يتصدر ملف نزع سلاح حزب الله المشهد السياسي في لبنان، وسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة تدفع السلطات اللبنانية إلى التحرك بجدية لإيجاد صيغة عملية لهذا الملف الشائك. زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي توماس باراك إلى بيروت الأسبوع الماضي كانت بمثابة شرارة لتحريك الاتصالات بين المسؤولين اللبنانيين الذين بدأوا الإعداد لخريطة طريق ستُقدّم إلى المجتمع الدولي بهدف التوصل إلى تسوية شاملة تقضي بتسليم سلاح حزب الله مقابل انسحاب إسرائيلي من النقاط الخمس التي تحتلها في جنوبلبنان. في هذا الإطار، عقد رئيس الجمهورية جوزيف عون اجتماعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام لإعداد ورقة رسمية موحّدة حول مستقبل سلاح الحزب، على أن تتواصل المشاورات خلال لقاء مرتقب بين الرئيس سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري للتوصل إلى توافق بين الرئاسات الثلاث. وأكدت مصادر وزارية أن لبنان يعتزم اتخاذ خطوات رسمية قبل الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي إلى بيروت في السابع من يوليو المقبل، حيث من المتوقع أن يتم عرض ورقة العمل اللبنانية الموحدة عليه. وتستعد الحكومة لعقد جلسة قريبة ستخصص جانباً كبيراً منها لمناقشة ملف نزع السلاح وحصره بيد الدولة، مع دراسة خطوات تنفيذية مكملة لهذا المسار. وخلال زيارته الأخيرة لبيروت، قدم المبعوث الأمريكي ورقة عمل متكاملة تدعو إلى نزع السلاح غير الشرعي وخصوصاً سلاح حزب الله، مع اشتراط انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس المحتلة، وإطلاق خطة لإعادة إعمار الجنوباللبناني والضاحية الجنوبية ومنطقة البقاع. وقال المبعوث الأمريكي بشكل مباشر:" إن على حزب الله أن يختفي"، في إشارة إلى التوجه الدولي الحازم في هذا الملف. وفي المواقف الداخلية، أعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دعمه لضرورة تسليم حزب الله سلاحه، كما فعل هو سابقاً. المبعوث الأمريكي خص جنبلاط بلقاء خاص خلال زيارته لبيروت، ما يعكس أهمية موقعه في هذه المرحلة الحساسة. في السياق ذاته، أكد النائب فيصل الصايغ أن هناك توافقاً دولياً وإقليمياً على ضرورة تسليم السلاح للدولة اللبنانية على مراحل محددة بجدول زمني ينتهي قبل نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن المفاوضات تسير وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، بحيث يُقابل أي تقدم لبناني في تسليم السلاح بخطوة إسرائيلية في المقابل تتمثل في الانسحاب من الأراضي المحتلة. ويأتي هذا الحراك وسط قلق إسرائيلي متزايد من إعادة حزب الله بناء نفسه عسكرياً في الجنوباللبناني، في وقت تحاول الحكومة اللبنانية صياغة رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ لنزع السلاح بشكل تدريجي، وبما يضمن استقرار البلاد وتفادي أي تصعيد ميداني جديد.