيئة ملائمة ل «التنظيمات المشبوهة» لاستقطابه. وكان اتهام طالبة جامعية بالتورط في عملية الطرود البريدية المفخخة وقبلها استهداف شاب انتحاري لموكب السفير البريطاني في صنعاء، في نيسان (ابريل) الماضي، عززا مخاوف الجهات اليمنية والأجنبية من احتمال توغل تنظيم «القاعدة» لتجنيد فئات جديدة من الشباب والمراهقين مستفيداً من حال السخط وعدم الرضا الناتجين من تردي الأوضاع الاقتصادية وشيوع البطالة. وتشمل الحملة التي يقودها رئيس مجلس أمناء مؤسسة «رايت ستارت» الدولية، الداعية عمرو خالد وعدد من دعاة الإسلام المعتدل ثلاثة مجالات هي الإعلام والقيادات الشبابية والدعاة. وترمي الحملة التي انطلقت الأسبوع الماضي وتستمر سنة، إلى خلق حركة شبابية قادرة على مواجهة أفكار التطرف والعنف بالتوازي مع جهود الحكومة. وسيخضع عشرات الشباب لتدريبات تمكنهم من تشكيل قاعدة مستنيرة تنخرط في أوساط الناس واقنية الاتصال والمساجد لنشر ما يسمى بالوجه المشرق للإسلام. كما ستنظم ندوات عامة للشباب اليمني المستعد لمواجهة الفكر المتطرف. وبحسب دراسة حديثة أعدّتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن شريحة كبيرة من الشباب يمكن أن تصنّف ضمن الشباب المعرّض للمخاطر. وذكرت الدراسة أن كثيراً من الشباب يعاني من الإحباط والفراغ الكبير وعدم القدرة على استثماره في شيء مفيد مع صعوبة الحصول على فرص لتنمية المهارات. ويسهل ذلك الواقع من امكانات استقطابه وانخراطه في سلوكيات ضارة أو الانضمام إلى تنظيمات مشبوهة أو جماعات متشدّدة تمثّل أحياناً لبعضهم المخرج الوحيد لمشاكلهم. وذكرت الدراسة التي تناولت أوضاع الفقراء في عدد من المحافظات «أن كون المجتمع اليمني مجتمعاً فتياً يمكن أن يعوّل عليه في بناء المستقبل لا يتوافق مع الأوضاع الراهنة للشباب وبخاصةً في المجتمعات الفقيرة، حيث غالبية الشباب إما في المرحلة الثانوية أو ممن تسرّبوا سابقاً، يبحثون عن عمل ويجدون في القات المتنفّس الوحيد لقضاء أوقاتهم، ويعيشون في مجتمعات فقيرة وقليلة الإمكانات وتندر فيها الفرص التدريبية والوظيفية». وأوضحت الدراسة أن محاولات الشباب البحث عن فرص عمل لا تكلّل غالباً بالنجاح بسبب غياب المؤسّسات المناصرة للشباب وتدنّي جودة التعليم ومخرجاته وتسرّب الكثير من الشباب قبل إكمال تعليمهم وقلة فرص التعليم المهني والعالي والمتوسّط خصوصاً في المجتمعات الريفية. وكانت مبادرة شبابية نشرت عشية انعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن وضعت الفقر في صدارة قائمة التحديات التي تواجه جهود الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب يلي ذلك انتشار الفساد داخل أجهزة الدولة وضعف أداء الحكومة في مكافحة الإرهاب وعجزها عن فرض سلطتها على كل اراضي اليمن. وقال معظم المشاركين في المبادرة التي ضمت ما يزيد عن 200 شاب وشابة انهم مع أن يأتي دعم اليمن من دول الخليج والدول العربية والإسلامية لتشككهم في نيات الدول الأجنبية. واعتبر المشاركون غياب العدالة في تعامل الحكومة مع مواطنيها وسيطرة القبائل وانتشار السلاح وسهولة الحصول عليه وانحراف البعض عن مبادئ الشريعة والتأثير السلبي لبعض رجال الدين وشيوخ القبائل وغياب البرامج الاجتماعية، من الأسباب التي تحد من نجاح جهود مكافحة الإرهاب. وهناك من يبدي تهكماً وسخرية من الاوضاع التي آلت إليها قضية التطرف والإرهاب في اليمن. وبحسب انتصار غانم (32 سنة) فإن قضية الإرهاب و«القاعدة» على وجه الخصوص باتت تجارة رابحة لكل من الحكومة وبعض مؤسسات المجتمع المدني. وتؤكد غانم أن الحل الناجع لمشكلة التطرف يتمثل في إيجاد تعليم حديث وإدارة حكومية متطورة تعمل تبعاً للقانون وليس وفق الولاءات واللعب بورقة الدين. وتقول ان «مشكلة السعيدة (وتعني اليمن) مردها الى اللامساواة الصارخة في توزيع الثروة». وتلفت إلى ما تظهره الإحصاءات المنشورة اذ ان خمس السكان يحصلون على 49 في المئة من إجمالي الدخل ويستهلكون ما نسبته 41 في المئة من الاستهلاك. بينما البقية التي تحصل على ادنى مستويات الدخل لا تحصل سوى على 6 في المئة من إجمالي الدخل وتستهلك 8 في المئة من اجمالي الاستهلاك. والحاصل أن تعدد المنظورات الشبابية لقضية الإرهاب هو جانب من مشكلة عامة وأزمة بنيوية تعانيها ثقافة التعاطي مع قضايا البلد. ففي اليمن لا تزال الفوارق الثقافية بين مناهضي الإرهاب ومؤيديه، طفيفة جداً.