تشهد اقتصادات دول في العالم توترات وحروباً مفتوحة بدلاً من الاستقرار والنمو والانفتاح على الاقتصاد الدولي، في وقت يضمن استغلال الثروات في مكانها الصحيح التوزيع الآمن للعائدات، بما يكفل نمواً اقتصادياً مستداماً وقادراً على الحفاظ على الإنجازات والمكتسبات التي وصلت إليها اقتصادات بعض دول العالم عموماً والمنطقة خصوصاً خلال السنوات الماضية. ولم يبقَ أمام اقتصادات الدول، وفقاً لشركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، «إلا الدخول في حروب مباشرة لاكتمال الصورة، إذ إن أسعار النفط إلى انخفاض والموازنات إلى عجز، ومؤشرات الإفلاس بادية في حال استمر التوسع في الإنفاق وتراجع العائدات». ويُضاف إلى ذلك «التوترات السياسية التي يمكن أن تقود إلى اشتباك مباشر، ما يستحيل معه توقع حجم التأثيرات المالية والاقتصادية والسياسية، والمدة الزمنية اللازمة لتجاوز التعقيدات الناتجة من ذلك». ورأى التقرير أن المستوى الحالي من التوتر «سيصيب نشاطات ذات آجال قصيرة مثل أسواق المال، في حين ستحمل هذه التطورات أعباء وتحديات على قطاعات كثيرة على المديين المتوسط والطويل وتحديداً التجارة والعقارات ذات الاستهداف العالمي». ولم تستبعد «المزايا» تعرّض كل النشاطات الاقتصادية ل «تراجع يتناسب ومستوى التوتر ومداه، والثابت الوحيد في هذه المعادلة كيفية تعامل الدول مع الأحداث والتطورات المحيطة، وأدوات السيطرة عليها، مع الأخذ في الاعتبار دور العلاقات التجارية والمالية المتبادلة بين دول المنطقة التي ستحدد حجم أثر التطورات الجيوسياسية الحالية على هذه النشاطات». ورأت أن القطاعات النفطية «ستكون في مأمن تبعاً لمستوى الأهمية التي توليها حكومات دول المنطقة لها»، فيما ستتأثر القطاعات الصناعية والإنتاجية استناداً إلى «تراجع الطلب وتغير معنويات الناس، ما ينعكس على سلوكيات أفراد المجتمع في الصرف والادخار والاستثمار». وفي حال تصاعد مستوى التوتر «سيتأثر القطاع العقاري والحركة الاستثمارية سلباً وتحديداً في الأسواق المنفتحة على الاستثمارات الأجنبية، إذ ستتراجع الاستثمارات وسيضطر مستثمرون كثر من الأفراد إلى التخلص من توظيفاتهم ببيعها بالأسعار السائدة ودونها». وسيكون لهذه الاتجاهات «آثار سلبية أيضاً على المشاريع التي لا تزال قيد التنفيذ». وعزا التقرير حجم الاستثمارات الحالية في المنطقة إلى «مؤشرات ثقة المطورين والمستثمرين في تحقيق نسب نمو جيدة في المستقبل، على رغم الضغوط والتوترات السياسية بين دول المنطقة». وتطرق التقرير إلى الأثر المباشر وغير المباشر للتطورات الأخيرة على الاستقرار الاقتصادي ومعدلات النمو في المملكة العربية السعودية، إذ «تشير البيانات إلى أن موازنة العام الحالي قائمة على إدارة العجز والتعامل مع الأزمات منذ البداية، وبالتالي فهي قادرة على تحمل مزيد من التحديات والعقبات». في حين تُعتبر «العلاقات الاقتصادية بين أطراف التوتر السعودي - الإيراني ضعيفة ومتواضعة وهي لا تتجاوز 500 مليون دولار، ولا تمكن مقارنتها بحجم التبادل المالي والتجاري مع الدول المجاورة وفي مقدمها الإمارات متخطياً 20 بليون دولار، ذلك أن مستويات الثقة المالية والاقتصادية بين البلدين غير موجودة في الأساس، وبالتالي لا تداخلات استثمارية قد تؤثر في المناخ الاقتصادي لكل دولة». وأكد التقرير أن مستوى التوتر المسجل «ستكون له تداعيات اقتصادية على دول المنطقة والعالم وفي مقدمها إيران، لأن إيران تستهدف استثمارات في قطاع الطاقة تصل إلى 25 بليون دولار في حال رفع العقوبات الدولية عنها، إذ تستعد الحكومة لطرح شروط تعاقدية جديدة تتيح للشركات الأجنبية أن تكون طرفاً أساسياً في مرحلة الإنتاج وليس فقط التنقيب». وبالتالي تستعد شركات أجنبية كثيرة ل «العودة إلى السوق الإيرانية بعد رفع العقوبات عنها، ومن شأن التوترات الحالية دفعها إلى مراجعة خططها الاستثمارية والتوسعية، كون المناخ السياسي غير داعم لها». لذا، «ستكون الأضرار الاقتصادية على كل القطاعات هي المسيطرة في حال استمرار التوتر، مع الأخذ في الاعتبار أن عدم وجود وساطات دولية تكون قادرة على إيجاد حلول جذرية للوضع القائم بين دول المنطقة، سيكون له أثر سلبي على جميع الأطراف على المدى الطويل، من دون رابح وخاسر». ورأى أن السوق العقارية «ستكون عرضة لمزيد من الضغوط سواء على الأسعار السائدة أو على قيمة المبيعات المنفذة»، من دون أن يغفل وجود أسواق عقارية مستفيدة من التوتر الحاصل لتشكل ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال الباحثة عن الاستقرار». فيما ستكون المنتجات العقارية من الفئة الفاخرة «أكبر الخاسرين بسبب تراجع الطلب في حال تواصل التوتر لفترة طويلة». وستكون للمنتجات العقارية التي تستهدف المستخدم النهائي وتحديداً الموجه للفئات المتوسطة «الأقل تضرراً على مستوى تراجع الأسعار والطلب». في المقابل ووفق التقرير «سيواجه القطاع العقاري مزيداً من التراجع لحجم الاستثمار المباشر وقيمته سواء كان محلياً أو أجنبياً في الفترة القصيرة المقبلة، إلى حين اتضاح ظروف الأسواق تبعاً للقدرة على احتواء الأزمة والحد من تفاقمها». وتوقع أن «تنحصر حدة التأثيرات السلبية في المدى القصير من دون توسعها إلى النشاطات التجارية والخدمية والسياحية، وستكون الاستثمارات الصناعية والمشاريع الضخمة مستقرة ومستمرة من دون حصول تعديلات أو تغييرات، ما يساعد اقتصادات دول المنطقة على تجاوز الأزمة بأقل الخسائر على اقتصاداتها الناشئة، والتي تتطلب مزيداً من الاستقرار والدعم لتحقيق أهدافها النهائية».