وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    أجواء ممطرة على معظم المناطق    تحويل الدراسة عن بُعد بوادي الدواسر ونجران    97 % رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    افتتاح معرض عسير للعقار والبناء والمنتجات التمويلية    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    تسجيل «المستجدين» في المدارس ينتهي الخميس القادم    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يحضر احتفالية اليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    اختلاف فصيلة الدم بين الزوجين (2)    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    دولة ملهمة    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع برامجهم الانتخابية .. موقف الحزبين والمرشحين الأمريكيين من قضايانا
نشر في البلاد يوم 25 - 10 - 2008


هل هناك فرق بين ماكين وأوباما بالنسبة لقضايانا؟
لا تنبع الأهمية الاستثنائية للانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام فقط من طبيعة وحجم القضايا التي يجب على الرئيس القادم التعامل معها، ولكن أيضا لأن الناخب الأمريكي سيتوجه إلى صناديق الاقتراع هذا العام لانتخاب الرئيس، واختيار 435 عضوا في مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ المائة .
ولذا ثمة ضرورة في التعرف على البرنامج الذي يخوض به كل حزب معركة الانتخابات الرئاسية والكونجرس والولايات أيضا، وكذلك التطرق إلى برنامج مرشحيهما للرئاسة، الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين .
ولأن اللحظة الأمريكية استثنائية اليوم بالنسبة لقضايانا العربية والإسلامية، بعد إخفاقات الإدارة الحالية في العديد من قضايا السياسة الخارجية، فإنه يبدو ضروريا تناول أبرز رؤى برنامجي الحزبين الكبيرين وبرنامجي مرشحيهما للانتخابات الرئاسية
من مجموعة من القضايا تمس مباشرة البعدين العربي والإسلامي .
أولا : دور أمريكا العالمي ينطلق برنامجا الحزبين وبرنامجا مرشحيهما من أن هناك تحديات جمة تواجه الولايات المتحدة بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس بوش، فهما يؤكدان ضرورة إعادة الثقة للسياسة الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي بعد إخفاقات الإدارة الحالية، ولذا جاء شعارهما يحمل معنى " التغيير " ، وينطلقان من أن الحلم الأمريكي في خطر لاسيما بعد انخراط القوات الأمريكية في حرب ضارية بالعراق أثرت سلبا على مكانة أمريكا العالمية وعلى منظومتها الاقتصادية، في وقت لم تنته فيه حربها ضد حركة طالبان بأفغانستان .
في المقابل تحدث برنامج الحزب الجمهوري ومرشحه عن إخفاقات الإدارة الحالية، ولكن كان بصورة أقل حدة من الحزب الديمقراطي ومرشحه، إذ لم يتحدث الجمهوريون عن إخفاقات الولايات المتحدة لا في العراق ولا في أفغانستان، بل يتحدثون عن النصر الأمريكي في البلدين .
على أن البرامج الأربعة ركزت على أهمية القيادة الأمريكية الدولية والدور العالمي الذي يقع على الولايات المتحدة، وعلى ضرورة سعيها لنشر مبادئها وقيمها العالمية، من الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، انطلاقا من ضرورة التعاون الدولي مع
القوى الأخرى الحالية والصاعدة، سواء داخل المنظمات الدولية " الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلنطي " أو خارجها، في ظل وجود العديد من التحديات المشتركة بين الدول، وذلك دون إغفال السعي الأمريكي إلى التفوق العسكري وزيادة القدرات العسكرية كضمانة لتحقيق المصلحة والأمن القومي الأمريكي .
لكن الخلاف بين الحزبين، والمرشحين أيضا، وهو خلاف هام للغاية، يتمثل في أولوية أي من التعاون أو القوة في تحقيق المصلحة الأمريكية؛ فالحزب الديمقراطي ومرشحه يقدمان الدبلوماسية على القوة العسكرية، ويعطيان اهتماما أكبر بالتعاون مع المنظمات الدولية، ولكن الحزب الجمهوري، ولاسيما مرشحه ماكين، يعلي من القوة العسكرية والأشكال الأخرى للقوة غير العسكرية في تحقيق المصلحة الأمريكية .
ثانيا : أمريكا والمنظمات الدولية
يؤكد برنامج الديمقراطيين ومرشحهم، على أهمية دور المنظمات الدولية وأهمية انخراط أمريكا فيها لاسيما الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وهو ما أكد عليه أيضا برنامج الحزب الجمهوري وبرنامج مرشحه، لكن برنامج الجمهوريين لا يرى أن الدور
الدولي أو الأممي يكون بديلا عن الدور الأمريكي، ويرى أن التعاون مع المنظمات الدولية لا يعني عدم الدخول في تحالف مع الدول الديمقراطية الأخرى لتحقيق المصلحة الأمريكية .
وهنا يطرح ماكين طرحا يختلف حتى عن برنامج حزبه، كبديل للمنظمات الدولية المنضمة إليها الولايات المتحدة لاسيما الأمم المتحدة، يتمثل في اتحاد الديمقراطيات League of Democracies الذي يضم الدول الديمقراطية - حسب التعريف الأمريكي - بما فيها دولة إسرائيل، والتي تكون محورا للنظام الدولي وبديلا عن المنظمات الدولية التي تعارض المصلحة الأمريكية، ويرفض ماكين مشاركة روسيا في هذه الرابطة .
وتنتقد البرامج الأربعة الدور الأممي عالميا في حل النزاعات لاسيما في مهمات حفظ السلام، ويطالبونها بقدر أكبر من الشفافية والمسئولية، ولهذا يعارض برنامج الحزب الجمهوري خضوع القوات الأمريكية لإشراف الأمم المتحدة، بحيث يكون الإشراف للقيادة العسكرية الأمريكية في حال اشتراك القوات الأمريكية في مهمات أممية . ويرفض أيضا سلطة المحكمة الجنائية الدولية على الأمريكيين، ويشدد على حصانة الموظفين الأمريكيين في الخارج .
ويختلف برنامج الحزب الجمهوري ومرشحه عن منافسيه أيضا في تفضيل العمل الانفرادي إذا كانت هناك أهمية وظروف تستدعي هذا العمل، وبدون موافقة المجتمع الدولي من أجل تحقيق المصلحة الأمريكية .
ثالثا : الحرب الأمريكية في العراق
ينطلق برنامجان الحزب الديمقراطي ومرشحه أوباما من أن إعادة القيادة الأمريكية عالميا يبدأ بإنهاء الحرب الأمريكية في العراق لإنهاء التأزم الأمريكي هناك، ذلك أن هذه الحرب غيرت مسار أمريكا في حربها على الإرهاب؛ لهذا يتبنى البرنامجان سحب
القوات الأمريكية من العراق؛ وذلك من خلال سحب لواء أو لواءين مقالتين في الشهر . ويتحدث أوباما في برنامجه عن سحب القوات الأمريكية من العراق في غضون 16 شهرًا من وصوله إلى البيت الأبيض، وينطلق موقف أوباما من أن سحب القوات الأمريكية من العراق، سيدفع العراق إلى اتخاذ إجراءات لتحسين العملية السياسية والاقتصادية والعمل من أجل مواجهة تحدياته .
ويتحدث الديمقراطيون وأوباما عن سحب القوات الأمريكية من العراق لإرسالها لمناطق أخرى " في إشارة إلى أفغانستان " لكنهما يدعوان إلى وجود بعض القوات لمحاربة الجماعات الإرهابية وحماية السفارة الأمريكية والموظفين المدنيين، وتقديم النصح والدعم للقوات العراقية، وإتاحة فرصة لإنجاح العملية السياسية بالعراق . ويؤكدان على ضرورة تقديم الدعم والمساعدة إلى اللاجئين والمشردين العراقيين، والعمل على مساعدة العراقيين للاستفادة من الفائض في ميزانيتها والعوائد النفطية في إعادة الإعمار، وضرورة العمل على تنشيط الدبلوماسية الدولية والإقليمية للعب دور الوسيط في تحقيق الاستقرار والأمن العراقيين، كما يرفضان إقامة قواعد عسكرية أمريكية دائمة بالعراق .
وفي المقابل يتحدث برنامج الجمهوريين وبرنامج مرشحهم عن نصر أمريكي في العراق، لا يجعل العراق ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية، ويقوض من الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ويساهم في تقوية القوى المعتدلة بالمنطقة ويمنح الولايات المتحدة حلفاء إستراتيجيين في مواجهة التطرف، ويرفض البرنامجان سحب القوات الأمريكية حسب جداول زمنية " مصطنعة " للانسحاب على خلفيات سياسية بدون مراعاة ما يجري على أرض الواقع، ودون إغفال نصائح القيادات العسكرية الأمريكية، مما يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر .
ويربط ماكين بين زيادة القوات الأمريكية في العراق وتحقيق قفزات في العملية السياسية وتطوير الاقتصاد العراقي، ما يعني أن رؤيته العسكرية هي ما يشكل موقفه من الأوضاع، والتي يمكن استنباطها من قوله : " لا توجد مشكلة لا تستطيع القوات المسلحة الأمريكية حلها " .
وفيما يخص إقامة قواعد عسكرية دائمة على الأراضي العراقية، لم يتحدث البرنامجان عن موقفهما من تلك القضية . لكن ماكين أعلن سابقًا عن رغبته في إبقاء القوات الأمريكية في العراق لمدة مائة عام أخرى، ويرى أن الحرب مع " الإسلاميين المتطرفين " أو " الإسلاميين الفاشيين " - في استخدام لتعبيرات بوش نفسه - قاعدتها الرئيسية في العراق .
وعلى النقيض من الرؤية الديمقراطية الداعية للحوار مع دول الجوار، يدعو ماكين إلى المزيد من الضغط الدولي على سوريا وإيران؛ لأنهما يقدمان الدعم إلى الجماعات المسلحة في العراق، ويهدفان إلى النيل من استقرار العراق لخدمة مصالحهما، ويرى أن دمشق لم تقم بالدور المنوط بها لتأمين حدودها، وأن طهران تقدم الدعم للميلشيات الشيعية، فهي تقدم المال والسلاح والتدريب لتلك الجماعات بهدف النيل من القوات الأمريكية في العراق؛ ولذا يرفض الدخول في حوار مع هاتين الدولتين لبحث استقرار وأمن العراق، لكن يريد الضغط عليهما للتغيير من سلوكهما، وهو ما لم يتحدث عنه برنامج الحزب الجمهوري؛ برغم حديثه عن ضرورة التعاون الدولي مع القضايا التي تواجهها الولايات المتحدة .
رابعا : الحرب على الإرهاب
أفغانستان تتحول إلى كابوس أمريكي
ينطلق برنامجا الديمقراطيين، الحزب والمرشح، من أن التورط الأمريكي في العراق قوض من فرص النجاح الأمريكي في أفغانستان برغم الأداء البطولي للقوات الأمريكية . ويرى البرنامجان أن محاربة القاعدة وحركة طالبان هي أولى أولويات الحرب
الأمريكية على الإرهاب؛ ولذا يدعوان إلى إرسال لواءين مقاتلين جديدين إلى أفغانستان، وإلى التعاون مع حلفاء أمريكا في حلف الناتو العاملين بأفغانستان .
وحسب البرنامجان، تتمحور مهمة القوات الأمريكية في أفغانستان في بناء القوات الأمريكية الخاصة والقدرات الاستخباراتية وتدريب وتجهيز وتقديم النصيحة للقوات الأفغانية، وتدعيم الحكومة الأفغانية للقيام بمسئولياتها، وتعزيز فرض القانون، ومساعدة الأفغانيين لتعليم أولادهم ولاسيما الإناث منهم، وتقديم الخدمات الأساسية إلى المواطنين، وتقديم مساعدات غير عسكرية إضافية تقدر ب1 بليون دولار سنويا لتقديم ظروف معيشية غير معتمدة على تجارة وزراعة المخدرات ومحاربة الفساد، وكل ذلك لمنع أفغانستان من أن تكون ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية .
ويؤكد البرنامجان أن مشكلة الحدود الباكستانية - الأفغانية، حيث تنشط الجماعات الإرهابية في المناطق القبلية وتوفر مناطق آمنة لتدريب الجماعات الإرهابية والتخطيط لهجماتهم داخل الأراضي الأفغانية، لا يمكن حلها دون شراكة بين باكستان وأفغانستان وحلف شمال الأطلنطي لتأمين الحدود وشن هجمات ضد المعسكرات الإرهابية والحد من مرور الإرهابيين إلى أفغانستان عبر الحدود، ويدعوان أيضا إلى تقديم المساعدات العسكرية وغير العسكرية إلى باكستان لتعزيز قدراتها في محاربة الإرهاب والتطرف، ومنع سيطرة جماعات إرهابية أو قوى غير ديمقراطية على القوة النووية الباكستانية .
ويرى الحزب الديمقراطي ومرشحه أوباما أن الحرب على الإرهاب لا تقتصر على أفغانستان وباكستان، ولكنها في أي منطقة ينشط فيها من يخططون لقتل الأمريكيين . ويحتاج ذلك لإستراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب العالمي، لا تستند فقط على القوى العسكرية الأمريكية، ولكن على أدوات غير عسكرية في إطار التعاون الدولي مع جميع دول العالم لتعزيز الجهود الأمريكية في محاربة الإرهاب، وتتضمن تلك الشراكة الأمريكية الدولية تبادل المعلومات الاستخباراتية، والدعم وتدريب القوات، والعمليات العسكرية وأمن الحدود وبرامج مكافحة الفساد، واستهداف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، كما يدعوان إلى معالجة الأسباب الدافعة إلى الإرهاب والتطرف، ومنها العمل على تعزيز الديمقراطية وحكم القانون والحريات والتعليم الحر وحرية الاعتقاد والتنمية الاقتصادية، وذلك انطلاقا من أن الفساد السياسي والاقتصادي والمعرفي " مثلث الفساد " هم السبب الرئيسي للإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، ودول غربية وعربية وإسلامية .
وعلى العكس مما سبق، يرى برنامج الجمهوريين وبرنامج ماكين أن الولايات المتحدة تحقق النصر في أفغانستان بعد سبع سنوات من الحرب هناك . ولم يتحدثا عن تراجع الدور الأمريكي هناك، لكنهما يدعوان إلى الانتشار في جميع الأراضي الأفغانية لمنع ظهور القاعدة وحركة طالبان مجددا في أفغانستان .
ويتحدث البرنامج الجمهوري عن الحاجة إلى زيادة القوات، لكنه يقصر ذلك على زيادة قوات حلف شمال الأطلسي وأفراد الجيش الأفغاني دون حديث عن القوات الأمريكية . ويدعو البرنامج إلى عمل المجتمع الدولي مع الحكومة الأفغانية لمواجهة تحديات مثل تجارة المخدرات والفساد .
خامسا : الصراع العربي - الإسرائيلي
تتفق البرامج الأربعة عند الحديث عن إسرائيل والصراع العربي - الإسرائيلي، والفلسطيني - الإسرائيلي، على أن إسرائيل دولة تشارك واشنطن عديدا من القيم الديمقراطية والحرية السياسية والاقتصادية وكذلك حرية المرأة، وأنها واحة الديمقراطية
في صحراء الاستبداد العربي .
وتشير إلى التهديدات التي تواجه الأمن الإسرائيلي والتي تبدأ بالتهديد الإيراني المحتمل والمتمثل في تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بمحو إسرائيل من الخريطة وإنكار المحرقة اليهودية التي يراها الرئيس الإيراني كذبة أو أسطورة، فضلا تهديد برنامج
إيران النووي للأمن الإسرائيلي، والذي سيؤدي في التحليل الأخير إلى اختلال موازين القوى بالمنطقة لغير صالح إسرائيل، ولهذا تم التأكيد على الالتزام المطلق بأمن إسرائيل .
كذلك تشير هذه البرامج إلى عدد من التهديدات الداخلية المتمثلة في حركة المقاومة الإسلامية " حماس " باعتبارها أكبر تهديد للأمن الداخلي الإسرائيلي بعد سيطرتها على قطاع غزة وتبنيها العنف والعمليات المسلحة ضد الإسرائيليين المدنيين والعسكريين، بجانب تزايد إطلاق الصواريخ على مناطق السيادة الإسرائيلية .
ويتفقون على ضرورة أن تكون القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وعلى ضرورة عزل الجماعات والمنظمات المسلحة التي تهدد إسرائيل داخل أراضيها، وإقليميا ودوليا، وعدم التحاور معها إلا بعد نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والاتفاقات السابقة .
بيد أن ماكين يضيف بعدا آخر يتمثل في إحداث إصلاحات أمنية داخل الأراضي الفلسطينية، فضلا عن الضغط على طهران ودمشق اللتين تقدمان أكبر دعم لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، ولحزب الله اللبناني، واتخاذ إجراءات على المستوى الدولي لمساعدة الحلفاء لتقويض فرص إيران لامتلاك أسلحة نووية .
وأكدت هذه البرامج تبني خيار دولتين تعشيان بسلام جنبا إلى جنب، وإن أشاروا إلى " دولة فلسطينية ديمقراطية " . ولتحقيق ذلك يؤكد البرنامج الديمقراطي على ضرورة مساعدة إسرائيل على تحديد الأطراف التي تسعي إلى تحقيق السلام وملتزمة به في وقت يتم فيه عزل الأطراف الساعية إلى الصراع وعدم الاستقرار .
وتحدث برنامج الديمقراطيين عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا ضرورة توطينهم في الدولة الفلسطينية حال إنشائها وليس في الدولة الإسرائيلية . ويقول البرنامج إنه " من غير الواقعي توقع أن تتوصل الحلول النهائية خلال المفاوضات إلى ترسيم للحدود وفق هدنة . 1949
وقد تجاهلت البرامج الأربعة بقية ملفات الصراع العربي - الإسرائيلي . مع ملاحظة أن برنامج الجمهوريين، عند حديثه عن الحلول النهائية، لم يضع جداول زمنية أو يشير إلى إرغام إسرائيل على الجلوس مع أطراف غير معترفة بها أو ساعية إلى تدميرها
والقضاء عليها . ويؤكد البرنامج على أن المفاوضات تكون على أسس والتزامات متبادلة تعكس " حقائق اليوم وآمال المستقبل " .
سادسا : منع انتشار الأسلحة النووية تؤكد البرامج الأربعة على السعي الأمريكي لجعل العالم خاليا من الأسلحة النووية، واتخاذ خطوات صارمة في هذا الصدد لاسيما في الوقت الذي تزايد فيه الحديث عن إمكانية امتلاك الجماعات الإرهابية لأسلحة نووية أو مواد نووية تساعدها في امتلاك السلاح النووي، ودول غير ديمقراطية ساعية إلى امتلاك تكنولوجيا نووية غير سلمية قد تهدد بها استقرار العالم أو تزويدها للجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى غياب التأمين للعديد من المواد النووية في الكثير من مناطق انتشارها .
وتؤكد البرامج ضرورة السعي الأمريكي لتأمين المنشآت النووية والمواد النووية وإنهاء التنافس الدولي لاسيما التنافس الروسي الأمريكي الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة في امتلاك الأسلحة النووية والعمل على إقناع روسيا بالتخلي عن الكثير من أسلحتها والعمل مع القوى الكبرى الأخرى على تقليل المخزون النووي تدريجيا، وعدم سعي واشنطن إلى تطوير أسلحة نووية جديدة .
ولتأمين المصالح الأمريكية والمواطنين الأمريكيين ضد أي هجمات نووية، يدعو برنامجا الحزبين والمرشحين إلى نشر قواعد الصورايخ الدفاعية لحماية الأراضي الأمريكية والمواطنين والجنود الأمريكيين في الخارج وحلفائها، فهي تضمن حماية أي هجوم غير متوقع من الدول المارقة . كما يتعهد البرنامجان بتأمين الفاقد من المواد النووية في غضون أربع سنوات .
لكن برنامج الحزب الجمهوري ومرشحه يسعيان إلى نشر الصواريخ على أكبر نطاق حتى وإن وصل الأمر إلى نشرها خارج الأراضي الأمريكية، فماكين يرى أن توازن القوى لا يحقق المصلحة الأمريكية، لذا يؤكد ضرورة التفوق العسكري الأمريكي الدائم .
أما برنامج الحزب الديمقراطي وبرنامج أوباما، فيقدمان إستراتيجيات لمنع انتشار الأسلحة النووية منها : زيادة ميزانية وكالة الطاقة الذرية، وتدعيم إنشاء بنك تابع للوكالة للوقود النووي والذي يضمن إمداد الدول بالوقود النووي وعدم سعيها إلى امتلاك تكنولوجيا قد تكون غير سلمية، والعمل على تقوية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، والعمل داخليا على الوصول لاتفاق حزبي لأجل التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وذلك لتقوية معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والرقابة
الدولية على الأنشطة النووية .
سابعا : الأزمة النووية الإيرانية
إيران . . معضلة الرئيس القادم
يؤكد برنامجا الديمقراطيين وأوباما ضرورة العمل على منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، وذلك اعتمادا على فرض العقوبات بمساعدة حلفائها الأوروبيين، ويربط البرنامجان بين تخلي إيران عن برنامجها النووي وتدعيم الإرهاب وتهديد الأمن الإسرائيلي
بتقدم حوافز أمريكية مقابلة . لكن أوباما يضيف؛ لذلك الدعوة إلى إجراء مفاوضات مباشرة على المستويات العليا مع النظام الإيراني وبدون شروط مسبقة .
وفي حال رفضت إيران تلك المعادلة، فإن الولايات المتحدة بمساعدة المجتمع الدولي ستعمل على زيادة الضغوط والعقوبات الأمريكية والدولية عليها والعمل على اتخاذ إجراءات من شأنها عزل إيران دوليا . ويؤكد البرنامجان على أن عزل إيران يرجع إلى
اختيار إيران العزلة بديلا للتعاون، أي أنه ليس خيار ًا أمريكيדָا بل إيرانيדָا . وفي حالة إخفاق الوسائل الدبلوماسية، يؤكد البرنامجان على أن جميع الخيارات ستكون على الطاولة، إلا أنهما لا يشيران إلى العمل العسكري من بعيد أو قريب عند الحديث عن " جميع
الخيارات " ، وإن كان ذلك يحمل ضمنا إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري .
تجدر الإشارة إلى أن أوباما ونائبه المرشح " جوزيف بايدن " قد سعيا من قبل إلى تقليل حدة اندفاع إدارة بوش للقيام عسكري ضد إيران، حيث رفضا اقتراح كيل - ليبرمان Kyl - Lieberman الذي يدعو إلى استخدام الولايات المتحدة وجودها في العراق لمواجهة التهديد الإيراني . وفي محاولة لتقويض فرص الحرب على إيران، قدم أوباما مشروع قانون يعارض تعديل كيل - ليبرمان الذي يرفض أي صلاحية من الكونجرس للرئيس بوش لشن حربٍ على إيران .
وفي المقابل يتفق برنامج الجمهوريين وبرنامج ماكين على أن النظام الإيراني نظام قمعي استبدادي يهدد دول الجوار لاسيما إسرائيل، ويدعم المتمردين لقتل القوات الأمريكية بالعراق، ويدعم الإرهاب، ويقترب البرنامج الجمهوري من نظيره الديمقراطي
في ضرورة التعاون الدولي لفرض العقوبات الاقتصادية الدبلوماسية الصارمة على إيران وعلى الشركات العاملة هناك أو مع إيران، ولكنه يختلف مع رؤية المرشح الديمقراطي في جانب رفض الدخول في حوار مباشر على المستوى الرئاسي مع النظام الإيراني إلى أن يحسن الجانب الإيراني من سلوكه ولاسيما في منع تدعيم الجماعات الإرهابية وتعليق برنامجه النووي وتخصيب اليورانيوم .
ومثل الديمقراطيين ومرشحهم، يقول الجمهوريون وماكين إن كل الخيارات مطروحة بما فيها العمل العسكري - وإن لم يذكر مباشرة - لما تمثله إيران من تهديد للأمن والمصلحة الأمريكية ولأمن حلفاء واشنطن . ولكن يظهر من تصريحات ماكين أنه سيكون أكثر ميلا إلى استخدام القوة العسكرية في وقت لا يحبذ فيه الوسائل الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة النووية الإيرانية .
ثامنا : التطورات في إفريقيا ودارفور
تتفق برامج الحزبين والمرشحين الرئاسيين على ضرورة دعم الولايات المتحدة للاقتصاديات الإفريقية لتكون أكثر قدرة على إحداث التنمية الاقتصادية المطلوبة وتوفير الوظائف وتقليل حدة الفقر، وتؤكد ضرورة التعاون الدولي مع الأمم المتحدة والمنظمات
الإفريقية لمساعدة الدول الإفريقية على حل صراعاتها .
ويؤكد البرنامجان، الديمقراطي والجمهوري ضرورة مساعدة الدول الإفريقية التي في طور الليبرالية الاقتصادية والتحول الديمقراطي وتأكيد احترامها الحريات لاسيما حقوق الإنسان، وتحقيق الشفافية والمحاسبة كإحدى نتائج تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي، وحماية الديمقراطيات الإفريقية الوليدة عندما تتعرض تجربها الديمقراطية للتعثر، ويشيران إلى زيمبابوي في هذا الصدد .
وتشترك هذه البرامج في رؤيتها حول ضرورة أن يكون التدخل الأمريكي فاعلا وسريعا عندما يكون للصراع والنزاعات تبعات إنسانية، مشيرة إلى حالة دارفور والإبادة الجماعية هناك .
لكن تجدر الإشارة إلى عدم اهتمام برنامج ماكين بالظروف الإفريقية مثل برنامج المرشح الديمقراطي الذي يرى أن التطورات الاقتصادية تدفع بقوة لإنهاء الأزمات المزمنة والفقر والأمراض المزمنة كمرض نقص المناعة المكتسبة " الإيدز " .
وفيما يخص السودان، تتبنى البرامج موقفا متشابها في شن الهجوم على الحكومة السودانية وعلى الرئيس السوداني عمر البشير، ومطالبتها بحماية شعب دارفور، والعمل على التوصل إلى اتفاق سلام يوفر الأمن والسلام لشعب دارفور، كما تعلن دعمهما للفصائل المتمردة هناك ولرؤيتها فيما يتعلق بالسلام مع حكومة الخرطوم، كما أكد المرشحان دعمهما لحكومة جنوب السودان ورئيسها سيلفا كير في مواجهة حكومة الخرطوم .
وتتفق البرامج أيضا على سياسة محاربة الإرهاب والتطرف في الصومال ودعم وحدة واستقلال الصومال وسيادته على أراضيه ودعم الحكومة الصومالية الحالية والجهود الإثيوبية في هذا الإطار .
تاسعا : الحريات الدينية Commission on International " يضفي الحزب الجمهوري تركيزا أكبر من الحزب الديمقراطي على قضية الحريات الدينية، ويعتبرها مركزية في السياسة الخارجية الأمريكية، ولذا يولي أهمية في هذا الصدد إلى مجموعة " لجنة الحريات الدينية الدولية . وعلى تدريب الدبلوماسيين الأمريكيين فيما يخص قضية الحريات الدينية حول العالم Religious Freedom
باحث في الشؤون الأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.