مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    أكتوبر يجمع نجوم الصيف والشتاء في سماء عرعر    بحضور السواحه.. الطلاب السعوديون يحتفون بالبروفيسور عمر ياغي    مدرب الشباب: الحكم أهدى الأهلي ركلة جزاء    يايسله مدرب الأهلي: أداؤنا غير متوقع أمام الشباب    الشباب يخطف نقطة ثمينة من الأهلي في دوري روشن للمحترفين    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1,500) سلة غذائية في محافظة حماة بسوريا    زيلينسكي يعرض تزويد أميركا بآلاف المسيّرات مقابل صواريخ «توماهوك»    القبض على يمني لترويجه مادة الحشيش المخدر في عسير    رئيس مجلس الشورى يستقبل عددًا من رؤساء المجالس والوفود التشريعية الخليجية    مدرب نيوم: فريقنا غير جاهز حالياً للمنافسة على لقب الدوري السعودي    بنزيما يعتذر لجماهير الاتحاد    24 ألف وحدة سكنية باتفاقيات مع شركات صينية كبرى    الأخضر يتقدم في التصنيف العالمي    «الترفيه في العالم» تقدم رؤيتها المستقبلية في المعرض المصاحب ل Joy Forum 2025    روسيا تعلن القضاء على 10685 جنديا أوكرانيا خلال أسبوع    قريبًا.. كورنيش بيش بحلّة جديدة تواكب التطور وتحتفي بالجمال    وزير الصحة يختتم مشاركته في أعمال الدورة 72 للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    الذهب يتراجع من ذروة قياسية بعد تصريحات ترامب عن الرسوم الجمركية    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    ليلة طرب.. السلطان وموضي والطلاسي يشعلون حماس جماهير جدة    جمعية عطاء تواصل تنفيذ برنامج "نور قناديل" لتعليم الأمهات    "قوة عطاء" تتألق في مبادرة التوعية بسرطان الثدي ببوليفارد صبيا    سالم الدوسري يُعلق على جائزة الأفضل في آسيا    المنتدى السعودي للإعلام يعقد ورشة "جسور الإعلام" في كان    خطيب المسجد الحرام: العبد الموفق يعيش في خير لم يسأله ونعيم لم يتوقعه    خطيب المسجد النبوي: الدعاء سلاح المؤمن وسبيل الثبات في الشدائد    ابتدائية مصعب بن عمير تعقد لقاءً توعويًا مع أولياء الأمور حول اختبارات "نافس" والاختبارات المركزية    في أجواء أسرية بهيجة.. عقد قران المهندس خالد القحطاني    اختيار السغودية رئيسة للذكاء الاصطناعي عالميا    سخاء المدني أول سعودية متخصصة في طب الفضاء والطيران    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    هل استقام ظل لسلام الشرق الأوسط    سباق الذكاء الاصطناعي تنافس بلا خط نهاية يهدد التوازن العالمي    انطلاق أضخم الفعاليات الدولية في صناعة الضيافة بمشاركة رواد القطاع بالمملكة    النهائي يتجدد بين ألكاراز وسينر في "Six Kings Slam الرياض 2025"    الأسهم الاستثمارية تغري الآباء للاستثمار لأبنائهم    مجمع الملك سلمان يكرّم 12 فائزًا من 10 دول في مسابقة حَرْف    آل الشيخ ل"الوطن": المملكة تسعى لنشر الإسلام الوسطي المعتدل في شتى أنحاء العالم    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    14 عالماً من جامعة الفيصل ضمن قائمة ستانفورد لأفضل 2% من علماء العالم    إنقاذ حياة مريضة بتركيب صمام رئوي عبر القسطرة بدون جراحة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    مائة معلم سعودي يشرعون في دراستهم بالصين لاستكمال برنامج ماجستير تعليم اللغة الصينية    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    بوتين للشرع: حريصون على استقرار سوريا.. تعاون ومشاريع شراكة بين موسكو ودمشق    الفيلم السعودي «هجرة» يعبر إلى الأوسكار    موسم الرياض يطرح تذاكر «النداء الأخير»    ضبط مليوني قرص إمفيتامين بشحنة مكسرات    المرور السعودي: 6 اشتراطات لسير الشاحنات على الطرق    أنف اسكتلندي.. حبة بطاطا    البرد يرفع مستويات السكرفي الدم    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموقراطية كالطفل عليك رعايته... فقد يحبو إلى حتفه!
نشر في الحياة يوم 29 - 07 - 2010

أسوأ ما يمكن أن يتوهمه شعب من الشعوب هو الوهم القائل (والقاتل): بما أن الديموقراطية أصبحت «موضة» عالمية، فإنها آتية إليه حتماً... هكذا ببساطة وسلاسة!
هذا وهم خادع!
لا تأتي الديموقراطية الى شعب من الشعوب على طبق من ذهب. فلا بد من «زرعها» و «استنباتها» في البيئة المجتمعية المحلية، ثم رعايتها وتعهدها بالسقي. إلى أن يشتد عودها وتصبح شجرة خضراء ويانعة. وعند بلوغ هذه المرحلة لا بد من تشذيب وتهذيب وري الشجرة لتبقى ولا تتعرض للذبول... ولا بد من أن تباشرها قوى المجتمع المدني المحلي المعني، ولا فائدة من الاعتماد على «الخارج». فقوى الخارج «تتأرجح» بين مبادئها الديموقراطية ومصالحها الخاصة ومواقفها تتغيّر بحسب هذا «التأرجح».
أقرأ هذه الأيام تاريخ نمو وتطور الديموقراطية البريطانية، أعرق وأقدم ديموقراطيات العالم. وهي ديموقراطية علينا أن نتنبه أنها مورست داخل حدود بريطانيا فحسب، ولم يحرص عليها أصحابها في أرجاء الإمبراطورية الواسعة... التي لم تكن تغيب عنها الشمس... ولكنا لم نجد في أقطارها شروقاً لشمس الديموقراطية إلا بجهد شعوبها، ابتداء من حركة سعد زغلول في مصر، وحركة المهاتما غاندي في الهند، بين حركات أخرى...
ومن قراءتي لتاريخ الديموقراطية البريطانية داخل بريطانيا أصاب بالذهول... كم كانت تحتاجه الديموقراطية من قرون حتى ترسخ وتتعزز!
ومن حسن الحظ انه إذا كانت الديموقراطيات القديمة تحتاج إلى قرون كي تنمو، فإنها في أيامنا لا تستغني أقلها عن عقود لكي تنمو ويشتد عودها.
وعندما توجهت كل من الولايات المتحدة وفرنسا إلى «النظام الديموقراطي» بعد «الثورة الأميركية»، و «الثورة الفرنسية»، كانت قوى المجتمع المدني في كلا البلدين نامية تماماً، ومستعدة لحمل العبء الديموقراطي، وكانت البُنية التحتية الإنمائية فيهما متنامية وناضجة، وكان التكوين السياسي لهما كدولتين قويتين، قد اكتمل وتم احترامه...
وعودة إلى تاريخ نمو وتطور الديموقراطية البريطانية، التي شهدنا مؤخراً فيها عودة حزب المحافظين إلى استلام السلطة بعد تراجع قبضة العمال، نجد أن هذه الديموقراطية يمكن «التأريخ» لبدايتها مطلع القرن الثالث عشر الميلادي بإصدار الملك جون ل «الماغنا كارتا» – أي الميثاق الأعظم باللغة اللاتينية التي كانت سائدة في حينه – وذلك عام 1215 للميلاد ولم تكن «الماغنا كارتا» وثيقة ديموقراطية مكتملة، (وبريطانيا سارت على العُرف الدستوري، وليس لديها «دستور» كالدول الأخرى)، فقد كانت «الماغنا كارتا» تعاقداً سياسياً بين المؤسسة الملكية الحاكمة في بريطانيا وبين «البارونات» من ملاّك الإقطاعيات الزراعية حيث تعهد فيها الملك لأولئك بعدم زيادة الضرائب عليهم، إلا بعد موافقتهم إضافة إلى تأكيد تلك الوثيقة (التي يمكن قراءة نصها الكامل في موضعها الأبجدي من الموسوعة البريطانية) على مبدأ «حرية» الكنيسة واستقلالها وحرية التجار في التنقل واستيراد ما يريدون من بضائع حسب القوانين الجمركية المعتمدة.
كانت «الماغنا كارتا» بداية... وبداية فقط. ويلمس المرء من قراءته للتاريخ السياسي البريطاني إن الوثيقة لم تحسم الكثير. فقد طرأ نزاع كبير وحروب أهلية خطيرة بين المؤسسة الرسمية والبرلمان مدعوماً من القوى المؤيدة له، وتم إرسال «قادة المتصارعين» من الجانبين إلى ساحات الإعدام – بطريقة غير ديموقراطية! – ثم دخل القائد العسكري كرومويل في المشهد السياسي وأوقف العملية الديموقراطية لسنوات، ومن بعده استمر الصراع والشد والجذب ... ولم يصل، مثلاً، حزب العمال، الذي يمثل القوى العاملة في بريطانيا إلى السلطة إلا عام 1924 عندما شكل الزعيم العمالي المنتصر رمزي ماكدونالد، في الانتخابات البرلمانية، الحكومة للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا. وللمرة الأولى في تاريخها أيضاً، استطاعت المرأة البريطانية التصويت في الانتخابات العامة سنة 1928 وما زالت الديموقراطية البريطانية تنمو وتتطور! فهم ما زالوا «يتناقشون» هناك إن كان يجب انتخاب اعضاء «مجلس اللوردات»، أم تعيينهم بالوراثة؟!
ثم أن النظام الديموقراطي ليس مثالياً ولا طوباوياً وليس آتياً من «جمهورية» أفلاطون. ولأحد أبرز زعماء العمل السياسي في بريطانيا، وهو ونستون تشرتشل، مقولة شهيرة عن الديموقراطية، وهي أنها ليست أفضل نظم الحكم لكنها أقلها سوءاً!
فكل بديل حكم آخر يشمل من المساوئ أكثر مما تشمله الديموقراطية! وإذا كانت مجتمعات العالم الثالث تريد الديموقراطية فعليها أن توفر شروطها أولاً:
1- التأكّد من أن التنمية الاقتصادية، وإقامة ضروريات البُنية التحتية، وتنامي قوى المجتمع المدني قد بلغت درجةً من النضج تسمح بقيام نظام ديموقراطي، وهذا يدخل – مثلاً – في سر نجاح المشروع الديموقراطي الإصلاحي لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الذي تستعد بلاده لانتخابات الدورة البرلمانية الثالثة هذه الأيام، حيث نشهد ونكتب، إلى جانب الديموقراطيات الناجحة في عالم اليوم. والجدير أن هذا «الوعي» اقترب من أن يصبح «مسلمة» في المجتمع حيث كتب الكاتب البحريني القدير عبدالله المدني في روايته الجديدة «بولقلق» إشارة بهذا المعنى – نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص 90.
2- العمل على تقوية الدولة الحاضنة للديموقراطية. فلا يمكن للديموقراطية أن تنمو في دولة مضعضعة الأركان وما يحدث أمامنا في العراق يؤكد ذلك. و «الديمقراطيون» الذين يعملون على زعزعتها وإضعافها، يضعفون أهدافهم في الديموقراطية قبل كل شيء. وكان كاتب هذه السطور قد أشار إلى أهمية ذلك عندما أصدر كتابه (تكوين العرب السياسي) عام 1994، ص 191، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت. وكان المفكر المغربي الدكتور عبدالله العروي يشير قبل ذلك في أبحاثه القيمة إلى هذه الحقيقة وضمن هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أهمية ظهور «القائد التاريخي» الحريص على تنمية الديموقراطية في وقتها المناسب.
3- في المسيرة الديموقراطية، وحيث أنها تطبق في واقع البشر وظروفهم، يمكن أن تحدث «تراجعات» و «انتكاسات». لكن هذا أدعى إلى الاستمرار فيها واستنقاذها من التراجع عنها.
4- لا بد من الحذر في مجتمعات كمجتمعاتنا العربية والإسلامية، فبعض القوى أو معظمها، التي يدعمها «الشارع» وتثير غرائزه بتأثير الغيبيات أو المحرمات أو الهزائم، يمكن أن تصل إلى السلطة وتقضي على الديموقراطية من الأساس! حدث هذا في روسيا بعد الثورة على القيصرية، حيث استمرت تجربة ليبرالية جديدة فيها لمدة تسعة أشهر فقط، قبل وصول البلاشفة إلى السلطة، أما المثال الألماني الهتلري عام 1933 حيث نال الحزب النازي أغلبية برلمانية، باسم الديموقراطية فإنه أشهر من أن يُعرّف.
* كاتب من البحرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.