يشهد الحرم المكي منذ 14 قرناً نقلات معمارية في عصور عدة، غير أن التوسعة الأخيرة للحرم المكي في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كانت الأكبر والأكثر تطوراً، سواء من جانب المساحة أم خدمة الحجاج. وقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أخيراً بتدشين التوسعة الثالثة للمسجد الحرام، لتصل الطاقة الاستيعابية للحرم المكي الشريف إلى 1.8 مليون مصل، وتبلغ مسطحات البناء لهذه المرحلة من التوسعة 1.4 مليون متر مربع. وستتضاعف الطاقة الاستيعابية للمسعى مرة ونصف مرة، ليتسع ل118 ألف شخص في الساعة. كما يشهد المطاف زيادة تتسع ل90 ألف مصل أيضاً. وتتضمن التوسعة أيضاً مشروعاً لمضاعفة مساحة المطاف، ليصل عدد الطائفين إلى 105 آلاف طائف في الساعة. وينتهي العمل فيه بحلول شهر رمضان المقبل. وأكد الرئيس العام لشؤون المسجدين الحرام والنبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أن من أبرز المشاريع المنفذة في المسجد الحرام التي سيتم الاستفادة منها خلال موسم الحج؛ التوسعة السعودية الثالثة، إذ ستتم الإفادة من الأدوار الأرضي، والأول، والأول ميزانين مع السلالم الكهربائية والمصاعد، وبنسبة 100 في المئة. وفيما يتعلق بمشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف؛ فسيتم الاستفادة من أدوار المبنى كافة بمساحه وقدرها 210 آلاف متر مربع، ويستوعب 278 مصلياً. وأشار إلى الإفادة من جسر الساحة الشرقية الموازي لسور قصر الصفا، ويبدأ من الجهة الشرقية ساحة النقل الجماعي، الذي يتصل بمسعى الدور الأول من جهة الصفا، ومن الجهة الجنوبية الدور الأول أعلى باب حنين، وسلم أجياد الكهربائي وجسر أجياد في الساحة الجنوبية. وتهيئة جسر العربات الرابط بين الساحة الجنوبية مع جسر المطاف الموقت (الحلقة العلوية) المخصص للعربات وزيادة عرض المسار، ليستوعب كرسيين. والإفادة من جسر للعربات، يستخدم كمخرج ويربط بين ميزانين الدور الأول لسعي العربات، مع سطح القشاشية بالساحة الخارجية. كما تتم الإفادة من تكييف الدور الأول في التوسعة السعودية الأولى من سلم الصفا إلى منتصف توسعة الملك فهد. يذكر ان أول توسعة للحرم كانت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 17 من الهجرة، إذ تمت زيادة مساحة الحرم وشراء البيوت القريبة منه وهدمها، ثم جاء الخليفة عثمان بن عفان عام 26، وقام بزيادة مساحة المسجد إلى 4390 متراً مربعاً. وكان عثمان بن عفان أول من أدخل الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية للمسجد الحرام آنذاك، ثم انطلقت في العصر الحديث مشاريع توسعة الحرم المكي منذ عام 1344ه، عندما أمر الملك عبدالعزيز بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه، وحذا أبناؤه الملوك حذوه في مشاريع التوسعة، وجعل الحرمين المكي والمدني، في أولى اهتماماتهم في التطوير والتوسعة. وجاءت توسعة الملك عبدالله -رحمة الله- الأخيرة الأكبر والأعظم، التي كان مخططاً لها الانتهاء في منتصف عام 2015، بطاقة استيعابية للحرم تصل في ذروتها القصوى إلى أكثر من ثلاثة ملايين مصلٍّ، و105 آلاف طائف حول الكعبة في الساعة الواحدة. وبلغت توسعة الملك عبدالله للحرم المكي، التي استغرق تنفيذها نحو ست سنوات، 40 بليون ريال، التي نفذت من خلال ثلاثة محاور رئيسة، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعد التوسعة لمليوني مصلٍّ، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة التي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين، أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750 ألف متر مربع. ويشمل المشروع توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة، وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي في الشامية، وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد. وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط ومقترح إنشاء 63 برجاً فندقياً عند آخر هذه الساحات، وتوسعة صحن المطاف بهدم التوسعة العثمانية وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى. ومن الأرقام التي رصدت عن المشروع أن كمية الحديد المستخدمة في المشروع تصل إلى 280 ألف طن، وكميات الخرسانة 850 ألف طن، فيها طابق تحت الأرض، وكذلك الطابق السفلي والميزانين وطابق الروف السطح.