سوف أخصص مقالتي اليوم عن (الوفاء الزوجي) إن صح التعبير. فليس هناك أمر يدعو للغبطة أكثر من أن تشاهد زوجين متعانقين بحرارة الخد على الخد، والساق ملتفة على الساق، ومواويل الغرام تصدح من المسجل وتملأ أرجاء الغرفة حبورا، إن منظرهما وهما على هذه الحالة (يجنن)، وهما لا يذكرانني إلا بطيور الحب التي يقال لها (النغاري). وفي مقابلة تلفزيونية، سئل المحامي الإيطالي الشهير (كارنيلوتي) عن سر نجاحه، فأجاب: إنها (زوجتي) ما غيرها، وعندما لاحظ دهشة المذيع الذي يجري المقابلة، أضاف: (صحيح أنها لم تدرس القانون، وأنها لا تتدخل في عملي، ولا تطلب مني النصح أو تسدي إلى نصحها، إلا أنها تملأ حياتي بحضورها، فهي تتوقع رغباتي وتكشف أطواري وتصغي إلى غضبي، وتجد في كل موقف العبارة المناسبة: وفي المساء حين أراجع أوراقي، تجلس هي إلى جانبي مثل (الموميا) وتحيك الصوف من غير أن تنطق بكلمة، ولولاها لما أمكنني تلمس طريقي، لكني بوجودها أقوى على كل شيء) انتهى. هذا هو المسلك النموذجي، والطريق المستقيم الذي يجب على كل زوج أن يسير عليه، غير أن بعض الأزواج، والعياذ بالله، قد طبع (وبالات) إبليس على عقولهم وأفئدتهم، فأصبحوا كالذئاب النهمة لا تكفيهم زوجة واحدة، ولو كان الهوى هواهم لما كفاهم (درزن) أو حسب اللهجة اللبنانية (دزينة) كاملة من النساء، أي (12) امرأة على الأقل. غير أن خبرا قرأته قبل أيام هدأ من روعي وأدخل على قلبي السكينة، وجاء في الخبر أنه: أكد علماء للبحوث في جامعة إيموري ومركز علم الأعصاب السلوكي بأمريكا أن جينا يزرع في المخ يمكن أن يحول ذكور القوارض الذين يخونون رفيقاتهم إلى الإخلاص لهن والاكتفاء بأنثى واحدة. على أن يطبق هذا الاكتشاف مع مطلع السنة القادمة (2016)، وسوف تجرى التجارب على الرجال المتبرعين بأنفسهم لزرع هذا الجين في أمخاخهم، ولا بد من الإشارة إلى أن ذلك العقار له جانب إيجابي وآخر سلبي، الجانب الإيجابي هو أن الرجل سوف يتمتع بعضلات وصحة فائقة، أما الجانب السلبي فهو بسيط وغير خطير، وكل ما في الموضوع أن الرجل عندما يتناول العقار سوف يصاب ببرود منقطع النظير، ولا هم له إلا أن يضحك (كالأهبل) بدون سبب، ويمشي دائما في الأسواق وهو يكلم نفسه. وقد هزت مشاعري صورة لقبر اكتشفوه في منطقة (القصيص) في إمارة دبي، ويعود تاريخه إلى ما يقارب (4500) سنة، وفيه هيكلان عظميان لزوج وزوجته متعانقان، وكل واحد منهما محتضن الآخر، ووجدوا في وسط الرجل (خنجر) برونزي، فيما كانت زوجته تزين ساقها بخلخال ولا أدري كيف ساعدهما الحظ وتسنى لهما أن يموتا في وقت واحد ويقبرا مع بعضهما البعض في قبر واحد؟! وبعد أن قرأت هذا الخبر بصوت مسموع، أزحت الجريدة من وجهي، وسألت من كان بجانبي قائلا: هل تتمنى يا فلان أن تدفن مع زوجتك في قبر واحد، وفي (آن واحد)؟!، فأجابني سريعا: طبعا، وبكل تأكيد، على شرط إذا كنت أنا الذي سوف أموت قبلها وهي ما زالت حية (رقطاء تسعى). [email protected]