في الاجتماع السنوي عام 2025م للجمعية الأمريكية المتخصصة بطب مرحلة توقف الطمث عند النساء، قُدمت دراسة عن مدى الدقة في إجابات الذكاء الصناعي، المقدمة من خلال أربع منصات شائعة الاستخدام من منصاته، شككت الدراسة في دقة المعلومات التي يمكن الحصول عليها عبر هذه المنصات. و من المعروف أنه من النادر وجود شخص له علاقة بالطب لا يرجع لأي من منصات الذكاء الصناعي؛ بحثًا عن المعلومة. قامت مجموعة بحثية باختيار عشرين سؤالاً من الأسئلة النمطية، التي يوجّهها الناس العاديون إلى منصات الذكاء الصناعي عن موضوع انقطاع الطمث، وموضوع الهرمونات التعويضية، التي قد تحتاجها السيدات اللواتي دخلن في هذه المرحلة من العمر، كما قاموا باختيار خمسة عشر سؤالاً من الأسئلة النمطية، التي يوجّهها الأطباء إلى منصات الذكاء الصناعي عن هذين الموضوعين، ثم عًرضت الإجابات على عدد من الخبراء لتقييمها. لم يتم اطلاع أيٍ من هؤلاء الخبراء على مصدر الإجابة؛ لضمان الحيادية، كذلك وضع أسلوب للتقييم يطبقه كل منهم حتي تتم مقارنة الإجابات بشكل صحيح، وعند تحليل النتائج تبين أن أعلي المنصات لم تحقق الدقة إلا في حوالي 50% من الإجابات، إضافة إلي أن بعض الإجابات لم تكن كاملة، بل وبعض الإجابات كانت مضللة على نحو ما. و للطرافة قام أحد المحللين بتوجية سؤال لإحدى هذه المنصات عن مدى الدقة التي يصل إليها الذكاء الصناعي التوليدي، فكانت الإجابة أنه لا توجد نسبة ثابتة للدقة، بل يظهر أحيانًا بعض التناقض في المعلومات حسب نوع المنصة وطريقة السؤال، والمجال الذي يتم البحث عنه. وبناء على هذا البحث أوصت الجمعية بمواصلة وتوسيع نطاق البحث في هذا الموضوع، وأوصت الأطباء بالرجوع إلى المواقع الطبية الموثوقة؛ للتأكد من معلومات الذكاء الصناعي، وهي مواقع معروفة للأطباء، كما أوصت بإيضاح هذه المسألة لمن يطلب المشورة الطبية، بحيث يذكر الطبيب بشكل واضح لهم، أنهم لا يجب أن يتوقعوا نسبة عالية من الموثوقية فيما يحصلون عليه من إجابات من منصات الذكاء الصناعي. أعتقد أنهم لو اختاروا أسئلة عن مسألة طبية أخرى؛ لربما وجدوا نتائج مختلفة. موضوع صحة المرأة عند انقطاع الطمث تعرض للكثير من الجدل في العقود الثلاثة الأخيرة، وبينما كانت الهرمونات التعويضية تعطي دون كثير من التحفظات لهذه الحالات في بداية الألفية، فقد تعدت استطباباتها مسألة طب الأمراض النسائية؛ ليتم تعاطيها لما ظُن أن لها من فوائد للقلب، ولتجديد بنية العظام. التوسع غير الرشيد في الاستخدام أظهر مشكلات عديدة؛ فإن توق النساء للشعور بحيوية الشباب، هو شعور يصاحب استخدام الهرمونات التعويضية، أدى إلى شيوع استخدامها بين النساء من فئات عمرية لم يكنَّ معنيات باستخدامها، وهنا ظهرت مشكلات أدت إلى أن تلزم هيئة الغذاء والدواء الأمريكية الشركات المصنعة بكتابة تحذيرات مبالغ فيها للحيلولة دون التوسع في استخدامها، فكانت النتيجة إحجام الأطباء وكثير من النساء عن استخدامها رغم أنهن من المعنيات باستخدامها لفترات محددة، ولاستطبابات تتعلق بتأثير نقص هرمون الأستروجين على الجهاز التناسلي، وعلى المعاناة من الهبات الساخنة التي تتسبب للنساء باضطرابات جسمية ونفسية. مؤخرًا لم تعد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تشترط كتابة تلك العبارات التحذيرية، ولكنها تؤكد علي عدم أخذها إلا لحالة علاج الهبات الساخنة، والأعراض الخاصة بالجهاز البولي التناسلي، ولفترات تكفي للتغلب على هذه الأعراض، و ليس لتبقي عليها طوال العمر، وكأنها نوع من الفيتامينات. قصدت بتفصيل المسألة أعلاه إيضاح سبب نقص الدقة في معلومات الذكاء الصناعي عن صحة المرأة في عمر انقطاع الطمث؛ لأنه يؤلف إجابات من المعلومات الموجودة على الشبكة ، وإذا كانت الشبكة تزوده بمعلومات متضاربة؛ فإن النتائج ستكون متضاربة كذلك؛ لذا فإننا نؤكد هنا أن الذكاء الصناعي جُعل للمساعدة أحيانًا، لا ليكون بديلًا عن عقل البشر.