متى آخر مرة سمعت فيها عن إحياء ﺃمسية في مدينة الرياض؟ ﺃو متى آخر مرة حضرت فيها ﺃمسية شعرية في الرياض؟ بل دعنا نعيد ترتيﺐ السؤال بشكل ﺃوضح: كم عدد الأمسيات التي شهدتها خلال آخر ثلاث سنوات مقابل عدد القصائد التي سمعتها ﺃو رﺃيتها على الموقع الشهير يوتيوب ﺃو على الإنترنت عموما؟ بالتأكيد لن تكون المعادلة منصفة لتقليد ثقافي واجتماعي يسمى "الأمسية" ويعرف من مئات السنين، مقابل خدمة لم تصل إلينا إلا من سنوات قليلة! ترى ما السبﺐ وراء ذلك؟ كثير من الشعراء المعروفين في السعودية لم تتح لهم فرصة إحياء ﺃمسية واحدة، بعضهم تمتد مسيرته الشعرية إلى ﺃكثر من 15 عاما ﺃو ربما ﺃقل، لكن الواقع يثبت ﺃن حسابات منظمي الأمسيات قد لا تتوافق مع حسابات الشعراء، حيث يعتمدون ﺃسماء معينة لأسباب تخدم ﺃغراض الأمسيات ﺃو المهرجانات وغالبا ما تكون ﺃهدافا وﺃغراضا جماهيرية/ إعلامية. ومع غياب فكرة ﺃجندة الفعاليات السنوية التي تعتمد في بعض الدول العربية والأوروبية على المشهد الشعبي، ظهرت مبادرات فردية من الشعراء تتمثل في نقل قصائدهم صوتا وصورة عبر مواقع الإنترنت مثل يوتيوب وغيره. كما ﺃن بعض الشعراء سبقوا شركات الإنتاج التي بدﺃت اليوم ا حتكا ر ا لشعر ا ء كما يحصل مع الفنانين، وبثوا قصائدهم المسموعة عبر الإنترنت وبعضهم يضع مثل هذه الخدمة تحت اسم صوتيات في ﺃ قسا م خا صة بنتا جهم الشعري في مدونات ﺃو مواقع شخصية. ومثال على ذلك صفحة القصائد المسموعة في موقع الشاعر فيصل اليامي، ﺃو كما يحصل لدى بعض الشعراء الذين يذيلون مشاركاتهم بتوقيع "قصائدي الصوتية" ومن خلال الضغط عليه تصل إلى مجموعة من القصائد ربما لن توفرها لك ﺃية ﺃمسية شعرية مهما طالت مدتها، كما يحصل مع الشاعر ناصر حطاب الدهمشي الذي يذيل مشاركاته في منتدى شظايا الأدبي بتوقيع لمجموعة قصائده الصوتية. تقنيات الإنترنت السريعة اليوتيوب اليوم يوفر خدمات الأمسيات المرتجلة ﺃيضا، استفاد من ذلك الشاعر علي الحارثي المشارك حاليا في (شاعر المليون)، ويبدو ﺃن علي يغازل الشهرة من قبل برنامج المليون حيث لم يفوت رصيفا ﺃو مكانا عاما إلا والتقط لنفسه صورا فيه ﺃثناء إلقاء القصائد! وﺃيضا وفر علي لنفسه جمهورا "يصفّ ر" له حين يطلﺐ، ويردد وراءه آخر كلمة من كل بيت! ﺃمثال علي من الشعراء كُثر ويبدو ﺃن بعد الجزء الثالث من برنامج شاعر المليون ﺃصبح معظم ا لشعر ا ء ا لخليجيين "يوتيوبيين" حيث وفر البرنامج خدمة نقل مشاركات الشعراء عبر اليوتيوب، ﺃي صار بإمكان الأمريكي ﺃو الأسترالي ﺃن يستمع إلى قصائدنا الشعبية، لكن لا نعلم إن كان سيخرج علينا شاعر ما ليقول إنه بسبﺐ ذلك وصل إلى العالمية! بعض معجبي الشعراء ﺃو ربما الشعراء ﺃنفسهم، يقومون بما يشبه عملية قرصنة شعرية حيث يقتصون مقاطع من لقاءات تلفزيونية المفروض ﺃن حقوقها محفوظة لجهة البث وينشرونها عبر اليوتيوب، وربما يحصل هذا بعدما غسل الشعراء ﺃيديهم من منظمي الأمسيات فقرروا ﺃن ينظموا ﺃمسياتهم بأنفسهم! يبدو ﺃن التقنية على اختلاف ﺃشكالها كانت للشعراء بمثابة ثغرة الضوء التي توفر لهم الفرار من التعتيم عليهم من خلال الأمسيات للخروج إلى النور بأقل التكاليف الممكنة، فهل سيقضي هذا المجال على الأمسيات بشكل نهائي، ﺃم سيظهر من ينقذ هذا المجال بشكل مدروس قبل انقراضه؟ !