يجمع كل الفاعلين المتتبعين للشأن الإسلامي على أن التحديات الكبرى المطروحة على الأمة تتطلب جهدا مضاعفا و تحركا سريعا لمواجهتها . ويشكل العمل الإعلامي إحدى الواجهات الأساسية للعمل الإسلامي بالنظر لما للإعلام من دور في مد الجسور بين أبناء الأمة الإسلامية وتعزيز التضامن بينها والتقريب بين مذاهبها وكذلك الدفاع عن الصورة السمحة للدين الإسلامي أمام الحملات التي تستهدفه، والتي نجحت في إشاعة ما أصبح معروفا" بالاسلاموفوبيا" أو الخوف من الإسلام في أوساط واسعة من الرأي العام الغربي . و قد وجد وزراء الإعلام في العالم الإسلامي المجتمعون في العاصمة المغربية الرباط في إطار الدورة الثامنة، أنفسهم أمام عدد من القضايا المعقدة التي تتطلب اتخاذ قرارات قوية فيها خصوصا في ظل الظروف التي افرزها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي هذا الإطار أعرب الاجتماع عن تقديره للتغطية الإعلامية التي قدمتها وسائل الإعلام في الدول الأعضاء أثناء العدوان الإسرائيلي والحاجة إلى مزيد من التركيز الإعلامي على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل أثناء عدوانها بما يتيح للعالم الاطلاع على حقيقة هده الانتهاكات والجرائم . ودعا البيان مجموعة سفراء منظمة المؤتمر الإسلامي، إلى الاهتمام بالنشاط الإعلامي وتنسيق تحركاتها في هذا المجال والعمل على ربط الصلة بالمؤسسات والمجتمع المدني في الدول الأعضاء بالمنظمة.وفيما يتعلق بتنشيط قطاع الإعلام والاتصال بالمنطقة دعا البيان الختامي في الدورة الثامنة وسائل الإعلام والاتصال في الدول الأعضاء إلى مزيد من الاهتمام ببرامج ونشاطات الأمانة العامة، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وإبرازها بوسائل إعلام الدول الأعضاء بكافة أنواعها. وطالب البيان الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي اتخاذ جميع التدابير والآليات الملائمة، من أجل إبراز ما تقوم به المنظمة من برامج وأنشطة في إطار العمل المشترك، لتجلية صورة الإسلام السمحة وفتح مكاتب للتنشيط الإعلامي في بعض الدول على أن يعرض المقترح المتعلق بذلك على مجلس وزراء الخارجية للتصديق عليها من جهة اخرى سجل المؤتمر اختلافات في وجهات النظر بخصوص اعتماد مدونة سلوك لأجهزة الإعلام في الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وخلص إلى تأجيل مدونة سلوك أجهزة الإعلام بدول منظمة المؤتمر بطلب عدد من الدول الأعضاء لغرض الدراسة الأعمق للمشروع وإقرار إحالتها إلى فريق عمل مفتوح العضوية يستعين بمجموعة من الإعلاميين والحقوقيين في الدول الأعضاء يتولى مراجعته لعرضه على المؤتمر القادم بدولة بالغابون، التي من المنتظر أن تحتضن الدورة القادمة للمؤتمر بعد سنتين. وفيما يخص استكمال عملتي إعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية الدولية – اينا- ، واتحاد الإذاعات الإسلامية- اسبو-، ودعم إدارة الإعلام بالأمانة بالمنظمة. اعتمد البيان الدراسة الخاصة بإعادة هيكلة الوكالة.من جهة أخرى اعتمد المؤتمر توصيات رئيس المجلس التنفيذي للوكالة والأمين العام للمنظمة، المتعلقة بإلغاء متأخرات المساهمات القائمة إلى غاية31-12-2001 . ودعوة الدول الأعضاء إلى تسديد مساهماتها الإلزامية اعتبارا من أول يناير 2009 . وبخصوص مشروع القرار رقم 5/8 ، بشأن دعم صندوق التضامن الرقمي حث البيان الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي التي لم تنضم بعد إلى صندوق للتضامن الرقمي العالمي على الانضمام في أقرب وقت للصندوق والمساهمة في تمويله والعمل على تشجيع المؤسسات العامة والخاصة على المستوى الوطني لتنفيذ هذا المبدأ. كما دعا البيان الدول الأعضاء في المنظمة إلى تقديم مساهمات مالية استثنائية طوعية لصندوق التضامن الرقمي العالمي الذي يخصص لتمويل مشاريع مجتمعية للتضامن الرقمي في الدول الأعضاء.وأخيرا، وفيما يخص الإعلام الإسلامي وقضية القدس الشريف وفلسطين وجه البيان نداءا ملحا إلى الدول الأعضاء من أجل تقديم المساعدة للسلطة الوطنية الفلسطينية لدعم وإعادة بناء وتطوير قدرات هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني. وقد توج المؤتمر أشغاله بإصدار وثيقة إعلان الرباط المقترحة من طرف المملكة المغربية، بعد أن اعتمدت مضمونها الوفود المشاركة في المؤتمر،والتي دعت إلى العمل على تصحيح صورة الإسلام في وسائل الإعلام الأجنبية، وإبراز قيمه السمحة،وموروثة الثقافي الغني وحضارته العريقة، والتعريف بإسهاماته في صنع المسار الطويل للإنسانية وانجازاتها الخلاقة، لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا عبر تفاعل إعلامي رصين مع العالم الخارجي.من خلال خطاب ملائم واليات تواصل تنسجم مع رهنيته، ونمط تفكيره. كما شددت على ضرورة التصدي، الإعلامي، لكل أشكال التعصب والعنصرية والكراهية، و اللاتسامح، اعتبارا لدور الإعلام في البناء الديمقراطي للمجتمعات.منوهة بدور الإعلام الإسلامي في المواجهة الحازمة والناجعة للحملات الإعلامية، التي تسعى إلى المس بالمقدسات الإسلامية، وإشاعة الكراهية والتمييز ضد المسلمين، والخلط بين الإسلام دين السماحة والرحمة وبين ظاهرة العنف والإرهاب، المرفوضة والمدانة. وكانت أشغال الدورة الثامنة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام قد انطلقت بالعاصمة المغربية الرباط أمس الأول بحضور ممثلي البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي ، وفي أجواء تخيم عليها تداعيات الوضع في الشرق الأوسط بعد العدوان الإسرائيلي على غزة . وقد أكد معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني وزير الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية ، رئيس الدورة السابعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام في كلمته في افتتاح الدورة على أهمية تعزيز العمل الإعلامي الإسلامي لمجابهة التحديات التي تواجه الأمة، داعيا وزراء الإعلام في الدول الإسلامية إلى تعزيز تعاونهم المشترك في ما يخص تطوير المنتوج الإعلامي الإسلامي، وتحسين أدائه بما يخدم قضايا الأمة الإسلامية و العمل بجدية من أجل تجسيد المشاريع الإعلامية المشتركة على أرض الواقع، ومواكبة التطور التكنولوجي والمعلوماتي على الصعيد الدولي. كما ذكر بالقرارات التي تمخضت عن الدورة السابعة للمؤتمر،والمتمثلة على الخصوص في إعداد دراستين تتعلقان بإعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية (إينا) من أجل الارتقاء بجودتها وأدائها، وكذا إعادة هيكلة اتحاد الإذاعات الإسلامية (إسبو) بهدف تطوير أدائه. وأشار إلى أن هاتين الدراستين حددتا ميزانية تقديرية من أجل تمويل الهيئتين الإعلاميتين المذكورتين، داعيا في هذا السياق إلى البدء في سداد حصص الدول الأعضاء من أجل النجاح في هذه المهمة التي ستكون لها انعكاسات إيجابية ستساهم لا محالة في خدمة الإعلام الإسلامي. وشدد الدكتور إياد مدني على أهمية تفعيل الخطة المتكاملة للتوجه إلى العالم الخارجي ومخاطبته باللغات التي يفهمها وبالأساليب التي تتماشى مع منطقه وتركيبته الذهنية بهدف تصحيح صورة الإسلام وإيضاح رسالته النبيلة وقيمه السامية ، مقترحا إحداث صندوق لهدا الغرض. كما قدم الوزير عددا من المقترحات من قبيل إدراج قضية من قضايا العمل الإعلامي الإسلامي تكون موضوع بحث ونقاش معمقين من قبل الدورة في شكل حوار فكري ، ودلك ابتداء من دورة الرباط . الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي : تطوير المنظومة الإعلامية لمنظمة المؤتمر الإسلامي تشكل أهم التحديات المطروحة. و في كلمته قال الدكتور إحسان أغلو الأمين العام الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ،أن هده الدورة تأتي في ضوء ما يشهده عصرنا من ثورة في مجالي الاتصالات و الإعلام غير مسبوقة في تاريخ البشرية ، وفي ضوء التحديات التي تواجهها البلدان الإسلامية في مسيرة التقدم وأبرز السيد أغلو القدرات الإستراتجية النافذة التي يتميز بها الإعلام اليوم وما يضطلع به من عمل حاسم في تجليات الصورة والدفاع عن القيم والمبادئ، خاصة أمام الحملات التي تستهدف الدين الإسلامي ورموزه المقدسة. وقال إن هذا الاجتماع يتزامن مع الذكرى الأربعين لتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي بالرباط ، مشيرا إلى انه تم تشكيل لجنة تحضيرية يعهد لها بإعداد برنامج احتفالي كبير لتخليد هذه الذكرى يمتد على مدار هذه السنة، مع جعل يوم التأسيس، الذي يصادف 25 شتنبر،يتميز بتنظيم فعاليات خاصة . . وكان عاهل المملكة المغربية محمد السادس قد أكد على أن ضرورة المبادرة إلى وضع الأسس الكفيلة بتقليص الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة، والدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، بهدف تمكين المواطنين من المعرفة، التي هي حجر الزاوية في تحقيق أي تنمية أو تقدم أو تعاون أو عمل مشترك، وكذا العمل على ولوج الشبكات غير المادية للمعرفة، قصد الانخراط في إعلام عالمي، يقوم على منطق الروابط والشبكات ذات الأسس المعرفية والتكنولوجية المتقدمة. كما حث المشاركين في المؤتمر على مضاعفة جهودهم الهادفة إلى تمكين وسائل الإعلام، في دول منظمة المؤتمر الإسلامي، من الارتقاء بمستوى أدائها، في مراعاة للتنوع والتعددية، والتحلي بالمسؤولية، واحترام للأخلاقيات، مع التوحد في الدفاع عن القيم والمقومات الروحية والحضارية للمجتمعات الإسلامية، ومصالحها العليا. وأكد أن قوة وفعالية العمل الإسلامي المشترك، على الواجهة الإعلامية، تتأثر لا محالة بمدى نجاعة سياسات ووسائل الإعلام والاتصال في البلدان الإسلامية، والنظر للإعلام كقطاع منتج في الاقتصاد الجديد للمعرفة والاتصال، وليس مجرد مادة استهلاكية مبتذلة. و يتضمن جدول أعمال اجتماع الرباط بحث آخر مستجدات الوضع في فلسطين بجانب مواضيع تهم تنشيط قطاع الإعلام والاتصال بمنظمة المؤتمر الإسلامي. كما يبحث إمكان قيام هيئات التلفزيون الوطنية في الدول الأعضاء بحملة سنوية لجمع التبرعات لمواجهة الكوارث الإنسانية، وإعادة هيكلة وكالة الأنباء الإسلامية الدولية " إينا"، واتحاد الإذاعات الإسلامية "إسبو"، والاتفاق على "وثيقة أخلاق" تسترشد بها وسائل الإعلام في الدول الأعضاء في المنظمة تراعي التنوع والتعددية وتحفظ قيم الأمة ومصالحها.
