محافظ الزلفي يطلق حملة الدين يسر    «تأشير» ل «عكاظ»: 200 مركز لخدمات التأشيرات في 110 دول    استمرار تأثير الرياح المثيرة للأتربة والغبار على الشرقية والرياض    «السياحة»: «الممكنات» يخلق استثمارات تتجاوز 42 مليار ريال و120 ألف وظيفة    «التعليم»: اعتماد حركة النقل الداخلي للمعلمين    فائدة جديدة لحقنة مونجارو    علامات ضعف الجهاز المناعي    السعودية تستضيف الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي    معرض برنامج آمن.. الوقاية من التصيُّد الإلكتروني    معادلة سعودية    رئيس الطيران المدني: إستراتيجيتنا تُركز على تمكين المنافسة والكفاءة    قطع السيارات والأغذية أكثر السلع.. تقليداً وغشاً    المملكة تجدد مطالباتها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيّين في غزة    عدوان الاحتلال.. جرائم إبادة جماعية    القوات الجوية تشارك في "علَم الصحراء"    المطبخ العالمي    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    الهلال يستضيف الفيصلي .. والابتسام يواجه الأهلي .. في ممتاز الطائرة    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    إنسانية دولة    مجلس الوزراء: 200 ألف ريال لأهالي «طابة» المتضررة مزارعهم وبيوتهم التراثية    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    وزارة البيئة والمياه والزراعة وجولات غير مسبوقة    أضغاث أحلام    الدرعية تكشف تفاصيل مشروع الزلال    تأثير الحياة على الثقافة والأدب    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    المجمع الفقهي والقضايا المعاصرة    دورة حياة جديدة    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    حضور قوي للصناعات السعودية في الأسواق العالمية    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل كرات الترافل بنكهة الليمون    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    أمانة المدينة تطرح فرصة استثمارية لإنشاء مدينة تشليح    عبدالعزيز بن سعد يناقش مستقبل التنمية والتطوير بحائل    الشورى يدعو «منشآت» لدراسة تمكين موظفي الجهات الحكومية من ريادة الأعمال    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    سورية.. الميدان الحقيقي للصراع الإيراني الإسرائيلي    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    مركز التواصل الحكومي.. ضرورة تحققت    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    مهمة صعبة لليفربول في (ديربي ميرسيسايد)    أمير الرياض يستقبل عددًا من أصحاب السمو والفضيلة وأهالي المنطقة    العين الإماراتي إلى نهائي دوري أبطال آسيا والهلال يودّع المسابقة    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوائم الثمانينات الذّهبية
نشر في الحياة يوم 01 - 04 - 2014

في أحد تأملات ميلان كونديرا في كتابه «لقاء. المركز العربي الثقافي» يتحدث عن قوائم الكتاب الذهبية في مقابل قوائمهم السوداء. ولكي يدلل على القائمتين يسرد مجموعة من الحكايات أكتفي منها بهذه الحكاية. حين وصل إلى فرنسا، وحين ذكر أمام سيوران اسم أناتول فرانس، وشوش هذا في أذنه قائلاً: «لا تذكر أبداً اسمه هنا بصوت مرتفع، سيهزأ بك الجميع».
يمكن أن أوضح معنى القوائم الذهبية والقوائم السوداء من الكتاب والنقاد والمفكرين والفلاسفة بهذه الحكاية. لي صديق مهتم بقراءة الفلسفة، يصيب ويخطئ في قراءتها. يفهم مرة ولا يفهم مرات. وفي كل مرة أقابله في معرض الكتاب يسألني ما إن قرأت فيلسوفاً معيّناً هو في قائمته الذهبية. أما الدافع المحرك لقائمته الذهبية فهو الترجمة، ومقدمة المترجمين العرب الذين «يتغنون» بالفيلسوف وكتابه المترجم. وهكذا فما كان في قائمته الذهبية السنة التي مضت تحول إلى قائمته السوداء هذه السنة، لأن النّخب الثقافية هي التي تصنع قائمته الذهبية.
***
لا يجب أن نهزأ من حكاية كهذه، ومن المناسب أن نأخذها على أنها إشارة إلى أن هناك من يصنع القوائم الذهبية؛ ويذيعها من دون أن تعتمد على دراسات نقدية أو محادثات عالمة؛ كالشّللية والعلاقات مع وسائل الإعلام والصداقات الشخصية مع الأسماء المؤثرة من النّخب الثقافية. ينطبق هذا في ساحتنا المحلية على الأديب عبدالله نور - رحمه الله - فقد سمعت عنه في الثمانينات الميلادية ما يجعل منه في مقدمة أسماء القوائم الذهبية لمن جمع بين الأصالة والحداثة، إلى حد أنني خجلت لأنني لم أقرأ له. لكن ما إن مات حتى انتقل إلى القائمة السوداء بحيث لم يعد سوى الحافظ غيباً لقصيدة واحدة من قصائد العصر الجاهلي هي قصيدة لامية العرب للشنفرى. ما ينطبق على عبدالله نور ينطبق على فايز أبا المترجم وكاتب المقالة الأدبية الذي كان في أوائل أسماء القائمة الذهبية إلى حد إن أحداً سألك في الثمانينات الميلادية عنه، ستخجل من قولك إنني لا أعرفه، أو إنني لم أقرأ له، وقد ساعد على أن يكون كذلك نخبة من الصحافيين والمريدين الرفاق، لكنه الآن في القائمة السوداء، فلا أحد يتذكره إلا حين يعود هؤلاء للحديث عنه. لا يتعلق الأمر بهذين الكاتبين إنما بأسماء أخرى مثل سعيد السريحي وسعد البازعي وعبدالله الغذامي ومعجب الزهراني ومحمد زايد الألمعي وعبدالله الصيخان ومحمد جبر الحربي وأحمد عائل فقيهي وآخرين من نقاد وشعراء القائمة الذهبية في مرحلة الثمانينات الميلادية. أما من جيل الأصغر سناً في تلك المرحلة التاريخية فهناك أسماء معيّنة «أركّز هنا على معيّنة» شابة نقدية وشعرية تلقت دعماً لا مثيل له لكي تدخل القائمة الذهبية مقارنة مع من هم في سنهم.
لكن هؤلاء لم يعودوا الآن القائمة الذهبية إنما في القائمة السوداء، ويعود ذلك إلى الحركة المتلاحقة للترجمة في الشعر والسرد والفكر والفلسفة، وسهولة الوصول إلى الكتاب الإبداعي والفكري والفلسفي، وفي إمكاني أن أقول بثقة إن القائمة الذهبية الآن للقراء لا تضم أي ناقد أو مبدع سعودي، فالقائمة الآن قوائم كتاب من مختلف أنحاء العالم. تحدثت مرة مع أحد أسماء قوائم الثمانينات الذهبية عن كتاب حكاية الحداثة. حدثني بنشوة أنه ورد في كتاب الغذامي. وما لم أقله لهذا الشاعر أن ذكره ورد في هامش أحد صفحات الكتاب، لأنه لم يعد من القائمة الذهبية، إنما انتقل إلى القائمة السوداء بدليل وروده في هامش الصفحة؛ ذلك أن الكتاب كله مكرّس للقائمة الذهبية التي احتلها كلها عبدالله الغذامي نفسه.
***
غير أن ما لم يتعرّض له ميلان كونديرا في تأملاته تلك؛ أن القائمة الذهبية ليست للأشخاص فقط إنما هناك قائمة ذهبية للكتب. ومن عاش مرحلة الثمانينات الميلادية سيشعر بمقدار خجله إن لم يقرأ كتاب «الخطيئة والتكفير» للغذامي، فقد كان أول كتاب في قائمة الكتب الذهبية. هذا مجرد مثل لقائمة الكتب الذهبية آنذاك. الآن تحول الكتاب إلى القائمة السوداء. ولم يكن ذلك بلا سبب، فقد أسقطته النخبة الثقافية التي جعلت منه في يوم ما في القائمة الذهبية. يقول البازعي: «لن يعدم (القارئ) الشواهد التي تؤكد أنه، أي الغذامي، أبعد ما يكون عن التقويض أو ما يسميه التشريح (وهي تسمية خاطئة بحد ذاتها طبعاً)، وسيتبين أنه يراوح في منطقة بين النقد الانطباعي التقليدي من ناحية والبنيوية من ناحية ثانية والنقد الأسطوري من ناحية ثالثة». الآن وبعد مرور أكثر من عقدين على صدور الكتاب يبدو أن العودة إليه باتت قليلة - إن لم تكن معدومة - لأسباب مختلفة. يقول البازعي: «ففي كتابه الخطيئة والتكفير، وهو الأشهر وربما الأهم بين إصداراته، خليط عجيب من المناهج المتداخلة دونما مبرر، والمصطلحات الموظفة توظيفاً خاطئاً». ويقول معجب الزهراني: «الدكتور الغذامي ماذا عمل؟ إنه شكل من أشكال التجميع التوفيقي بين مجموعة من المقولات التي استعارها من فلان وعلان. أنا لست بحاجة إلى الغذامي. لأنني تواصلت معها (تلك المقولات) في باريس، وما زالت مراجعي لديّ وأتواصل معها باستمرار».
* ناقد وروائي سعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.