قول مشهور بين المهتمين بتطوير الذات البشرية وتنمية قدراتها، وإخراجها من سراديب الانهزام النفسي، والاستسلام للصعاب والعقبات التي تعترض الطريق. «الشمعة لا تخسر شيئاً.. إذا ما تمَّ استخدامها لإشعال شمعة أخرى» وهو قول جميل يحمل معنى جميلاً، لأنه يدعو الإنسان إلى أن يكون ذا دور في الحياة، وأن يكون نفعه متعدياً إلى غيره، وهو بذلك يربح أجر نفسه وأجر غيره، وهو أيضاً لا يخسر شيئاً عندما يفعل ذلك، وفي هذا القول إيحاء جميل إلى كل إنسان أن يكون شمعة في الحياة، ولن يكون كذلك إلا إذا اهتم بنفسه وحرص على تطوير ذاته، وتنمية قدراته، وملأ عقله وقلبه بالإيمان والعلم والوعي والثقافة والحب والشعور بالمسؤولية، فهو بهذا الاهتمام سيصبح شمعة تضيء للآخرين، ولكل شمعة وهج وضياء يبدأ قوياً ثم يتناقص حتى ينطفئ، فإذا لم تشعل هذه الشمعة قبل انطفائها شمعة أخرى فإن الظلام سيعم المكان ويسيطر عليه. كثير من أصحاب الخبرة والتجربة والعلم والمعرفة الذين لا يعملون على نقل خبراتهم وتجاربهم وعلمهم ومعرفتهم إلى غيرهم من الأولاد والأهل، والطلاب, والراغبين في العلم والمعرفة يموتون موتة كبرى، ينتهي بها دورهم في الحياة، وتتلاشى آثارهم، ويموت ذكرهم، ويطويهم النسيان، إنها موتة مضاعفة تتكون من موت الروح، وموت التجربة والخبرة والعلم والمعرفة، كالشمعة المضيئة التي مات ضوؤها، وانطفأت شعلتها قبل أن تضاء بها شمعة أخرى تواصل مسيرتها في نشر النور وطرد غياهب الظلام. هنالك آباء وأمهات وأجداد وجدات لم يتلقوا قدراً وافراً من العلم والمعرفة، ولكنهم تلقوا من دروس الحياة ما كون لديهم من الخبرات والتجارب ذخيرة لا يستهان بها، ومع هذا فإن من حولهم من الأولاد والأهل يفرطون فيهم، وينحونهم عن مواقع التأثير ومجالس العلم والمعرفة بحجة أنهم أصبحوا خارج دائرة الحياة المعاصرة، وليس لديهم ما يمكن أن ينفع أجيال شبكات المعلومات، وشاشات الفضائيات، ووسائل التربية الحديثة. وفي هذا - لو تأملناه - عقوق مقيت للآباء والأجداد، وإهدار متعمد لثروة الخبرات والتجارب التي حصلوا عليها في حياتهم، ولا تخلو من فوائد لأبنائهم وأحفادهم. وهنالك معلمون وموظفون تكونت لديهم خبرات وتجارب وعلوم ومعارف، ولكنها تقاعدت حينما تقاعدوا، وماتت مع من مات منهم، فلا هم قدموها، ولا من حولهم طلبوها، وهكذا تخسر الشمعة نفسها فيموت معها ضوؤها، وربما كان حولها عدد من الشموع تنتظر من يقدح لها الضياء. إن المسلم الحق - إذا أردنا أن نضرب مثلاً - جدير بأن يحقق المعنى الجميل الذي تضمنه هذا القول المذكور، فهو شمعة تضيء وتشعل غيرها ليستمر الضياء، وفي القرآن من الآيات، كما في السنة من الأحاديث ما يؤكد هذا المعنى ويدعو إليه، فالحث على طلب العلم، والعمل به، والدعوة إليه من الأمور المطلوبة شرعاً، ولولا ذلك لما كان كاتم العلم مذموماً في ديننا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة إسلامية تؤكد هذا المعنى - أيضاً - ومسألة النفع العام للمسلمين بل للناس جميعاً من المسائل المقررة في شرعنا وهي من باب إشعال شمعة جديدة من ضوء شمعة قديمة حتى يستمر الضياء. إشارة: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم