تواجه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واحدة من أخطر أزماتها السياسية، بعد انسحاب كتلة "يهدوت هتوراه" المتشددة من الائتلاف الحاكم، احتجاجًا على الصيغة المعدّلة لمشروع قانون التجنيد الإلزامي لطلاب المدارس الدينية. (الحريديم). ويأتي انسحاب الكتلة، الذي أعلن عنه فصيل "ديجل هاتوراه" التابع لها، ليهزّ استقرار الائتلاف الحاكم، ويقلص أغلبيته في الكنيست إلى صوت واحد فقط (61 من أصل 120 نائبًا)، ما يجعل الحكومة في وضع هش قابل للانهيار في أي لحظة. وبرر"ديجل هاتوراه" انسحابه ب"الانحراف عن الاتفاق السابق"، مؤكدًا أن المسودة الجديدة لمشروع قانون التجنيد خالفت التعهدات التي قطعها حزب الليكود والائتلاف الحكومي. وأوضح بيان صادر عن الحزب أن قراره جاء تنفيذًا لتوجيهات الزعيم الديني الحاخام دوف لانداو، الذي شدد على "القدسية المرتبطة بالدفاع عن طلاب التوراة". ورغم أن الانسحاب لا يُسقط الحكومة فورًا، إلا أنه يُضعف قدرتها على تمرير أي تشريعات أو مواجهة تصويت بحجب الثقة، خصوصًا وسط انقسامات داخل معسكر اليمين ذاته. ومن المتوقع أن تُصبح استقالة وزراء"يهدوت هتوراه" سارية خلال 48 ساعة، وهو ما سيجبر نتنياهو على الاعتماد بشكل أكبر على أحزاب اليمين المتطرف لسد الفراغ، في وقت يزداد فيه التوتر السياسي والاجتماعي في البلاد. ويأتي الانسحاب في وقت تعيش فيه إسرائيل توتراً داخلياً متزايداً، في ظل الاحتجاجات المتواصلة على قانون التجنيد والاتهامات المتبادلة بين أطراف الائتلاف حول مستقبل العلاقة بين الدولة والمؤسسة الدينية. ووسط هذه التجاذبات، حذّر محللون من أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى شلل تشريعي واسع، ربما تمهّد لإجراء انتخابات مبكرة إذا لم يتم التوصل إلى تسوية ترضي جميع الأطراف. في المقابل، يحاول نتنياهو احتواء الانقسام خشية تفكك حكومته، حيث أجرى مشاورات عاجلة مع قادة الكتل الائتلافية في محاولة لإنقاذ التحالف. لكن مراقبين يرون أن أي تنازلات جديدة للحريديم قد تؤجج غضب القاعدة العلمانية، وتفتح الباب أمام انقسامات أعمق، خصوصاً في ظل الضغوط الشعبية الرافضة لإعفاءات التجنيد، وتنامي الشعور بعدم المساواة بين فئات المجتمع الإسرائيلي.