أستاذ الفقه في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان الدكتور عبدالعزيز الفوزان، استغرب الفوزان من بعض المفتين الذين يعمدون إلى التحايل على الأحكام الشرعية، وتطويعها لتتوافق مع أهواء الناس ورغباتهم، خصوصاً من يهمه أمره من قريب أو صديق، أو من يطمع في وصله من أمير أو وزير أو وجيه، مشدداً على أن ذلك يبيع دينه بعرض من الدنيا زائل، بل يبيع دينه بدنيا غيره على حد قوله. وتطرق إلى أن فئات من المتعالمين ممن جمعوا بين قلة الفقه ورقة الدين، واتباع الهوى، والإعجاب بالنفس، أخذوا يخوضون في أحكام الشريعة، ويفتون في كبار المسائل بلا حجة ولا دليل، ولا بينة ولا برهان، وإنما دليلهم هو ما يرونه من المصالح التي تدعو لها أهواؤهم الضالة وإراداتهم الفاسدة، فأباحوا كثيراً من المحرمات، وأنكروا كثيراً من المشروعات، لأنها بزعمهم خلاف المصلحة التي هي مقصود الشارع. أكد أن بعض القنوات الفضائية تتعمد استضافة من تعلم انحرافه من المتعالمين الأدعياء أو أهل البدع لتحقيق غاية سيئة في نفوسهم، أو تبرير بعض توجهاتهم المنحرفة. واعتبر أن أهم المشكلات التي تواجه الإفتاء الفضائي تخلي بعض كبار العلماء الذين يتطلع الناس للاستفادة منهم عن المشاركة في هذه البرامج الفضائية، إما تورعاً عنها لاعتقادهم بتحريم التصوير التلفزيوني ونحوه، أو لانشغالهم بحلقات التعليم في المساجد والجامعات. وقال في اللقاء العلمي الثالث «الإفتاء المباشر» الذي نظمته الجمعية الفقهية السعودية في كلية الشريعة في الرياض أول من أمس: «بسبب تعاظم فوضى الإفتاء بمختلف مسبباتها، وجدنا أن بعض الناس وربما بدافع من غيرتهم على الدين وأهله يحاربون الإفتاء الفضائي، ويشنعون من يسمونهم مشايخ الفضائيات، وينادون بمنع برامج الإفتاء الفضائية جملة وتفصيلاً، وهم بذلك يعالجون الخطأ بخطأ أشنع منه، وربما تسببوا في توهين عزائم بعض العلماء الثقات عن القيام بهذا الواجب العظيم». ولفت إلى أن الانفتاح الإعلامي وشدة الإقبال على برامج الإفتاء أديا إلى تسابق الفضائيات الإسلامية وغيرها إلى تبني هذه البرامج والترويج لها، فكثرت وكثر المفتون من المؤهلين وغير المؤهلين. وتابع: «ولئن كانت الفضائيات الإسلامية تدرك من حيث الجملة خطورة الفتوى، وأهمية اختيار المفتين الأكفاء، فإن الكثير من القنوات الأخرى لا تعير ذلك اهتماماً يذكر، وقد لا تجد من يتجاوب معها من الفقهاء الموثوقين، فتتعامل مع من دونهم علماً وورعاً، وربما تتعمد أحياناً استضافة من تعلم انحرافه من المتعالمين الأدعياء، أو أهل البدع والأهواء، لأجل تحقيق غاية سيئة في نفوسهم، أو تبرير بعض توجهاتهم المنحرفة، أو لإبراز رأي شاذ يسعون لتكريسه في المجتمع، وتوطين الناس على قبوله والتعايش معه». وأشار إلى أن العلماء أدركوا خطورة هذا المنصب وعلو منزلته، وعظيم شرفه، وشدة أثره على الناس، فجعلوا المفتي قائماً في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الأحكام، وتبيين الحلال من الحرام، بل جعله بعضهم موقعاً عن رب العالمين، وحاكياً لحكمه في ما يفتي فيه، فهو حين يفتي بإباحة شيء أو تحريمه أو إيجابه ليس يعبر عن رغبته وهواه، فدين الله ليس بالهوى والتشهي، وإنما يعبر عن حكم الله في ما يفتي فيه، وأن الله هو الذي أباحه أو حرمه أو أوجبه.