يجري الرئيس الفلسطيني محمود عباس مشاورات داخلية حول الخيارات الفلسطينية لمرحلة ما بعد «مهلة الشهر» التي منحتها القمة العربية في مدينة سرت الليبية للإدارة الأميركية للعمل على حمل إسرائيل على تجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وبحسب مسؤولين فلسطينيين فان الأفق مفتوح على سلسلة من الخيارات يتصدرها نجاح الجانب الأميركي في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان ليصار الى إعادة الجانبين الى المسار التفاوضي. ويرى الرئيس عباس أن هذا الخيار هو الأفضل والأكثر راحة وعملية للجانب الفلسطيني. وقال مسؤول رفيع ل «الحياة» إن الرئيس الفلسطيني يعتمد في ذلك تكتيكاً يقوم على «التفاوض في كل يوم لا يجري فيه بناء في المستوطنات». وأضاف: «نحن مقتنعون تماماً بأنه لا يوجد فرصة لتحقيق أي نجاح في هذه المفاوضات مع نتانياهو، لكن في الوقت ذاته لا نريد أن نظهر بمظهر الرافض. علينا استغلال الزخم الدولي في العمل من أجل وقف الزحف الاستيطاني اليومي، وإذا ما تحقق ذلك فانه سيعد إنجازاً مهماً يمهد للمراحل اللاحقة التي قد تحمل لنا حكومات إسرائيلية أكثر تفهماً للحاجة الى حل تاريخي يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 الى جانب إسرائيل». وزاد هذا المسؤول قائلاً إن «المفاوضات الأولية التي أجريناها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بيّنت انه لم يتغير، وانه ما زال يحمل موقفاً ايديولوجيا يسعى لتحقيق هدفه القديم المتمثل في أرض إسرائيل الكبرى والقائم على تهويد كامل الأرض الفلسطينية، وتحويل التجمعات الفلسطينية الى جزر معزولة بالمستوطنات، وصولاً الى محو الهوية الفلسطينية». وتعتقد مصادر غربية حسنة الاطلاع أن الإدارة الأميركية ستنجح في نهاية المهلة الممنوحة لها في حمل إسرائيل على تمديد تجميد البناء في المستوطنات لفترة معينة غير طويلة، لكنها ستدفع ثمناً كبيراً لإسرائيل مقابل ذلك على شكل ضمانات سياسية مهمة. وقال مسؤول غربي ل «الحياة» إن نتانياهو مستعد لإعلان تمديد تجميد الاستيطان غداً ومن دون تكلفة داخلية كبيرة، لكنه يجعل من الأمر قضية كبرى كي يحصل على تنازلات مهمة من الجانب الأميركي. وفي حال عدم تحقيق ذلك فان الجانب الفلسطيني يدرس سلسلة من الخيارات منها التوجه الى مجلس الأمن للمطالبة باعتراف دولي بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 67، ومطالبة إسرائيل بإخلاء المستوطنات. ويرى مسؤولون فلسطينيون أن فرص نجاح هذا الخيار ضئيلة جداً نظراً الى الموقف المتوقع من الجانب الأميركي وهو استخدام حق النقض. ويفضل هؤلاء المسؤولين عدم حدوث أي صدام مع إدارة الرئيس باراك أوباما التي أظهرت نوايا جيدة تجاه الجانب الفلسطيني وأهدافه المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويحذر المسؤولون الفلسطينيون من أن فشل هذا الخيار، في حال اللجوء إليه، سيدخل العملية السلمية في جمود طويل يرجح أن يكون الجانب الإسرائيلي قادراً على التعايش معه بعكس الجانب الفلسطيني الذي سيعمل الجمود في اتجاه معاكس لمصالحه.