أكتب اليوم ولفترة محدودة بديلا عن زميلنا الكاتب الساخر ماجد بن رائف الذي «ترقى» ليصبح كاتبا في الصفحة الأخيرة بالتناوب مع الزميل منيف الصفوقي. على سيرة «البديل»، فإننا إزاءه لا نملك حلا وسطا. إما أن يكون البديل «درجة ثانية»، وكثيرا ما تحوطه الشكوك ويكون غير ذي قيمة، على غرار الطب البديل واللاعب البديل والطاقة البديلة، أو يكون ثورة رائجة في كل مناحي الحياة كالإعلام البديل والتعليم البديل والثقافة البديلة والبرامج البديلة والمشاريع البديلة والبدائل السياسية. باختصار؛ لكل شيء هناك بديل جاهز، مثلما أصبحت بديلا جاهزا للزميل ماجد. وعلى ذكر السياسة، فإن معظم السياسيين «الشعاراتيين» يبنون شعبيتهم على فكرة مناهضة تماما ل «البديل». إذا أراد أي حزب أن يؤكد موقفه الصارم و»الشعبي» تجاه قضية «عاطفية» ما فإن أسهل شعار هو: «لا بديل عن كذا». تصفق الجموع وتتنامى شعبية الحزب. غير أن الحزب نفسه يفتح كل البدائل المحترمة والمنحطة لحظة وصوله إلى السلطة فيصفق الشعب كفا بكف. ويقال – والعلم عند الله - إن معظم الحكام الديكتاتوريين يستعينون دائما ببديل بالغ الشبه بالحاكم ليظهر في المناسبات الشعبية التي لا يمكن إحكام فرض النظام فيها خشية على حياة الحاكم بأمره. من أشهر هؤلاء الحكام الراحل صدام حسين الذي قيل كثيرا إن معظم صوره وهو يرقص الدبكة مع شعبه في شوارع بغداد هي لشخص بديل. على أية حال لم تؤكد الرواية حتى بعد سنوات من سقوط صدام، غير أن فيلما ظهر مؤخرا اسمه «بديل الشيطان» يروي قصة بديل عدي نجل صدام، الذي يزعم أنه كان عراقيا اسمه لطيف يحيى. بمعنى أنه ليس الحكام وحدهم من يستعينون بالبدلاء؛ بإمكان أنجال الحاكم وأقربائه وجيرانه أن يؤجروا بديلا مناسبا. لكن، ما لنا وللسياسة والسياسيين. بإمكاننا أن نسقط ثقافة البديل على حياتنا اليومية لنعثر على كثير من المفارقات المضحكة والمبكية في آن. وحيث إن مساحة الزاوية انتهت تقريبا، فلا «بديل» عن أن أتحدث في هذه الأفكار غدا.