الخلود يحصد النقاط الثلاثة من الشباب    وزير الخارجية يشارك في اجتماع ترويكا القمة العربية    القبض على (10) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (150) كجم "قات"    "جستر" جازان بالتعاون مع "سحر الفنون" ينفذان معرض قدرات وطن احتفاءً باليوم الوطني 95 في محافظة صامطة    لمدة 5 سنوات: إيقاف الزيادة السنوية في عقود إيجار العقارات السكنية والتجارية داخل النطاق العمراني في الرياض    رئيس جمهورية غويانا التعاونية يلتقي الجبير    الهلال يتسلم قرار لجنة الاستقطابات بشأن الثنائي سافيتش ونيفيز    نجل الزميل الإعلامي يحيى آل مشافي في ذمة الله    لوران بلان: بنزيما جاهز للنصر    تعليم جازان يحتفي باليوم الوطني ال95 تحت شعار «عزنا بطبعنا»    الرياض تحتضن المؤتمر العالمي لإنترنت الأشياء    "أنا من هالأرض" معرض تشكيلي ل"فن وفنانين" يرسم ملامح الوطن في اليوم الوطني ال95    أمير جازان ونائبه يشاركان منسوبي الإمارة الاحتفاء باليوم الوطني للمملكة ال 95    ترسية مشاريع استثمارية لإعادة تدوير النفايات وخفض الانبعاثات الكربونية بالشرقية    "لين" توقع مذكرة تفاهم استراتيجية مع وزارة الصحة السورية    اليوم الوطني ال95... يوم فخر واعتزاز    مصيون أثر الاستيطان الأول بتبوك    1.7 مليون سجل تجاري قائم بالمملكة وفرص استثمارية ب50 مليار ريال في التعليم    مستشفى الحريق يحتفي باليوم الوطني ال 95 بإنجازات صحية نوعية    الدكتور عبدالله الربيعة يلتقي مفوضة الاتحاد الأوروبي للاستعداد وإدارة الأزمات والمساواة    الوحدة في بيئة العمل.. أزمة صامتة تهدد الإنتاجية    توصيات شوريًّة لإعداد القائمة الموحدة لأسعار القطاع الصحي العام    جمعية البر ببيشة تحتفل باليوم الوطني 95    الأمين العام للأمم المتحدة يحذّر من مخاطر الذكاء الاصطناعي ويدعو لحظر الأسلحة ذاتية التشغيل    المياه الوطنية: 1 أكتوبر المقبل فصل خدمة المياه نهائياً للعدادات غير الموثقة    الأسبوع العالمي للتبرع بالأعضاء.. دعوة إنسانية تمنح الأمل لآلاف المرضى    محافظ محايل يرعى أحتفال الأهالي باليوم الوطني 95 في صدر الكرامة والذي نظمته بلدية المحافظة    الدولار يقترب من أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع    إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    ولي عهد الكويت يشكر السعودية على دورها في دعم حل الدولتين    بلدية وادي الدواسر تُفعّل مبادرات اجتماعية بزيارة المستشفيات    العمران والغراش يحتفلان بزواج مهدي    «راشد» يضيء منزل اليامي    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    أشرف عبد الباقي بطل في «ولد وبنت وشايب»    لجهوده في تعزيز الحوار بين الثقافات.. تتويج (إثراء) بجائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    المركز السعودي للموسيقى بجدة يحتفل باليوم الوطني    في احتفاليتها باليوم الوطني..ديوانية الراجحي: المملكة بقيادتها الرشيدة تنعم بالأمن والرخاء والمكانة المرموقة    القادسية إلى دور ال16 في كأس الملك    « البلديات والتجارة»: أبلغوا عن مخالفات السكن الجماعي    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    الإبداع النسائي.. حكاية وطن    الملك سلمان.. نبضُ وطنٍ وقلبُ أمة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    عزّنا بطبعنا: التعليم ركيزة القيم الوطنية    فهد العجلان: ذكرى البيعة تجسد التحولات العظيمة وتمكين الإنسان في عهد الملك سلمان    كيف يستخدم الناس ChatGPT فعليا    «كلاسيكو» الاتحاد والنصر.. مقارنة القيمة السوقية بين الفريقين    تسعيني ينافس الشباب باحتفالات الوطن    اتحاد الكرة يدشن أخضر الفتيات تحت 15 عامًا    اليوم الوطني المجيد 95    البعثة الروسية لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفي باليوم الوطني السعودي ال95    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"خطيب المسجد الحرام": مواقع التواصل خير عظيم.. لكن احذروا
نشر في تواصل يوم 20 - 02 - 2015

أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرامبمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن ما يعرف اليوم بالإعلام الجديد من شبكات المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي وغرف المحادثات والمدونات والحسابات الشخصية والمنتديات له آثاره الكبيرة وتأثيراته البالغة على سلوك الناس وعاداتهم وما أحدثه من أنواع من التغيير الاجتماعي إيجاباً وسلباً ونفعاً وضراً وهو إعلام خطير تجاوز الحدود الجغرافية وتواصل الناس فيه من جميع اصقاع الدنيا أقطاراً وقارات , ربط بين أجزاء العالم وغير معالمه حيث تقاربت معه المسافات الزمانية والمكانية وأصبح دوره متعاظماً في حياة الأفراد والأسر والمجتمعات والشعوب محدثاً طفرات واسعة في عالم الاتصال حيث يتم التواصل من خلاله مع الأقران وغير الأقران والمعارف وغير المعارف داخلياً وخارجياً يتبادلون الأسرار والمعلومات والثقافات وممارسة ما لا ينحصر من النشاطات والفعاليات مع من يعرفون ومن لايعرفون.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام // ومما ابتلي به أهل هذا العصر ماعرف بالإعلام الجديد من شبكات المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي وغرف المحادثات والمدونات والحسابات الشخصية والمنتديات والمواقع إما الإعلام التقليدي فقد وصفوه بالإعلام الساكن لأنه من طرف واحد لايشترك فيه المتلقي بحديث ولا حوار ولا إبداء رأي ولاتسجيل موقف , أما الإعلام الجديد بكل تقنياته وأدواته فهو إعلام حي يشترك فيه المرسل والمستقبل في الحديث والرأي والحوار// مضيفا بأن العمر أنفاس معدودة وأوقات محدودة وضياع الوقت إضاعة للعمر وإهدار الأوقات إهلاك للنفوس وهذا الضياع والإهدار ينعكس على الإنسان أمراضاً في النفس وضجراً في الحياة وسوءاً في الأخلاق والسلوك واضطراباً في العلاقات وضعفاً في التحصيل وضياعاً للمسئوليات وانه من اجل هذا فانه من توفيق الله لعبده أن يفتح له أبواب الخير وييسر له سبل البر ويبارك له في عمره فيستعمله في طاعة الله ويوفقه لعمل الصالحات , ومن الخذلان أن يضيع على المرء عمره فيسلك مسالك الإثم ويسير في دروب الشر ويلهث وراء المتع يضيع الأيام بما لاينفع.
ورأى فضيلته أن من التواصي بالحق والتناصح بالخير النظر في هذا كله في استجلاب الايجابيات والإفادة منها والاستزادة من منافعها وحفظ الوقت والعمر للتوظيف النافع والنظر في السلبيات لاجتنابها والتحذير منها حفظا للنفس ونصحاً للأمة وقياما بالمسئوليات.
وبين أن من ايجابيات هذه الوسائل ومنافعها وفوائدها إقامة العلاقات الطيبة بين الأفراد والمجموعات من الأقارب والأصدقاء وأصحاب المهن والحرف والتخصصات وتبادل المعلومات النافعة في كلمات وملفات ورسائل وإيجاد مجتمع متواد متعاطف متواصل بالخير مع ما يحصل من توفير الوقت والجهد والمال وسرعة التواصل والانجاز , بل هو وسيلة فعالة في التعلم والتعليم والدعوة إلى الله والتوجيه والإرشاد والتعاون على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان بطرق مبتكرة ونتائج مبهرة في تواصل عن بعد وعن قرب.
وتطرق الشيخ صالح بن حميد إلى أهمية الإعلام الجديد وما فتحه من أفاق جديدة وواسعة ليعبر بها المرء عن ذاته وشخصيته والتفاعل مع ما حوله من قضايا وأحداث بطرق مختلفة وأساليب متجددة قد لايدركها او يستوعبها جيل الآباء والكبار فهذه الوسائل قربت البعيد ومهدت الطرق إمام المبدعين وسهلت نقل المعلومات وبناء الأفكار وتطوير المهارات وصقل الملكات واثبات الذات وزرع الثقة في النفوس , ففيها تيسير للمعلومات وتوفيرها ومتعتها , ينتقل فيها المتلقي من المتابعة إلى المشاركة الفاعلة في كل المواد والأدوات كل ذلك يتم إذا كان هذا التعامل بوعي ونضج وحسن تدبير.
وعد فضيلته الإعلام الجديد وسيلة لكل مسئول ليفيد منها في معرفة جوانب القصور في مسئوليته وإدارته والتواصل مع ذوي العلاقة من موظفين ومراجعين ومحتاجين لمزيد من المراجعة والتطوير واتخاذ الإجراءات الملائمة والقرارات الصائبة على أن مافي هذه المدونات والمواقع والشبكات من معلومات ومحتويات تبقى بحاجة إلى مزيد من التوثيق والتثبت فالعلم الصحيح والمعلومات الصادقة تؤخذ من أهلها بعد دراسة وأناة وحسن معالجة.
وأشار إلى عدد من سلبيات الإعلام الجديد ومنها الأفكار الهدامة والجرأة المهلكة على الأصول والثوابت وضعف الرقابة والخلو من الضوابط والمعايير في الكلام والكتابة والصورة مع ما تحتويه من مواد محرمة فاضحة تستهدف جميع الطبقات والفئات مما يورث الإنحلال الأخلاقي وفساد الفطر ونزع الحياء وقتل الغيرة فضلاً عن ضياع الأوقات واستنزاف الجهود والانعزال عن الأسرة والمجتمع وما قد يبتلى به المتصفح من الوقوع في الفتن والمعاصي والإنزلاق مع خطوات الشيطان وترويج الإشاعات وإشاعة الفحشاء والدعوة إلى المنكر وإتهام الأبرياء والتدخل فيما لايعني من أحوال الناس وخصوصياتهم وتتبع عوراتهم , ومن تتبع عورات الناس تتبع الله عورته حتى يفضحه في بيته ولا سيما حينما تستخدم الأسماء الوهمية والحروف الرمزية ليكون من ورائها القذف والتشهير وقالة السوء والخوض في الأعراض وافتعال الخصومات مع المشاهير وغيرهم في ميادين العلم والسياسة والاقتصاد والإدارة والفكر بقصد الإفساد ونزع الهيبة من الأفراد والمسئولين والتزوير في البرامج والصور وتوظيف الكلام والمواد بما يضر ويورث البلبلة والتشويش , فلا حقوق مصانة ولا شخصيات محترمة ولاحرمة لمجتمع , ثم ما يقود لذلك من المشاحنات والتعصب والتحزب مما يورث الكراهية في النفوس والغل في الصدور ويرسخ الطائفية والحزبية والمذهبية مما يضعف الهوية والانتماء إلى الجماعة.
وأوصى فضيلته المستخدم للإعلام الجديد أن يتقي الله عز وجل وأن يستحضر النية الصالحة المصلحة ويستشعر مراقبة الله في سمعه وبصره ولسانه وجنانه وليستخدم ذلك كله في الخير والصلاح والإصلاح والتقرب إلى الله وجمع الكلمة وزرع المحبة وحسن التعامل وحسن الظن ونشر الصحيح من القول والصالح من العمل والتثبت فيما يقول وينشر التواصي بالحق والصبر والتعاون على البر والتقوى , واستخدام هذه الأدوات والتقنيات بإنشاء مجموعات فاعلة هادفة للترشيد والتوعية وتأصيل القيم وحسن استثمار فوائدها العلمية والاجتماعية والتحذير من مضارها وسلبياتها , لافتاً النظر إلى أن المعلوم لدى أهل العلم والعقل والإيمان انه ليس كل مايعرف يكتب وليس كل مايعلم يقال لاديناً ولا سياسة ولاحكمة ومريد الخير لا تعجزه الطرق النافعة والوسائل المفيدة لنفع نفسه وإفادة غيره والموفق من وفقه الله.
وبين أن من أعظم السلبيات في هذه الأدوات المجاهرة بالذنوب والمعاصي والفحشاء والبذاءة حتى ولو لم يظهر اسم المستخدم أو تعرف شخصيته فهو مجاهر مشيع للفاحشة وناشراً للمعصية وقد تكون المجاهرة بالإثم أعظم من فعله , ذلك لأن المقصود المنع من المجاهرة وتعظيم الذنب وعدم الاستخفاف به والتهاون فيه لما في المجاهرة من دعوة الناس إلى الفجور وتسهيل الإثم وتكثير سواد أصحاب المعاصي وتقوية أهل المنكرات.
وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن رضا الله بوصفها أعلى المطالب وأعظمها, وغاية مطلب سكان الجنان, وبها تتحقق للمؤمن الطمأنينة والسعادة في الدنيا, والفوز العظيم في الآخرة, لقوله تعالى "وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إنه لا أحب, ولا أكرم, ولا أكبر من رضوان الله, إذ هي الأمنية الجليلة التي من أجلها بكت عيون الخاشعين, وتقرحت قلوب الصالحين, وانتفضت الأقدام في جوف الليل, فجعل الله هذا الرضا فوق الجنة, زيادة على الجنة, حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة, فيقولون: لبيك ربنا وسعديك, فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى يارب , وقد أعطيتنا مالم تعط أحداً من خلقك, فيقول سبحانه, ألا أنا أعطيكم أفضل من ذلك, فيقولون: يارب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول الله عز وجل: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً".
وأوضح الشيخ الثبيتي أن طلب مرضاة الله مدار حياة الأنبياء والصالحين, فموسى عليه السلام يسارع إلى ما يرضي الله, فيقول " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى " وسليمان عليه السلام يشكر ربه بالعمل في رضاه, قال تعالى " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ" , كما استشهد بالأدب الرفيع من صاحب الأدب العظيم رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يتأدب في الألفاظ مع ربه وقت الحزن ابتغاء مرضاته, عندما مات ولده, فقال عليه الصلاة والسلام "تدمع العين ويحزن القلب, ولا نقول إلا ما يرضي ربنا, والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون", فالهدف الأسمى لرسولنا صلى الله عليه وسلم طلب مرضاة الله, وحياته تدور حول مرضاة الله, يسأل ربه ليوفقه للعمل الذي يرضيه سبحانه فيقول: " أسألك من العمل ما ترضى" ويقول: "أرضنا وارض عنا".
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: إن الحياة في ظل هذا الهدف وترقية النفس عليه, يجمع الدنيا والدين, ويؤسس لتنمية شاملة, ونجاح مستمر لجميع مشروعاتنا وأعمالنا حين نجعل هدفنا الأعلى رضوان الله, فلا يستوي من طلب رضوان الله, ومن باء بسخطه في مسيرة الحياة ونماءها, وفي المآل والمصير, فمن طلب رضا الله يتبع أوامره, ويتجنب نواهيه, ويسلك سبيل الأبرار, ويعمل عمل من يراه ربه ويبصره, فيقبل على طاعة ربه, ويسخر في سبيله دنياه, ويعمر الأرض بإتقان وإحسان, مستشهداً بقوله تعالى: " أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ".
وبين أن في ذلك قانون عادل, إذ لا يستوي من يتبع رضوان الله مع من يبوء بغضب الله, فمن اختار الشر سبيلاً خالف أمر الله, وانتهك حرماته, وتضررت الأرض بشؤم معصيته وعاقبتها, وباء بسخط الله, فيما يسعى المؤمنون لطلب مرضاة الله بإخلاص العمل له سبحانه الذي يرفع قيمة العمل, ويحسِّن فرص الإنجاز, ويقوٍّي كفاءة الإنتاج, قال تعالى: "وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى ".. وقال صلى الله عليه وسلم: "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له, وإقام الصلاة وإتاء الزكاة, فارقها والله عنه راضٍ".
ولفت فضيلته النظر إلى أن السعي في طلب مرضاة الله علامة الصدق مع الله, وهو الذي ينفع يوم القيامة, مستدلاً بقول الله عز وجل " هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ", مفيداً أن الصادقين نالوا هذه المزية السنية لأن أفعالهم صدّقت أقوالهم, متسائلاً: ما قيمة صلاح الظاهر من أجل أن يراه الناس فيحمدونه, فإذا خلى بنفسه بارز الله بمخالفة أمره !؟.
وأوضح أن في تقديم رضا الله على ما سواه سلامة من خصال النفاق, لقول الله تعالى: " يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ", وقال: "من طلب رضا الله فعليه أن ينخلع من النفاق والتمرد على أوامر الله, مؤكداً أن الولاء والبراء أساس رضوان الله, وهو أن يحب المسلم لله, فيحب من أحب الله, وأحب دينه, ويبغض من أبغض الله, ومن حارب دينه, ويوالي المؤمنين وينصرهم, ويكره الكافرين ويبغضهم, لقوله تعالى: "لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها, أو يشرب الشربة فيحمده عليها".
وأكد فضيلته أن الركع السجود الوضاءة وجوههم بالوضوء, والمشرقة بنور الصلاة يفوزون برضا ربهم, مستشهداً بقوله تعالى " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ" , مشيراً إلى أن من ترك شهواته لله وقدم رضا مولاه على هواه, نال الرضا, وتحقق له ما تمنى, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيام: "قال ربكم عز وجل, عبدي ترك شهوته وطعامه وشرابه ابتغاء مرضاتي, والصوم لي وأنا أجزي به".
وبين فضيلته أن ذكر الله هو أفضل الأعمال لله, فيجد الذاكر الرضا في نفسه, والطمأنينة والسعادة في صدره, لقول الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم, في خطاب للمؤمنين كافة " فَاصْبِرْ عَلَى? مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى? " , لافتاً النظر إلى أن الكلمة الطيبة جلال في معناها, وجمال في مبناها, وأثر بالغ في النفوس, يرفعك الله بها من حيث لا تحتسب, قال ر سول الله صلى الله عليه وسلم, "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات".
وتساءل فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي هل ينسى المسلم أقصر الطرق للرضى, وأقواها, وأعظمها, وأجملها, وقال: إنه رضا الوالدين, وأبلغ من هذا أن رضا الأم والأب مقترن برضا الرب, قال صلى الله عليه وسلم: "رضا الرب في رضا الوالد, وسخط الرب في سخط الوالد" وقال, "رضا الله في رضا الوالدين, وسخط الله في سخط الوالدين" , فمن يرضا الله عنه, لا يسلك سبيلاً إلا سهله الله له, ولن يقرع باباً من الخير إلا فتحه الله له, وبارك له فيه, وإذا رضي الله عن العبد, قبل اليسير من عمله ونماه, وغفر الكثير من زلله ومحاه, ومن رضي الله عنه نال الشفاعة يوم القيامة, مستشهداً بقوله تعالى:"يومئذٍ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.