موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة باجتماع مجلس الدفاع المشترك.. تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين دول التعاون    388.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    تعزيز تنافسية بيئة الأعمال    22 اتفاقية استثمارية في المنتدى السعودي – الإيطالي    زيارة تاريخية تصنع ملامح مرحلة جديدة    حماس تعلن تسليم جثة أسير إسرائيلي.. نتنياهو يحذر من خرق اتفاق وقف النار    «حقوق الإنسان» تطالب بالتحقيق في استهداف «عين الحلوة»    إنزاغي: استمرار الفوز هو الأهم بالنسبة لنا.. وليو مبدع معنا    كورنيش جدة يحتضن مسيرة ترحيبية لنجوم بطولة العالم للراليات    المملكة وإيطاليا يوقعان مذكرة تفاهم في المجالات الرياضية    تعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة المالية و«إستراتيجية التخصيص»    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    أزمة اللغة بين العامية والفصيحة    المسرح الشبابي    «مركز الموسيقى» يحتفي بإرث فنان العرب    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    غزال يقتل أمريكية أنقذته    جورجية تفقد النطق بسبب السجائر الإلكترونية    رئيس مجلس النواب اللبناني: اعتداء «إسرائيل» على الضاحية مؤشر على احتمالية التصعيد    القبض على سوداني في الرياض لتحرشه بامرأتين    المملكة تستعرض إستراتيجيتها لتمكين المرأة خلال القمة العالمية للصناعة بالرياض    الصادرات غير البترولية تقود نمو التجارة السلعية للمملكة    صادرات الثروة الحيوانية تتجاوز 8.4 مليارات ريال    محافظ الأحساء يزور «معسكر وِرث» ويطلع على البرامج التدريبية العملية والنظرية    الملحقية الدينية بسفارة المملكة لدى نيجيريا تختتم المسابقة الوطنية لتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره    وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة صدور موافقة مجلس الوزراء على نظام الرياضة    التضخم يتراجع إلى 1.7% في 2026    ترامب: نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا    الهلال يتفنن برباعية على حساب الشرطة العراقي    الاتحاد الأوروبي يقر برنامجا دفاعيا جديدا يعزز شراكته الصناعية مع أوكرانيا    هدنة غزة تحت تهديد بطء التنفيذ واستمرار سقوط الضحايا    غدًا.. جدة تستضيف الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات «رالي السعودية 2025» للمرة الأولى في تاريخ المملكة    دعم مشروع القائد ورؤيته التي تعمل على استقرار العالم    السفير المالكي يقدم أوراق اعتماده لرئيسة جمهورية الهند    الهيئة السعودية للمياه، تفعل اليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية بمشاركة أمانة الشرقية    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    رسائل غير مرسلة    أمير جازان يبحث تعزيز الخدمات والتنمية الأمنية ويستقبل قيادات صندوق الشهداء والشرطة    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    الحقيقة أول الضحايا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيطالي العلاقات الثنائية    الشؤون الإسلامية في جازان تُشارك في اليوم العالمي للطفل    اتفاقية صحية لرفع جاهزية بنوك الدم وتوسيع نطاق حملات التبرع    وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 22 لمجلس الدفاع الخليجي المشترك    مركز الملك سلمان للإغاثة يُنظِّم معرضًا لإبراز الجهود الإنسانية للمملكة في اليوم العالمي للتوائم الملتصقة بنيويورك    روسيا تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي    رئيس وزراء تايوان: "العودة" للصين ليست خيارا للشعب التايواني    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    الأطفال يتابعون الصقور عن قرب    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    الجوف.. مواقع تاريخية تجذب الزوار    117 دقيقة لأداء العمرة    زراعة أصغر منظم قلب لمولودة تزن 2 كجم    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكنولوجيا لم تخطف بريق الصورة الفوتوغرافية
نشر في الحياة يوم 24 - 10 - 2010

يقول الروائي الروسي ايفان تورغينيف (1818 - 1883) في روايته «آباء وأبناء»، أن الصورة الواحدة قد تعرض ما لم يستطع كاتب أن يقوله في 100 صفحة. ونظراً لأهميتها تحتل اليوم حيزاً مهماً في حياة الشعوب لما لها من دلالات وأفكار ورسائل.
وتلعب الصورة دوراً مهماً في الحروب وفي إبراز الحالة الاجتماعية الصعبة، كما حصل مع الفيتنامي نك أوت عام 1972، حين صوّر مواطنته كيم فوك (9 سنوات آنذاك)، هاربة من بلدتها بعد هجوم بقنابل النابالم شنه الجيش الأميركي، وكيف استطاعت هذه الصورة أن تكون أحد أسباب إيقاف الحرب، وفاز عنها بجائزة بولتزر. إضافة إلى صورة الطفلة السودانية التي يقبع خلفها نسر ينتظر هلاكها من الجوع ليلتهمها إبان المجاعة التي حلت بالسودان في بداية تسعينات القرن الماضي.
مرّت الصورة عبر التاريخ بتطورات عدة، من الرسم على جدران الكهوف الى التصوير الضوئي مطلع القرن الثامن عشر، الذي تطور في ما بعد لتدخل الصورة زمن النيغاتيف، ومن ثم تتحوّل الى رقمية، وبات المصور ركناً أساسياً في حالتي السلم والحرب وفي حالات الفرح والحزن والاستقرار والكره والخيانة.
التطور الذي عاشته الصورة الفوتوغرافية، رافقه تطور تكنولوجي وإزدهار السينما وانتشار البث الفضائي والانترنت وتصوير الفيديو، وتزويد الهواتف المحمولة بكاميرات ذات تقنية عالية، وظهور الصور ثلاثية الأبعاد.
استطلعت «الحياة» آراء خمسة مصورين فوتوغرافيين من سورية ولبنان والسعودية ومصر واليمن حول قدرة الصورة على الصمود في زمن الفيديو والبث المباشر، والى أي حد هي قادرة على تقديم الحقيقة، أم أنها تقدمها منقوصة، والى أي مدى يحد ال «فوتو شوب» من مصداقيتها، وهل التصوير بكاميرا الهاتف المحمول هو فعلاً فن أم تصوير استهلاكي، وهل يستطيع المصور أن يتحكم بالشخص الذي يصوره.
يرى المصور السوري مظفر سلمان أنه يجب التمييز بين ثلاثة أمور رئيسة، فاللوحة تملك ثلاثة أزمنة الماضي والحاضر والمستقبل، أما الصورة السينمائية فهي صورة مسقبلية إذ أننا لا نستطيع الوقوف عند لحظة معينة في الفيلم، فنحن دائماً في انتظار اللحظة التي تليها، في حين أن الصورة الضوئية تملك فقط زمن التقاط الصورة.
من هذه الفروق الجوهرية يأتي تفرّد كل نوع ولا يحل واحد مكان الآخر، خصوصاً أن الكثافة الزمنية التي نجدها في الصورة الفوتوغرافية كبيرة جداً وذلك يعود الى معادلة بسيطة وهي أن الذاكرة تتناسب طرداً مع البطء، والنسيان يتناسب مع السرعة، مثل الذي يقود دراجته مسرعاً يريد الهروب والنسيان على عكس الذي يتمشى رويداً رويداً يتذكر ويعود الى أدق التفاصيل، كما يوضح سلمان.
ويقول الفنان السوري أن للصورة خمسة أبعاد هي الطول والعرض والعمق والمكان والزمان، ومن هنا تأتي قدرة الصورة الضوئية على إخبار قصة ما، مشيراً الى أن كل ذلك يعتمد على مصور مثقف.
ويضيف سلمان أن البرامج المساعدة مثل ال «فوتوشوب» تستخدم كوسيلة لدعم الصورة، وفي هذا الموضوع لا يوجد شيء جديد فمنذ بدء التصوير كانت هناك الغرفة المظلمة المخصصة لتظهير الأفلام وطباعتها وهي عبارة عن غرفة كبيرة للفوتوشوب، حيث كان المصور يستطيع أن يفعل أي شيء تقريباً من تعديل الإضاءة وقص كادر الصورة والتلوين ورسم بعض الملامح في الوجه وحتى قص عنصر كامل من وسط الصورة ولصق عنصر آخر.
أما بالنسبة الى زاوية التقاط الصورة، فيرى سلمان أنها تلعب دوراً أساسياً، ويعود ذلك الى رؤية المصور وطبيعة الحدث الذي يصوره من دون وجود قاعدة ضابطة، علماً أن الزاوية الواسعة تميل أكثر الى مصداقية أعلى في نقل الحدث تلقائياً بسبب اتساع زاوية الرؤية، وكلما كانت الصورة أقرب فان المصور يميل هنا أحياناً الى فرض وجهة نظره أكثر، بتركيزه على شيء وعزل شيء آخر.
وتساعد الصورة بالأبيض والأسود سلمان على تحديد المعنى والوصول الى الفكرة من دون الضياع في التفاصيل اللونية التي في كثير من الأحيان تكون جذابة. ويضيف: «وعلى رغم أن التصوير الملون هو دليل مصداقية أعلى في الصور الصحافية، بيد أنني لا أرى الحياة ملونة أبداً خصوصاً في مدينة مثل دمشق التي تميل ألوانها الى الرماديات من واجهات البيوت الى ملابس الناس الى ألوان السيارات، الى الحدائق النادرة، فاختيار الأسود والأبيض في هذه المدينة، جزء مهم من الحقيقة».
في المقابل، يعتبر المصور اللبناني وائل اللادقي أن للصورة الفوتوغرافية خصوصية تميّزها كونها جامدة تلتقط التعبير والإحساس. ويرى أن عصرنا هو عصر المرئي وليس عصر المكتوب، وعلى رغم ذلك نلحظ أن تأثيرها على المتلقي إيجاباً أو سلباً أكثر بكثير من الفيديو، ومما لا شك فيه أن ثمة مواضيع عدة تتميز فيها الصورة الفوتوغرافية عن الفيديو والعكس صحيح.
ويشير اللادقي الى أن التطور الذي نشهده في جميع المجالات له حسناته وسلبياته، فالتصوير الفوتوغرافي في زمن النيغاتيف كان له مصداقية أوسع وتقنيّة أصعب، أما اليوم فتقنية الديجيتال والفوتوشوب جعلت من التصوير الفوتوغرافي سهل المنال للبعض وهواية متاحة للجميع، أما في السابق كانت فقط في متناول البورجوازيين. ويضيف: «أما بالنسبة الى مصداقية الصورة فهي أساس لا ريب فيه، إذ من غير المسموح أن نغيّر، أو نعدّل أو نضيف في أساس الصورة، خصوصاً إذا كنّا نتكلم عن الصورة الصحافية، وأجزم أن المحترفين جميعاً متفقون على عدم التلاعب بمعالم الصورة». ويوضح أن التصوير بكاميرا الهاتف هو تصوير استهلاكي وشخصي وفردي، ومجرد تقنية كنا نفتقدها في السابق.
ويتابع اللادقي أن للمصور الحق في التحكم بالشخص لمصلحة الصورة لكي يبرزه بالطريقة الأفضل، فالزاوية التي يراها المصور لها تأثير كبير، وهذا ما يُميز عين عن أخرى، ويشدد على أن يمتلك المصور خلفية ثقافية منوّعة ليلتقط صوراً مختلفة لموضوع واحد، وأن يتمتع المصور بحرية وضع الشخص الذي يلتقط له الصور في أي مكان يريده.
وفي سياق متصل، لا تُفرّق المصورة السعودية سوزان اسكندر بين الصورة الفوتوغرافية والفيديو، وتعتبرهما وجهان لعملة واحدة، بيد أنها تميل أكثر الى الفوتوغرافيا، خصوصاً أن الصورة أبلغ من ألف كلمة، وهي اللغة التي تعرفها كل الشعوب على حد قولها.
وتوضح سوزان أنها مع استعمال ال «فوتو شوب» في الصور لأن المشاهد يُفضّل الحصول على صورة فنية مميزة، مشيرة الى أن التصوير بكاميرا الهاتف هو فن أيضاً، خصوصا إذا راعى العناصر الأساسية للصورة كالتكوين والزاوية والألوان وخطوط الإرشاد...
وعما إذا كان المصور يستطيع أن يتحكم بالشخص الذي يصوّره، تشير المصورة السعودية الى أنه كلما كان الشخص الراغب في التصوير مرتاحاً ومقتنعاً بأهمية الصورة الجميلة، انعكس ذلك على ملامحه وأثر في جمال الصورة.
وترجع سوزان استخدام الأبيض والأسود في الصورة الى الهدف المراد منها، وغالباً ما تستعملهما في صور البورتريه خصوصاً للكبار في السن لإبراز قسوة الزمن وقوة التجاعيد في الوجه.
يختلف المصور اليمني جميل سبيع مع سوزان اسكندر، ويعتبر أن عالم اليوم صادر الكثير من الصورة كما هو الحال مع الكتاب، لذلك نجد موقعها بات ثانوياً على حد قوله، بيد أنها «ما زالت قادرة على إخبار قصة وإن حلت ثانياً أو ثالثاً بعد التلفزيون والإنترنت الذي بدأ يزيح الصورة ليحل محلها الفيديو».
ويرى أن ال «فوتو شوب» برنامج تحسين يساء استخدامه، ومشكلته عندما يتحوّل إلى برنامج تعديل وتحوير، ويذكر عندما قام أحد مصوري وكالة إعلامية عالمية بصنع أدخنة متصاعدة في سماء بيروت محاولاً إظهارها بغير ما كانت عليه.
ويوضح أن عدسة الكاميرا لها تأثير كبير على من يقف أمامها، وبالتالي فإن من يحملها يقتصر دوره على التفنن في التقاط اللحظة والزاوية المناسبة، ويُفضّل الصورة بالأبيض والأسود لما فيها من سحر، ربما لأنها ارتبطت في مخيلتنا بالرجوع إلى الماضي.
وفي سياق متصل، يعتقد المصور المصري أحمد كامل تنافسية بين الوسائط المختلفة، فظهور وانتعاش أحد الوسائط في فترة زمنية قد يؤثر سلباً على حضور وسيط آخر. ويرى أن التكنولوجيا قد تأخذ من الفوتوغرافيا سحرها التقني وتساعدها أحياناً الى الاقتراب من الخيال، والابتعاد عن فكرة واقعية الصورة الفوتوغرافية، ولكن على الجانب الآخر تضرب جوانب أخرى متعلقة في المحتوى.
الجانب الفكري والفلسفي وأيضاً البصري، إضافة الى البعد الاجتماعي والسياسي والخلفية الثقافية في لحظة ما، ووضع الصورة في سياق منطقة الاهتمام لدى الفنان ثم طريقة توظيفها وعرضها، هي مؤشرات أهمية صورة ما، في حين أن دور التقنية الأساسي هو في خدمة هذه العناصر السابق ذكرها على حد قول كامل.
وعلى جانب آخر يوضح أن الفوتوغرافيا في الهواتف النقالة قد تكون في بعض الأحيان وثيقة لإدانة ضد فرد أو نظام.
وبحسب رأي المصور المصري قد يسلك الفنان طريقاً يضع فيه وجهة نظره في شكل ذاتي أو طريقاً ثانياً يحاول فيه الوصول الى أكبر قدر ممكن من الحيادية أو يسلك ما بين الطريقين، موضحاً أنه في التصوير الصحافي لا يوجد هذا القدر من المرونة، خصوصاً أن الصورة الصحافية أكثر واقعية وأي تلاعب بها هو إخفاء للحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.