ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم ليصبح قانوناً    إنزاجي: الهلال فاق كل التوقعات بكأس العالم للأندية    مدرب فلومينينسي: الهلال فريق منظم وقوي    الهلال يودع «مونديال الأندية» بعد إنجاز تاريخي وأداء مشرف    15 دقيقة أولى لحمدالله بقميص الهلال    اجمالي أرباح الهلال المالية في مونديال الأندية    إنزاغي: الهلال تأثر ببعض المتغيرات    الهلال يودع مونديال الأندية من ربع النهائي    «سلمان للإغاثة» يدشّن المرحلة الثالثة لمشروع دعم الأمن الغذائي في باكستان لعام 2025    القبض على مواطن في تبوك لترويجه «الإمفيتامين»    أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الراجحي    وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    مجمع الملك سلمان وتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم "مصطلحات الحياة الفطرية"    نادي الصقور يعلن عن فعالياته في المملكة    انخفاض أسعار النفط مع تأكيد إيران التزامها بالمعاهدة النووية    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    إحباط محاولة تهريب 646 ألف حبة من مادة "الإمفيتامين" المخدر مُخبأة في إرسالية    فراس آل الشيخ، المدير الإقليمي لشركة ريد هات في المملكة: بناء المستقبل الرقمي للمملكة.. دور "ريد هات" في تمكين الابتكار والأمن السيبراني    قتيلة في جنوب روسيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    الدولار يتماسك أمام اليورو والين    بلدية عنيزة تُطلق مهرجانيّ «كرنفال السعادة» و«صيف عنيزة» بالتعاون مع القطاع الخاص بمتوسط حضور يومي يتجاوز 8000 زائر    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    الإنجاز والمشككون فيه    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جذور العناد في المجتمع السعودي

لعل من أبرز السمات التي يتصف بها الفرد السعودي أنه إنسان معاند، ولعل هذه الصفة واحدة من الصفات التي تختزنها الثقافة، وتمررها من جيل إلى جيل، فتقوى وتضعف حسب الظروف والفترات الزمنية المختلفة، ومن مؤشرات هذه الصفة الموغلة في القدم ما ذكره أكثم بين صيفي بين يدي كسرى الذي أخذ على العرب أنهم لم
يؤسسوا دولة، ولم يكن لهم كيان سياسي واضح، فكان رد أكثم بن صيفي أننا نحن العرب كلنا رؤوس، ولا أحد منا يرضى أن يكون هناك من يسوسه أو يقوده، ويملي عليه أوامره!!! ثم جاء الإسلام وغير ما في أنفس العرب، وغير قناعاتهم، ووحدهم تحت راية لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وتحت مبدأ المساواة، وأن الناس خلقوا من ذكر وأنثى، وأن الله جعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وجعل ميزان المفاضلة بينهم هو تقوى الله سبحانه وتعالى ولا شيء غير تقوى الله وأمر بطاعة من تجب طاعته في قوله تعالى: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) وحدث تقارب بين المهاجرين والأنصار لم يسبق له مثيل في التاريخ، فقد تقاسموا كل شيء، وتآلفت أرواحهم ونفوسهم، وصهرها الإسلام في بوتقته، وإن كانت نعرات الجاهلية تظهر بين الحين والآخر، مثل تلك التي كادت أن توقع بين المهاجرين والأنصار عندما ضرب مهاجر أنصارياً، فتنادوا، يا للمهاجرين، يا للأنصار، وعندما علم الرسول جاء وخاطبهم قائلاً: أبدعوى الجاهلية؟!! وأنا بين أظهركم؟!! دعوها فإنها منتنة..!! وبقيت اللحمة قوية، وتخلى الناس عن عنادهم طاعة لله ولرسوله ولولي الأمر، وتكاتفت الجهود، واجتمعت السواعد، والإرادات لنشر دين الله في الأرض، وتمكن أولئك البدو من فتح الآفاق، وحمل الرسالة إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولكن دعوى الجاهلية التي حذر منها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقيت كامنة عند البعض، تطل برأسها بين وقت وآخر، فصفة العناد المبنية على العصبية القبلية، والاستقلال الوهمي، وأن كل فرد يعتبر نفسه رأساً كما قال أكثم بن صيفي ليس فوقه رأس آخر، بقيت جرثومتها كامنة في الجسم العربي، وعادت إلى نشاطها بين القيسية واليمانية، وبين العدنانية والقحطانية، وبين العرب والفرس، وعندما وحد الملك عبدالعزيز رحمه الله البلاد، وسار في الطريق الذي سار فيه محمد صلى الله عليه وسلم، من نشر دعوة التوحيد، ونبذ العصبية، وإحلال المواطنة بدلاً من القبلية، اجتمع الناس حوله، وجمع الله به ما فرقته العصبيات، والدعوات الفردية، ورغم كل ذلك فإن جذور العناد الكامنة في الجينات التي يحملها الفرد السعودي تبرز بين الحين والآخر حتى فيما فيه مصلحة عامة ومصلحة خاصة للفرد نفسه، فأحياناً يركب الفرد موجة العناد الأهوج ولو في ذلك ضرر عليه وعلى دينه وخلقه، حدث معي مرات كثيرة أن أطلب من الذي يقف بجواري في الصلاة أن يستوي ويعتدل، ويقيم الصف، ولكنه يأبى أن يتحرك قيد أنملة، وينظر شزراً إلى محدثه، وكأنه يقول أنا لا أتلقى الأوامر من أحد!!! وعن ركوب موجة العناد المؤدي إلى الخطر والموت حدث ولا حرج عما يجري في الطرقات والشوارع عند قيادة السيارة، فالعناد في معارضة ومعاكسة أنظمة المرور تجده في كل مكان، في حركات همجية لا تراعي الآداب العامة، ولا تراعي حقوق الآخرين، فالشخص يأتي من أقصى اليمين، ويتجاوز كل السيارات، ويعترض أمام الآخرين، حتى إذا أضاءت الإشارة الخضراء سابق الجميع متجهاً إلى اليسار، أو عائداً إلى الخلف، وإذا كان مثل هذا السلوك لا يسمى همجية وفوضى، فلا أدري ما الهمجية وما الفوضى؟!!! أما عن السرعة، وخاصة في الطرق الطويلة، والشوارع المستقيمة والفسيحة، فحدث ولا حرج، فالتجاوزات لا حدود لها، والضحايا بالآلاف في كل عام، والإصابات بعشرات الآلاف، والخسائر المادية بمليارات الريالات، ولو أن كل فرد تعلم كيف يحترم النظام، ويطبقه، وجانب العناد والمكابرة لما تعرض أحد للخطر، ومثل هذا يقال عند الحديث عن ظاهرة الإسراف، وتلويث البيئة. كنت يوماً من الأيام أتوضأ لصلاة المغرب في مركز دراسة الطالبات في جامعة الإمام، وكان بجواري في منطقة الوضوء شاب يرتدي بدلة الأمن والسلامة، وكان فاتحاً صنبور الماء إلى أقصاه، وكان الماء يتدفق بغزارة، فطلبت منه أن ينقص من تدفق الماء، فنظر إلي نظرة تعجب واستنكار!!! فما كان مني إلا أن مددت يدي ونقصت درجة تدفق الماء، فقال: وهل تخسر شيئاً من جيبك؟ وأعاد تدفق الماء إلى ما كان عليه وزيادة!!! هذا شخص كان ينوي أداء صلاة المغرب، ونسي أو تناسى أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وأن الرسول أمر بعدم الإسراف في الوضوء ولو كان المرء على نهر جار...!! ولكنها خاصية العناد التي تسري في عروق كثير منا، المشوب في كثير من الحالات بالجهل، والغوغائية، وتزيد هذه الأمور ظهوراً في ظل غياب الحزم في تطبيق الأنظمة، وتطبيق الجزاءات على المخالفين، وخاصة في مجال المرور الذي تتعلق به حياة الناس وسلامة أرواحهم، وأطرافهم وأموالهم، ويبدو لي أن التربية يجب أن تركز على مبدأ الطاعة لولي الأمر بدءاً من الوالد في المنزل، وانتهاءً بأعلى سلطة في البلاد، إن الطاعة فيما ليس فيه معصية لله من أهم عوامل تطور وتقدم الشعوب والأمم، وإذا غاب هذا المبدأ حلت محله الفوضى والهمجية والغوغائية، وهي صفات لا أعتقد أن إنساناً عاقلاً راشداً يرغب في أن يتصف بها، أو أن يتصف بها مجتمعه وأمته، والله من وراء كل شيء.
* أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.