وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    مسكن لكل مواطن    انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية عند الإغلاق    المملكة الأولى في مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية    جامعة أم القرى تطلق هاكاثون عالمي في مؤتمر السلامة والصحة المهنية.    الحرب على غزة: 15 شهيداً.. 550 حالة اعتقال بينها 14 امرأة و52 طفلاً    أخضر الناشئات يختتم معسكر الدمام    الفتح يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الوحدة    الفحوصات الطبية تكشف عن إصابة صهيب الزيد بقطع في الرباط الصليبي    تحديد موقف ليفاندوفيسكي من مواجهة إنتر ميلان    القيادة تتلقى دعوتين من أمير قطر لحضور القمة العالمية للتنمية الاجتماعية    أمير تبوك يثمن جهود جمعية «أصدقاء»    وزير الرياضة يستقبل أبطال «نخبة آسيا»    القبض على (31) لتهريبهم (792) كيلوجرامًا من "القات"    غبار الرياض.. ظاهرة موسمية    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر "مسير" لتعزيز البحث العلمي والشراكات الأكاديمية    مشاهد من مؤتمر أعاد تعريف الاتصال والإعلام    مليون و250 ألف زائر ل"جسور" في جاكرتا    محاضرات لتعزيز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    خمسة ملايين وفاة سنوياً من الاستخدامات الخاطئة للمضادات    12024 امرأة يعملن بالمدن الصناعية السعودية    ممنوع اصطحاب الأطفال    النزاعات والرسوم الجمركية وأسعار النفط تؤثر على توقعات اقتصاد دول الخليج    ميزانية السعودية تسجل 263.6 مليار ريال إيرادات    "الدعم السريع" يلجأ للمسيّرات بعد طرده من الخرطوم ووسط السودان    الهند وباكستان تصعيد جديد بعد هجوم كشمير    تركي بن هذلول: خدمة الحجاج شرف خصه الله بالمملكة حكومةً وشعبًا    وزارة التعليم وموهبه تعلنان انطلاق أولمبياد الفيزياء الآسيوي    أمير الجوف يدشن مدينة الحجاج والمعتمرين    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا    العشاء: عادة محببة أم عبء اجتماعي؟    حرس الحدود يختتم معرض "وطن بلا مخالف" في جازان    وزير الداخلية يدشن مشروعات متطورة في المدينة المنورة    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    محافظ صبيا يتفقد الاستعدادات لمهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في نسخته ال21    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    الملك وولي العهد يتلقيان دعوتين من أمير قطر لحضور القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    هيئة فنون العمارة والتصميم تختتم المنتدى الأكاديمي للعمارة والتصميم بنسخته الثالثة    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    سعد البريك    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    عندما يصبح الهجوم على السعودية سلعة مربحة    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير أفغانستان فيتنام أميركية ثانية؟
نشر في الحياة يوم 29 - 08 - 2010

بعد أن هزم الإسكندر المقدوني جيش ملك الفرس داريوس عام 331 قبل الميلاد، كتب في رسالة لوالدته واصفاً مقاومة سكان ما يعرف الآن بأفغانستان بأنهم «شجعان ويقاتلون كالأسود». وأفغانستان، على رغم كونها كانت ممراً لغزاة، مثل جنكيز خان وتيمورلنك، إلا أن أياً منهم لم يستطع الاستقرار في سيطرته هناك، وحتى العرب عندما فتحوا بعض مناطق الغرب الأفغاني والوسط واجهوا ارتدادات سريعة نحو البوذية، ولم يستقر الإسلام في قلوب الأفغان سوى عندما دخل سلماً، فيما دُحِرت القوات البريطانية، التي حاولت الامتداد من الهند شمالاً عبر حروب 1838 و1878 الأنكلو - أفغانية، في الحرب الأولى سيطرت أربع سنوات على كابول ولم تظفر في الحرب الثانية باحتلال وإنما بهيمنة رضي من خلالها ملك الأفغان بإدارة لندن سياسته الخارجية، حتى جاءت الحرب الثالثة في عام 1919 ليعلن بعدها الملك الأفغاني أمان الله خال نقض نتائج حرب 1878.
بين عامي 1979و 1989 كانت أفغانستان مقبرة للغازي السوفياتي ونذيراً بسقوط الإمبراطورية التي بناها ستالين منذ عام 1945. واجه السوفيات آنذاك عدم استقرار في سيطرتهم لأن القوى المقاومة كانت تمثل غالبية الجسم الاجتماعي الأفغاني، وكان الشيوعيون المحليون، المستلمون الإدارة الحكومية الأفغانية، واجهات سرعان ما سقطت بعد اكتمال الانسحاب السوفياتي في 15شباط (فبراير) 1989.
ظنَ الكثيرون أن التجربة الأميركية مع حرب 2001 ستكون في أفغانستان على عكس التجربة السوفياتية، وخصوصاً بعد أن أبدت قوات حكومة (تنظيم طالبان) مقاومة ضعيفة، ومع حصول واشنطن على دعم دولي (امتد من الغرب الأوروبي حتى موسكو) وإقليمي (نيودلهي - اسلام آباد - طهران) ومحلي أفغاني تمثَل في قوى «تحالف الشمال» التي ضمت فصائل من الطاجيك (27 في المئة من السكان) والهزارة الشيعة (9 في المئة) والأوزبك (9 في المئة)، لم يستطع الأميركيون تأمين الدعم من صفوف الأكثرية القومية الممثلة في البشتون الذين ينتمي إليهم حميد كارزاي الذي كان مقيماً حتى عام2001 في الولايات المتحدة.
على رغم الحالة البشتونية، كان وضع الأميركيين مستقراً منذ سقوط كابول في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2001 حتى آذار (مارس) 2006، وقد بدا في تلك الفترة أن الوضع العراقي، إثر احتلال بغداد من واشنطن في يوم 9 نيسان (إبريل) 2003، هو الأكثر اشتعالاً واضطراباً لدرجة أن الرئيس بوش قد قال في بداية عام 2006 أن العراق «هو الموضوع الرئيسي».
في ربيع 2006 بدأ نشاط (طالبان) يظهر عبر العمليات الانتحارية، ثم توسع في الأعوام الثلاثة التالية نحو سيطرة ميدانية وصلت الى 80 في المئة من الأراضي الأفغانية عدا المدن، ولو أن هناك مقاطعات بأكملها برهنت «طالبان» قدرة على إسقاط مدنها ومديرياتها ثم الانسحاب بعد أيام نحو الريف والجبال.
الوضع العراقي بدأ يميل لهدوء نسبي في فترة 2007-2010 بعد أن اتجهت البيئة الحاضنة للمقاومة العراقية نحو الاشتراك في «العملية السياسية» التي دشنَها الحاكم الأميركي بول بريمر عبر إنشاء ما سُمِي ب «مجلس الحكم» في تموز (يوليو) 2003، فيما ظل الرباعي («حزب الدعوة»، «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية»، والحزبان الكرديان بزعامة البرزاني والطالباني) يعطي «العملية السياسية» غطاءً يمثل غالبية الجسم الاجتماعي العراقي.
هذا الشيء لم يستطع تأمينه «تحالف الشمال» ولا كارزاي خلال السنوات الفاصلة عن عام 2001 في أفغانستان، إذا لم يكن العكس هو الصحيح، حيث كان تفكك «الجمعية الإسلامية» (وهي التنظيم الرئيسي للطاجيك) بين الجنرال محمد قاسم فهيم والدكتور عبدالله عبدالله ظاهراً في انتخابات 2009، وهو ما زعزع «العملية السياسية» الأفغانية خصوصاً مع عدم قدرة كارزاي على تأمين دعم يذكر من البشتون، وفي ظل الفساد والمحسوبية وانعدام الكفاءة المتهم بها كارزاي ومن حوله.
كان فشل المقاومة العراقية ناتجاً من أن حاضنتها الاجتماعية تمثل أقلية، ثم عن اتجاه هذه الحاضنة نحو موقف آخر منذ عام 2007 وهو ما ظهر بوضوح في الانتخابات المحلية عام 2009 والبرلمانية في 2010. في أفغانستان، كان وضع (طالبان) مختلفاً إذ بقيت السنوات للاحتلال الأميركي، تتمتع باحتضان كبير من غالبية الجسم الاجتماعي الأفغاني ممثلاً في قومية البشتون، وبتفكك خصومها في «العملية السياسية» وعدم توحدهم، إضافة إلى عامل جديد هو استطاعتها تأمين رديف اجتماعي باكستاني قوي عند الحدود ممثلاً في (طالبان باكستان) التي استطاعت خلال العامين الماضيين أن تضع حكام اسلام آباد في الزاوية الحرجة، هم الذين اختاروا صف واشنطن منذ 11 أيلول (سبتمبر) 2001 ضد حليفهم السابق (طالبان أفغانستان).
من هنا، كانت محاولة واشنطن خلال الفترة القريبة الماضية، على الأقل منذ بداية عهد أوباما، تأمين حل سياسي «ما» مع «طالبان» ذي طابع جدي، ويقال إن هناك وساطات إقليمية أجريت وتجري في هذا الاتجاه، وخصوصاً بعد فشل مساعي شق «طالبان»، وهو ما يعبر عن يأس أميركي كبير من «العملية السياسية» الأفغانية، فيما كانت المفاوضات الأميركية مع المقاومة العراقية لا تتسم بالجدية في فترة 2006-2007، ثم لم تعد واشنطن مهتمة بها.
عانت واشنطن في عام 1963، الذي شهد انهيار اتفاقية جنيف لعام 1954 المكرسة لتقسيم فيتنام، من وضع شبيه، مع نشوب الاضطرابات الداخلية وبدايات تحرك المقاومة المسلحة الشيوعية ضد النظام الموالي لواشنطن جنوب فيتنام برئاسة (نغو دينغ دييم) الذي كان يعاني من الصراعات الداخلية وعدم رضا المجتمع والرهبان البوذيين. لم يؤد اغتيال (دييم) في انقلاب 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963 إلى استقرار الأمور في سايغون لمصلحة واشنطن.
كان الاضطراب الفيتنامي الجنوبي طريقاً إلى تورط مئات آلاف الجنود الأميركيين منذ آب (أغسطس) 1964 لمنع سقوط جنوب فيتنام بأيدي (الفيتكونغ) وداعميهم الفيتناميين الشماليين في هانوي. لم يستطع نظام الجنرال (نغوين فان ثيو) خلال الحرب الفيتنامية أن يكون ظهيراً قوياً في سايغون للقوات الأميركية حتى توقيع اتفاقية باريس(كانون الثاني/ يناير 1973) التي نظمت الإنسحاب الأميركي وأعطت حكومة مشاركة بين (فان ثيو) و (الفيتكونغ) في سايغون: خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 1975 استؤنف القتال في فيتنام الجنوبية. في 30 نيسان انهار حكم (فان ثيو).
هل ستتفادى الولايات المتحدة في كابول ما حصل في سايغون؟
* كاتب سوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.