تعيش مدينة الفاشر في شمال دارفور على وقع كارثة إنسانية متفاقمة، حيث حذرت شبكة أطباء السودان من انهيار كامل للمنظومة الصحية نتيجة الانعدام التام للأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة. وأوضحت الشبكة في بيان لها أن آلاف المواطنين مهددون بالموت؛ بسبب العجز عن توفير العلاج، وسط تزايد الإصابات والأمراض في ظل ظروف طبية بالغة القسوة، مؤكدة أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل ينذر بكارثة وشيكة. وطالبت الشبكة المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية بالتحرك الفوري لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الإمدادات بعيداً عن عوائق الحصار، إلى جانب دعم الكوادر الطبية التي تعمل بإمكانات شبه معدومة. كما حملت قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن نقص الإمدادات الطبية وما يترتب على ذلك من وفيات ومعاناة إنسانية، داعية السلطات الصحية إلى التنسيق العاجل مع المنظمات الأممية لتوفير الغذاء والدواء للمدنيين العزل. يأتي هذا التحذير في وقت يفرض فيه مقاتلو الدعم السريع حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر منذ مايو 2024، وهي آخر مدينة رئيسية في شمال دارفور ما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني. ومع اشتداد الحصار، تزايدت معاناة السكان، حيث أكدت مصادر محلية مقتل أربعة عشر مدنياً أثناء محاولتهم الخروج من الفاشر باتجاه منطقة طويلة، بينما تتعرض الأسر النازحة لعمليات نهب وسلب وقتل على الطرق المؤدية إلى غرب المدينة. كما شنت قوات الدعم السريع هجوماً بطائرة مسيّرة، استهدف مقر الجهاز القضائي في المدينة، دون أن تتضح بعد حجم الخسائر. الوضع الإنساني في دارفور لا يقتصر على الفاشر وحدها، إذ يمتد إلى ولاية جنوب كردفان؛ حيث يفرض كل من الدعم السريع والحركة الشعبية-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو حصاراً على مدينتي كادوقلي والدلنج، ما أدى إلى انعدام الغذاء والدواء وانقطاع الكهرباء والمياه لأشهر متواصلة. ومع تفشي وباء الكوليرا، سجل إقليم دارفور أكثر من 305 وفيات، فيما تجاوز عدد الإصابات 7000 منذ يونيو الماضي، في أسوأ تفشٍ للمرض تشهده المنطقة. ومع تزايد الضغوط الإنسانية، تعقد الحكومة السودانية اجتماعات في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، لمناقشة قضايا اقتصادية متصاعدة، من بينها أزمة أسعار الصرف، بينما يظل المدنيون في الفاشر ودارفور وكردفان يواجهون الموت بين فكي الحصار والمرض والجوع.