يواجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح هذه الأيام احتجاجات متزايدة في كافة أنحاء البلاد تطالب برحيله. وفي الأسابيع الأخيرة انضمت عدة قبائل ذات نفوذ إلى المعارضة، والتظاهرات تتزايد في بلد يقال إن كل فرد من سكانه يمتلك ثلاث بنادق. وهي علامات تنذر بالسوء مع تشبث صالح بالسلطة. ونهاية اللعبة هي مغادرة الرئيس الفورية رغم وعده بالتنحي في عام 2013. ولحسن حظ الرئيس، هناك أربعة عوامل رئيسية تساعده على البقاء في السلطة، رغم الاحتجاجات. وأول العوامل هو أن اليمن دولة ريفية إلى حد كبير، حيث إن ثلاثة مواطنين من أصل عشرة يعيشون في المدن، وهو ما يجعل التعبئة السياسية لتنظيم انتفاضة مسألة صعبة. والعامل الثاني هو أن المعارضة لا تزال متباينة وممزقة وبلا قيادات. والثالث يرتبط بأن أمريكا ترى في صالح حليفا قويا في مواجهة الإرهاب المسلح ومحاربة المتطرفين، ولذا فهي تدعمه بكل قوة دون أن تعلن عن ذلك. وأما العامل الرابع فهو أن شبكة المصالح التي صاغها مع علماء الدين وبعض زعماء القبائل ما زالت قوية. ولكن هذه العوامل بدأت تتآكل، وبدأ صالح يشعر بالضغط. وفي فبراير قدم عرضا لدخول المعارضة في حكومة وحدة وطنية. وفي مارس الجاري وعد بإجراء استفتاء على دستور جديد، والتحول من النظام الرئاسي إلى نظام برلماني. ورفضت المعارضة كل العروض، وأعلنت أنه لا يمكن بيع وعود صالح إلى الشارع. وأمام هذا الأمر الواقع، أصبح من الضروري على الطرفين الجلوس وفتح الحوار لتفادي المخاطر الكبيرة عندما تتحول المواجهة إلى حرب أهلية تضطر فيها أطراف خارجية للتدخل لخوض حرب بالنيابة عن قوى إقليمية ودولية. وبدلا من الانتفاضة الجماهيرية، فإن المفاوضات لا تزال أفضل وسيلة لإبعاد صالح من السلطة. وينبغي للمعارضة أن تكتم أنفاسها وتدخل في محادثات مفتوحة؛ ويجب على أمريكا أن تدفعه لأن يتجاوب مع مطالب المحتجين المشروعة للإصلاحات الديمقراطية. وقبل أن تبدأ المفاوضات، يجب أن يثبت الرئيس للمعارضة أنه لا يمارس لعبة الوقت، وأن يبعد بعض أقاربه من مواقعهم في جهاز الدولة في إشارة إلى أنه مستعد للعمل.. وكذلك القول.