عاصفة الحزم ليست إلا امتداد لمعارك أخرى مُشرفة وبطولات سابقة خاضها الجيش العربي السعودي منذ احتلال فلسطين وحتى الآن، وفي مقال سابق أشرت الى شهداءنا السعوديين في الشام ومصر رحمهم الله، ومن الثابت أن المقاتل السعودي لم يتغيب ابداً عن خوض اي معركة للدفاع عن أي ارض عربية سواء في الاردن وسوريا ولبنان وفلسطين أو في مصر واليمن والكويت والصومال وغيرها، وقدر السعوديين دوماَ أن أنظار العرب تتجه اليهم في الازمات والشدائد رغم الجحود والمواقف السلبية التي تصدر من بعضهم تجاه المملكة. وبما اننا حاليا نتابع عمليات عاصفة الحزم ضد الارهابيين الحوثيين باليمن فمن الطبيعي أن نستعيد ذكريات حرب أخرى قديمة فُرضت على بلادنا في عام 1969م وعُرفت بحرب الوديعة وقصتها أن زعماء الثورة اليمينة الماركسية بجنوب اليمن بقيادة قحطان الشعبي قاموا بتصدير ازمتهم حين فشلوا داخليا في تلبية احتياجات شعبهم فافتعلوا ازمة سياسية وحرب خارجية مع المملكة من خلال إعتداءهم على الوديعة وهي قرية سعودية حدودية صغيرة لم يسمع عنها الكثير قبل ذلك، وقد كان اولئك القادة المأزومين في عدن هم الوحيدين من بين العرب الذين اعتنقوا الشيوعية الماركسية كنظام حكم، المهم انهم افتعلوا الحرب ودفعوا باللواء 130 مشاة مدعوما بالمدفعية والطائرات وقوات شعبية صباح يوم 27 نوفمبر 1969(1388ه) الى داخل اراضينا السعودية فاحتلوا الوديعة وكانوا متجهين لإحتلال شرورة ولكن الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله اصدر امره الفوري بطرد المعتدين فسارعت القوات المسلحة السعودية الى شرورة وتمكنت من مواجهة الغزاة هناك وقامت بمنازلتهم وجهاً لوجه والحقت بهم خسائر جسيمة ثم واصلت مطاردتهم وضربهم بقوة حيث تدخل سلاح الجو السعودي وحسم الأمر من خلال ضرب المعتدين الذي انكشفوا تماما في الصحراء حتى تم تحرير الوديعة فانهزم الجيش المعتدي شر هزيمة وسرعان ما انعكست نتائج تلك المعركة الى داخل القيادة في عدن فطُرد اعضاء من الحزب الاشتراكي ومن كبار ضباط الجيش واعتقل من تبقى من القادة المنهزمين في ميدان المعركة. ومن اللافت في تلك الحرب سرعة استجابة قواتنا المسلحة رغم طول خطوط الامداد وعدم توفر طرق المواصلات الجيدة آنذاك الا ان الجيش السعودي قام وبكل اقتدار بالوصول الى أرض المعركة في وقت قياسي ونفذ عملياته هناك على ثلاث مراحل سريعة جدا تمثلت في ايقاف وتثبيت زحف قوات المعتدي تجاه شرورة ثم الهجوم وتحرير الوديعة الحدودية بشكل كامل ثم ملاحقة فلول المعتدي وتحويل الصحراء الى منطقة قتل عسكرية فأبيدت القوات المهاجمة وجميع مراكز قياداتهم ونقاط إمداداتهم الميدانية. هذه هي احدى بطولات قواتنا المسلحة ومقاتلينا الشجعان، وما اشبه الليلة بالبارحة فها هي قواتنا العسكرية الآن تخوض معركة اخرى بنفس الجهة تقريبا وضد نفس العقلية المتخلفة ولكن بوجه طائفي ارهابي حوثي خبيث تابع للثورة الارهابية الايرانية بينما من افتعلوا الحرب في الوديعة عام 1969م كانوا بوجه شيوعي ماركسي لينيني تابع للكرملين السوفييتي. ولقد كان من المواقف الخالدة خلال حرب الوديعة أن قائدنا وملك بلادنا الشجاع سلمان بن عبدالعزيز نصره الله وقف بنفسه على ارض المعركة مع القادة الميدانيين بشرورة والوديعة في مرحلة حاسمة من تاريخنا السعودي، وها هو اليوم بنفسه ايده الله يقود عاصفة الحزم ضد عدوان متجدد وفكر حاقد متخلف ليس بلون شيوعي ماركسي وإنما بلون مجوسي خٌميني ارهابي… ويبقى إيماننا وتبقى ثقتنا بالله تعالى ان من هزم أولئك المعتدين في الوديعة سيهزم بعون الله قريبا الغادرين الانقلابيين الحوثيين بصعدة وصنعاء وسيحبط اطماع ونوايا رأس الأفعى بطهران وقم. وحينما نستذكر شهداءنا وبطولات جيشنا السعودي العظيم عبر تاريخه الطويل فبكل الإكبار والإجلال نشيد بؤلئك الرجال ابطال حرب الوديعة وفي مقدمتهم الشهداء واخوانهم الاخرين غفر الله لهم واحسن عاقبتهم فقد خاضوا الحرب وطردوا الغزاة وحرروا الأرض وجعلوا رمال ووديان الوديعة مقبرة للمعتدين، وهو ما يقوم به حاليا ابطال عاصفة الحزم الواقفين على ارض حدودنا والمحلقين في سماء مسرح العمليات فلهم نقف احتراما واعتزازا بمواقفهم راجين من الله أن ينصرهم على الاعداء. وحقاً لقد الهمتنا عمليات عاصفة الحزم أن ندعو الله بالرحمة لجميع شهداء المملكة منذ بداية تأسيسها الى يومنا هذا حيث قدموا ارواحهم جهادا في سبيل الله تعالى ليبقى علم التوحيد يرفرف عاليا بارض الحرمين المملكة العربية السعودية ، وضمنهم شهداء حرب الوديعة في العشر الأخيرة من رمضان المبارك ١٣٨٩ه وهم: الوكيل / نايف صندل الحربي العريف / عياش عويتق المطيري الجندي/ حسن محمد الشهري الجندي/ مستور احمد المالكي الجندي/ راجح عبدالله السبيعي الجندي/ حسين موسى القحطاني. أخيرا فإن لكل معركة مواقف وشواهد تبقى خالدة، ومن منا لم يسمع بمطلع بيت العرضة الشهير (نحمد الله جت على ما تمنى … من ولي العرش جزل الوهايب) وهي قصيدة حربية قيلت بمناسبة انتصار بلادنا وجيشنا وصقور الجو بحرب الوديعة، قالها شاعر الملاحم الوطنية الشعبي عبدالرحمن بن سعد الصفيان رحمه الله صبيحة ذلك الإنتصار الكبير حيث قُرع الطبل وأقيمت العرضة ابتهاجاً بالنصر ودحر العدوان بهذه القصيدة الوطنية: نحمد الله جت على ما تمنّى من ولي العرش جزل الوهايب **** خبّر اللي طامع في وطنّا دونها نثني ليا جا الطلايب **** يا هبيل الراي وين انت وانّا تحسب ان الحرب نهب القرايب **** واجد اللي قبلكم قد تمنى حربنا لاراح عايف وتايب **** انهض الجنحان قم لا تونّى لين نكِلّهم دروس وعجايب **** كان ما نجهل على اللي جهلنا ما سكنا الدار يوم الجلايب **** دام فيصل يزهم الكل منا فازعينٍ كل صبيٍ وشايب **** لامشا البيرق فزيزومه إنّا حن هل العادات وأهل الحرايب **** ديرة الاسلام حامين أهلنا قاصرينٍ دونها كل شارب.