ظهرت الممثلة البريطانية العشرينية جيما أرترتون في أربعة أفلام سينمائية منذ مطلع العام 2010، وهي: «تصادم العمالقة» و «أمير الفرس» و «تامارا درو» المعروض في مهرجان «كان» الأخير، ثم «اختفاء أليس كريد». والطريف أن هذه الأعمال تختلف جوهرياً إلى حد كبير وتتأرجح بين المغامرات الخيالية العنيفة ثم العاطفة وأيضاً الإثارة والخوف، الأمر الذي يجعل من أرترتون ممثلة يصعب تصنيفها خصوصاً أنها تضيف إلى ذلك كله ظهورها في آخر أفلام جيمس بوند. في باريس التقت «الحياة» أرترتون وحاورتها: يبدو أن العام 2010 يشهد انطلاقتك السينمائية في سماء النجمات الدوليات بما أنك توليت بطولة أربعة أفلام ناجحة ومختلفة في مضمونها كلياً. حدثينا بالتالي عن أصلك وفصلك على الصعيد الفني؟ - أنا في الحقيقة أعيش حكاية أغرب من الخيال إلى درجة أنني في بعض الأوقات أعتبر نفسي في حلم على رغم أنني مستيقظة كلياً. تخرجت في مدرسة الدراما الملكية «رادا» في لندن في عام 2007 وعثرت فوراً على فرصة عمل فوق خشبة مسرح «غلوب» المرموق في مسرحية كلاسيكية لشكسبير. وقد كللت هذه التجربة الفنية الأولى بالنجاح إذ حصلت على الدور النسائي الأول في المسلسل التلفزيوني البريطاني «تيس دوربرفيل» المأخوذ عن الرواية الشهيرة التي ألفها توماس هاردي وحولها السينمائي رومان بولانسكي إلى فيلم سينمائي في عام 1976 من بطولة ناستاسيا كينسكي، بعنوان «تيس». وهنا أيضاً أسعفني الحظ من طريق نجاح الحلقات، الأمر الذي جعلني أحصل على دور ثان ولكن جيد في فيلم «كوانتوم أوف سوليس» الذي هو أخر أفلام جيمس بوند. وهنا لاحظني أهل هوليوود وبدأت أحصل على أدوار أساسية في أفلام أميركية مثل «تصادم العمالقة» ثم «أمير الفرس». وأنا أؤكد ما تقوله في سؤالك أن السنة الحالية تشهد انطلاقتي السينمائية الدولية. حضرت مهرجان «كان» الأخير لأن الفيلم البريطاني «تامارا درو» كان مرشحاً في مسابقته ولأنك بطلة هذا العمل المختلف تماماً عن أفلام المغامرات الأميركية التي ظهرتِ فيها. فهل هناك جيما أرترتون هوليوودية وثانية أوروبية؟ - يبدو فعلاً أن الأمر كذلك فأنا لم أمثل في هوليوود حتى الآن أي شيء سوى أدوار المغامرات، بينما راح السينمائي البريطاني الكبير ستيفن فريرز يمنحني بطولة فيلمه الرومانسي «تامارا درو» المأخوذ عن كتاب رسومات يروي مغامرات امرأة شابة تعود إلى القرية التي شهدت طفولتها فتدير رؤوس الرجال فيها من دون أن تتعمد ذلك إطلاقاً. ولا علاقة بين مثل هذا الفيلم وجيمس بوند ثم «أمير الفرس» أو «تصادم العمالقة». وأنا في غاية السرور أمام هذا التنويع الفني لأنه يناسب رغبتي المهنية ويتلاءم مع الطلبات التي أوجهها إلى وكيل أعمالي في شأن تفادي تخصصي في لون محدد. ولكن ما الذي حثّ المخرج ستيفن فريرز على إسناد بطولة فيلمه «تامارا درو» إلى ممثلة لمعت في أفلام من نوع المغامرات بدلاً من اختيار فنانة أثبتت وجودها في الميدان الرومانسي أصلاً؟ - أنت تنسى أنني أديت بطولة حلقات «تيس دوربرفيل» قبل أن تكتشفني هوليوود، وأن شخصية تيس في هذه الرواية في قمة الرومانسية. وأنا حصلت على أراء إيجابية جداً في حينه من النقاد غير الرواج الجماهيري الذي حققه المسلسل. ولا تتجاهل كون فريرز بريطانياً مثلي وليس من مخرجي هوليوود، والمسلسل في حد ذاته بريطاني أيضاً، واعترف لي فريرز بأنه شاهده واحتفظ بي في ذاكرته واعداً نفسه بالعمل معي في يوم ما. وقد أتى اليوم الموعود عندما قرر فريرز نقل رواية «تامارا درو» إلى الشاشة الكبيرة. هناك فيلم رابع تؤدين بطولته وهو «اختفاء أليس كريد»، وهنا تسخّرين موهبتك بنجاح في خدمة فيلم مخيف ومثير إلى أبعد حد. كيف وجدت نفسك في هذا المشروع؟ - أنا مدينة بكل صدق لوكيل أعمالي في ما يخص فوزي بدور البطولة في هذا الفيلم، لأن السينمائي جي بليكسون لم يرغب في لقائي بتاتاً ولا حتى من أجل إجراء اختبار أمام الكاميرا بخصوص الدور. فهو كان قد شاهد فيلم جيمس بوند واعتبر الأمر كافياً للحكم علي واعتباري غير مناسبة بالمرة للدور إياه. غير أنه كان يجدني جميلة أكثر من اللازم بالمقارنة مع الصورة التي كان قد كونها في ذهنه عن الشخصية المعنية، وهنا تدخّل وكيل أعمالي في المسألة وأكد للمخرج انني لا أمانع في تشويه مظهري بالماكياج إضافة إلى كوني قادرة على التنويع التام في الشخصيات التي أؤديها في السينما والتلفزيون والمسرح، ونصحه بلقائي قبل أن يحكم علي، مؤكداً له أنه سيندم على إضاعة فرصة ذهبية إذا لم يخصص ساعة من وقته الثمين لمقابلتي. وهذا ما حدث بالفعل إذ وافق بليكسون على لقائي نصف ساعة فقط ليرضي وكيل أعمالي باسم الصداقة التي تجمعهما منذ سنوات طويلة. وقد جئت إلى الموعد من دون ماكياج حتى لا أبدو جميلة أكثر من اللازم، وتصرفت بعد ذلك في شكل طبيعي جداً من دون أدنى مبالغة لا في الكلام مع بليكسون ولا في أداء المشاهد التي طلب مني تمثيلها أمامه والتي بدت صعبة إلى أبعد حد بما أن البطلة تقضي الفيلم كله مخطوفة ومحبوسة ومكبلة في غرفة صغيرة مظلمة. هل اقتنع بليكسون بك على الفور؟ - نعم، فهذا ما صرح به في ما بعد عندما أتصل بي ليعلمني أنه منحني الدور وقد استغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع، بينما لم يتفوه بكلمة واحدة عقب اللقاء مباشرة الأمر الذي جعلني واثقة كلياً بأنني فشلت في الاختبار. ومن ناحية ثانية كان وكيل أعمالي خلال هذه الفترة يشجعني ويطمئنني مؤكداً لي أن بليكسون يتيمز بمزاج صعب وأنه لا يترك لأحاسيسه العنان ولا يصرح بها أو يتركها تظهر بوضوح أمام الغير. وعلى العموم فأنا كدت أن أخسر الدور لأنني جميلة أكثر من اللازم. فجمالي الزائد ليس دائماً لمصلحتي. هل تميز تصوير الفيلم بصعوبة كبيرة؟ - نعم، خصوصاً أن بليكسون اختار تصوير العدد الأكبر من لقطات التعذيب في شكل متتال حتى أبدو فعلاً مضطربة نفسياً ومتألمة جسدياً. كنت أتدرب في البيت على أداء هذه المشاهد ولكن واقع التصوير كان يختلف لأنني مهما فعلت في منزلي لم أنجح في إعادة خلق جو «بلاتوه» التصوير. هل تركتْ هذه التجربة آثارها في نفسك؟ - أنا أقنع نفسي بأن هذا الدور مثل غيره وأن التنويع صلب مهنتي، ولكنني في النهاية تأثرت سلباً بحكاية الحبس وبالغطاء الذي كان يعمي عيني وبالرباط الذي كان يكبل يدي. وظهرت في لقطات جريئة جداً، وهو شيء لم يسهل علي الموضوع. أعتقد فعلاً بأنني لست مستعدة لمعاودة تجربة من هذا النوع، وعلى الأقل قبل مضي فترة زمنية طويلة، وغير ذلك أنا سعيدة بالنتيجة لأن الفيلم يتميز بنوعية ممتازة. أنت في فيلم «تامارا درو» تؤدين شخصية امرأة لجأت إلى الجراحة التجميلية. فهل تؤمنين شخصياً بهذه الطريقة من أجل تحسين المظهر؟ - أنت تسألني بوضوح عما إذا كنت قد لجأت شخصياً إلى الجراحة التجميلية أم إذا كانت المسألة سينمائية وحسب، أليس كذلك؟ أسألك عن رأيك في مدى ضرورة اللجوء إلى الجراحة التجميلية؟ - أنها عملية شخصية جداً تخص كل فرد بحسب مدى ثقته في نفسه ورؤيته لمظهره ولعيوبه. لا أسمح لنفسي بالحكم على غيري أو إعطاء أي نصيحة في هذا الخصوص، وعن نفسي فلم ألجأ إلى الجراحة التجميلية حتى الآن ولكنني لا أضمن ما الذي قد يحدث في المستقبل طبقاً لحالتي النفسية في مراحل العمر المختلفة. وعن دوري في «تامارا درو» فهو خيالي من الألف إلى الياء. عملت في «تصادم العمالقة» إلى جانب الممثل العربي الأصل مولود عاشور ومرة ثانية مع روجيه علام في «تامارا درو»، فهل تعرفين المنطقة العربية أو السينما العربية؟ - قضيت ثلاثة أشهر في المغرب لتصوير فيلم «أمير الفرس»، استطعت خلالها التعرف إلى كثيرين من ابناء البلاد وليس فقط من الذين عملوا في الفريق التقني للفيلم، فأنا بطبيعتي امرأة ذات فضول كبير، وكنت أنتهز أدنى فرصة خارج أوقات التصوير كي أطلب من الشركة المنتجة سيارة تقودني إلى مناطق بعيدة عن تلك التي كنا فيها، وكنت أزور وأكتشف وأتحدث بالإنكليزية مع الكثيرين، وعدت من المغرب بذكريات كثيرة متنوعة لا علاقة لها بالفيلم. وأنا سعيدة بهذه التجربة وهي الوحيدة لي حتى الآن في المنطقة العربية. أما عن علام وعاشور فهما يتمتعان بروح فكاهية حوض متوسطية أقدرها وتناسبني على رغم الاختلاف الجوهري بينهما في المزاج وفي العمر، ذلك أن عاشور لا يزال في العشرينات من عمره وفي بداية مشواره الفني على عكس علام الخمسيني الذي يعتبر من عمالقة المسرح البريطاني. أما عن السينما العربية فلا أعرفها جيداً في الحقيقة وأحتاج إلى من ينير ثقافتي في هذا الميدان.