إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    استثمار الإنسان وتنمية قدراته.. سماي: مليون مواطن ممكنون في الذكاء الاصطناعي    تحت رعاية ولي العهد.. تدشين النسخة الافتتاحية من منتدى «TOURISE»    ارتفاع تحويلات الأجانب    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    هيئة «الشورى» تحيل 16 موضوعاً لجلسات المجلس    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025.. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    افتتح نيابة عن خادم الحرمين مؤتمر ومعرض الحج.. نائب أمير مكة: السعودية ماضية في تطوير خدمات ضيوف الرحمن    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    القبض على مروجين في جازان    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    غزة بين هدنة هشة وأزمة خانقة.. القيود الإسرائيلية تفاقم المعاناة الإنسانية    هيبة الصقور    «جادة السواقي».. عبق الماضي وجمال الطبيعة    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    العُيون يتصدر دوري أندية الأحساء    الاتفاق بطلاً للمصارعة    في الشباك    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    انخفاض الطلب على وقود الطائرات في ظل تقييم فائض النفط    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    حرف يدوية    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    تداولات الأسهم تنخفض إلى 2.9 مليار ريال    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    بغداد: بدء التصويت المبكر في الانتخابات التشريعية    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    82 مدرسة تتميز في جازان    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    وزير الحج: موسم الحج الماضي كان الأفضل خلال 50 عاما    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    أكثر من 11 ألف أسرة محتضنة في المملكة    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 2025 في جدة بمشاركة 150 دولة.. مساء اليوم    83 فيلما منتجا بالمملكة والقصيرة تتفوق    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2025    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    مسؤولون وأعيان يواسون الدرويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الأهلية شكل جديد للحرب
نشر في البلاد يوم 17 - 12 - 2011

رأى جون ميولر، في دراسة مشوّقة أصبحت كتاباً في ما بعد، أنّ الحروب المضبوطة بأنظمة وقواعد انتهت مع نهاية الحرب الباردة، وأخلت الساحة لحروب يعوّل فيها على أصحاب سوابق ومجرمين اتخذت تلك الأخيرة شكلين، أولهما اعتماد بعض الدول على جيوش مرتزقة للقيام بالحرب، وثانيهما، التعويل على أمراء حرب للقيام بذلك. رسم ميولر تطوّر أشكال الحرب، منذ القرون الوسطى الأوروبية حتى وقتنا هذا. لم يكن ملوك القرون الوسطى ونبلاؤها يستخدمون جيوشاً نظامية كالتي نعرفها اليوم. كانوا يعوّلون على الأوساط الإجرامية والأفراد غير الأسوياء، لتكوين مجموعات المسلحين الذين يستخدمونهم. كان البدل الذي يمنحونه لهؤلاء هو السماح لهم بنهب السكان. وبدأت الجيوش النظامية تتكوّن مع نشوء الدولة الوطنية الحديثة. أصبح الملوك يعتمدون جيوشاً متخصّصة، يتولون تدريبها للقيام بالحرب، وتخلوا تماماً عن أصحاب السوابق في تكوين جيوشهم، لما لهؤلاء من تأثير سلبي على معنويات العسكريين.رأى ميولر أنّ التغيير الكبير الذي حصل خلال القرون الأخيرة، يُستدلّ عليه من المقارنة بين دوافع المنتمين إلى جيوش تخضع لأنظمة وقواعد، ودوافع الجيوش المكوّنة من أوغاد . في الحالة الأولى، ثمة أناس مهنتهم الحرب، يمتلكون قيماً ويهتمون بسمعتهم، ويلتزمون بمواثيق شرف، وتعتمد جيوشهم على الانضباط، وتعاقب بشدّة الانحرافات عن الأنظمة والقواعد وهم أناس أسوياء في الحياة العادية، كما أنّ الحرب التي يشاركون فيها تكون دائماً ذات هدف، ويوضع حد لها متى بلغته، وليست نمط حياة.
أما الحروب التي يعوّل فيها على أوغاد، فتجسّد المنفعة المادية غاية أفرادها. تتلخّص الحياة العادية لهؤلاء في الإضرار بالآخرين. وبالتالي، فلا دوافع أيديولوجية لديهم، أو قيم تحكم تعاطيهم مع المجتمع. وتكون حروبهم من دون نهاية، لأنّ الإجرام بالنسبة إليهم طريقة حياة.وفّرت الحروب أو «النزاعات الإثنية» خلال العقدين الأخيرين، أمثلة عديدة عن ذلك الشكل الجديد للحرب. قدمت حروب يوغوسلافيا السابقة ورواندا نموذجين للاعتماد على جيوش من المرتزقة في الحرب. عمدت النخب التي افتعلت الحرب في يوغوسلافيا إلى تكوين مجموعات مرتزقة للقتال، حين رفض الجيش النظامي خوض النزاعات التي اقترحتها عليه. وتكوّنت المجموعات المنخرطة فيها من أصحاب سوابق، وآتين من العالم السفلي، وسجناء أُعفوا من الأحكام الصادرة بحقهم لخوض الحرب .وفسّر غانيون العنف المفرط الذي ميّز هذا الشكل من الحرب، بأنّه هدف إلى إرهاب السكان الذين امتنعوا عن التجاوب مع دعوات «المقاولين السياسيين الإثنيين» لخوض الحرب. وقد عمل هؤلاء الأخيرين لكي تصبح الحرب صراعاً من أجل البقاء، يعني كلّ فرد من «إثنياتهم» . انتقد ميولر بدوره التوصيف الخاطئ للحرب الأهلية «الإثنية» الذي اعتمده البعض، باعتبارها «حرب الكلّ ضد الكلّ»، المأخوذ أساساً عن توماس هوبس. رأى أنّها اعتمدت على الدوام على عدد محدود جداً من الأشخاص، مع قدرة فائقة على زرع الدمار في المجتمعات .وفّرت حروب أفريقيا النموذج الثاني للحرب، التي يؤدي الدور الرئيسي فيها أمراء حرب. عرفت تلك القارة ثلاثة أنواع من الدول قبل الحرب الباردة وبعدها: الدولة الاحتكارية التي قامت على احتكار القائمين على الدولة السياسة والشأن العام، و«دولة الظل» التي أقامها الممسكون بالحكم، وتكوّنت من شبكات موالين لهم، اختفت خلف الإدارات الرسمية للدولة، والدولة المنهارة التي جسّدت واقع انهيار الدولة، فلم تعد الحكومة تمارس سيطرتها إلا في نطاق جغرافي محدود، فيما يتقاسم أمراء حرب المناطق الباقية .المشترك بين الدول الاحتكارية والدول التي عوّلت على وجود «دولة ظل»، وجود أنظمة سياسية ارتكزت السلطة فيها على الاستزلام السياسي ، وعلى شبكات موالين موحّدة تحت سلطة زعيم واحد . الأمر المهم الذي ميّز الدولة الموحّدة في تلك البلدان، قبل تحوّلها إلى دولة منهارة، هو أنّ القائمين عليها كانوا يخافون وجود إدارة عامة رسمية فعّالة، يمكن أن تنقلب عليهم، كما هي حال الجيش مثلاً. وقد عملوا ما في وسعهم للاستعاضة عنها بمؤسسات غير رسمية، اعتمدت العنف والجريمة وتكوّنت من قوى رديفة. تعمّد الحكام الأفريقيون ضرب وجود الدولة بما هي مؤسسات رسمية ، وبما هي احتكار قانوني لاستخدام العنف.وقد أحال وصول الدولة إلى مرحلة الانهيار الأعوان السابقون للحكام، المستفيدين من شبكات الموالين والجريمة غير الرسمية، كما معارضي هؤلاء الحكام، إلى أمراء حرب . وجسّدت دول مفتّتة يتنازع السلطة فيها أمراء الحرب هؤلاء، البديل عن الدولة الاحتكارية. كان استخدام العنف الهاذي ونهب المواطنين العلامة الفارقة لأمراء الحرب هؤلاء. الخاصية الثانية للبديل الذي جسّدته الدولة المنهارة في أفريقيا وغيرها، هو أنّه لم يكن لدى أمراء الحرب هؤلاء، أكانوا من الموالين سابقاً أم من المعارضين، أي برنامج سياسي. لم يكن من يوالونهم أناساً على علاقة بالسياسة والأيديولوجيات، بل كانوا أفراداً يعتمدون الوصولية العنيفة، أي سلاحهم وعلاقتهم بالرجل القوي الذي يعملون له، لتحقيق منافع من خلال الجريمة ونهب السكان القاطنين في نطاقهم . تصبح دولة ما دولةً فاشلة، حين لا تعود قادرة على ممارسة سيادتها على كامل أرضها، وتتقاسم هذه السيادة مع لاعبين من خارجها، أي مع أمراء حرب، كما يغيب فيها الاحتكام إلى القانون، ويتفشّى فيها العنف الإجرامي. عرّف روتبرغ الدولة المنهارة، بوصفها الحالة القصوى للدولة الفاشلة. وقد اجتهد أكاديميون على مدى العقدين الأخيرين لشرح خصائص الدول الضعيفة والفاشلة والمنهارة، واقترحوا مقاربات تفيد في منع الوصول إلى مرحلة الفشل. رّر روتبرغ وجود الدولة الوطنية بالدور المنوط بها في توفير تقديمات سياسية إيجابية . وهي الأمن أولاً وقبل كل شيء، والتعليم والخدمات الصحية والشروط الاقتصادية الملائمة وحماية البيئة، والإطار القانوني الذي يحمي الانتظام العام والجهاز القضائي الذي يشرف عليه، وخدمات البنى التحتية للمواصلات والاتصالات .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.