الملك وولي العهد يتلقيان دعوتين من أمير قطر لحضور القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية    فيصل بن نواف يفتتح مدينة الحجاج والمعتمرين بالجوف    إيرادات السعودية تسجل 263.6 مليار ريال في الربع الأول 2025    أمير الجوف يرأس اجتماع لجنة الحج العليا بالمنطقة لعام 1446 ه    أمير تبوك يستقبل رئيس جمعية "أصدقاء" لاعبي كرة القدم ويقبل العضوية الفخرية    دوري يلو.. مواجهات حاسمة في صراع "البطاقة الثانية"    أمير تبوك يرعى غداً الثلاثاء حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    منظمة التعاون الإسلامي تُدين الاعتداء على المرافق الحيوية والبنية التحتية في بورتسودان وكسلا بالسودان    المانجو في جازان.. ثروة اقتصادية تنمو بالبحث والتطوير    القيادة تهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    مختص ل"الرياض": 85% من الوظائف المستقبلية ستكون قائمة على المهارات الاتصالية والتقنية    عبد الله الفارس رئيسا لمجلس إدارة "زين السعودية" وبدر الخرافي نائباَ لرئيس مجلس الإدارة    قوّات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم    تجمع الأحساء الصحي ينظم ورشة عمل الرعاية التلطيفية    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    هيئة فنون العمارة والتصميم تختتم المنتدى الأكاديمي للعمارة والتصميم بنسخته الثالثة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    مستشفى النعيرية العام يحتفي باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    طبيبة من أصل عربي لمنصب الجراح العام في امريكا    أسعار النفط تنخفض بأكثر من دولارين للبرميل        عادة يومية ترفع معدل الوفاة بسرطان القولون    قبل أن أعرفك أفروديت    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    سعد البريك    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الداخلية: 100 ألف ريال غرامة لمن يؤوي حاملي تأشيرات الزيارة    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    انطلاق المعرض العائم اليوم في جدة.. 60 مليار ريال سوق «الفرنشايز» في السعودية    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    خلف كل بساطة عمق عظيم    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    اللقب الأغلى في تاريخ قلعة الكؤوس.. عاد الأهلي.. فأرعب القارة الآسيوية    التقى أمير المدينة والأهالي وأشاد بالتطور المتسارع للمنطقة.. وزير الداخلية يوجه بمضاعفة الجهود لراحة قاصدي المسجد النبوي    أمير الشرقية يعزي المهندس أمين الناصر في وفاة والدته    برعاية خوجة وحضور كبير.. تدشين كتاب «صفحات من حياة كامل بن أحمد أزهر»    خطة لتوزيع المساعدات تُشرعن التجويع والحصار .. إسرائيل تدير الموت في غزة بغطاء إنساني زائف    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    «البرلماني العربي» يدعم القضية الفلسطينية ويرفض التهجير    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    المملكة تتقدم 28 مرتبة بتقرير مخزون البيانات المفتوحة    تنفيذ 15 مشروعاً بيئياً في جدة بأكثر من 2.3 مليار ريال    إقبال كبير على معرض المملكة «جسور» في كوسوفو    اختتام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    بيئة المملكة خضراء متطورة    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فان غوخ.. الطاقة المبهرة
نشر في عكاظ يوم 08 - 01 - 2015

فان غوخ، طاقة مبهرة، وموهبة غير عادية، منجزه الفني عبارة عن "كتابة تصويرية" يتحكم فيها كل التحكم، فهو يتميز بقدرة مذهلة على الرسم، هذه الطاقة تتحول في كثير من الأحيان إلى هوس. إن الدخول إلى عالم فان غوخ هو دخول إلى عالم النبوغ والتفوق. كان يرسم كما يكتب: أحيانا اللمسات تأتي متتالية وبعلاقات مترابطة بينها، كالكلمات في حديث أو في رسالة (من رسالة فان غوخ رقم631 بتاريخ 25 يونيو 1888)، حدث هذا حينما نصب حاملة اللوحات في أوفير سور واز، فأبدع في حالة إشراق غريبة، ما يقرب من سبعين لوحة في غضون ثمانية وستين يوما. مدهش هذا الغوغان!
تكمن أسرار تفوق منجزه في أحلامه وإحباطاته التي جعلت من فان غوخ الفنان العائد إلى الحياة والحاضر الأبدي وبشكل ملح ومستمر من خلال عدد من الكتب النقدية والدراسات الجمالية والندوات والسير الذاتية التي تصدر في كل مكان وزمان. ولعل ما كتبته الباحثة كارين ميللر عن فان غوخ يمنح القارئ فرصة استثنائية للتعرف على هذا الفنان عن كثب. اختارت الكاتبة عنوانا مثيرا لكتابها: "فان غوخ، منتحر المجتمع" الصادر هذا العام.
وما يضيف تميزا لهذه السيرة أنها كتبت بضمير المتكلم، إذ تقمصت شخصية الفنان وتناولت فرشاته. لتعيش ذروة الإبداع وأفول الطموح، ازدهاء الطاقة وسموها واندحارها وعدميتها. ستعيش مع الفنان اختياره وضع حد لحياته وهو في سن السابعة والثلاثين للتخلص من اللا معنى والألم، وبصيص السعادة القاحلة. ستحيي الكاتبة فان غوخ ساردة حياته منذ ولادته في عام 1853 في قرية هولندية إلى لحظة انتحاره في أوفير سير واز في عام 1890. ضمير المتكلم منح السيرة لونا وطعما خاصا ، يسوده تواطؤ حميمي مع القارئ ويوطده خطاب الاعتراف والنجوى.
في الكتاب كل شيء موجز ولكن بدقة عالية (120 صفحة)، بدءا بطفولة من الوحدة، وسط عائلة كبيرة، علاقته بوالده القس، مسيرته القصيرة كتاجر للوحات في لاهاي، والكثير من خيبات الأمل العاطفية، صداقته بتولوز لوتريك، وعلاقته العاصفة، مع بول غوغان وحكاية الأذن المقطوعة. دعم شقيقه ثيو الذي كتب له رسائل استثنائية، وانتهاء بعلاقته باللوحة رفيقته الوحيدة أثناء وحدته اليائسة أمام اجتياحات الطاقة الابداعية الخلاقة والعنيفة.
في الواقع، فان غوخ ليس مجرد رسام كبير، متحمس لفنه، بل إنه فنان حالم، يؤمن بالموهبة والإلهام، لكن بيوتوبيا جميلة وأفكار حية تشبه نغمات صافية، أي هبة ضجيج من الواقع وإكراهاته، تجعل منها موسيقى نشازا وحافة للاستسلام والجنون. لن أقول افتح عينيك لترى فان غوخ، بل افتح عينيك لتقرأ فان غوخ. كان الفنان يكتب أنشودة من الأفكار.
حاولت الكاتبة كارين ميللر الاعتماد على مراسلات فان غوخ التي كانت متوفرة ومصادر مرجعية للولوج إلى حياة الفنان، ليس من أجل استعادته إلى الحياة، وإنما ليحيا في الكتاب من صفحة إلى أخرى، داخل الألم الجسدي كما داخل الفرح النفسي والشغف الابداعي. كيف السبيل لضمان مصداقية لهذا الاقتحام إلى أعماق الفنان والكتابة زياشدة على ذلك بصوته؟ كانت هذه القصدية الوسيلة الوحيدة لجعل الكتاب أكثر أصالة وصدقا. كان لدى الكاتبة ما يكفي من الحدس كي تشعر بما أحسه فان غوخ من حزن وشك وإثارة وعاطفة تجاه أسرته، فتقمصت جيدا شخصيته وأفكاره. وهكذا تجلى فان جوخ وانكشف وتحرر، ساردا اعترافاته وماضيه، ومستشرفا مستقبله في مثل هذه الحالات، فاستخدام ضمير المتكلم ليس اعتداء على أنا الآخر، ولكنه أفضل طريقة للحلول محل الفنان لفهم وتخمين ما يخفيه. نوع من الاستبدال الذكي للمواقع مكن الكاتبة من عرض واقع مباشر، بمثابة مرآة حيث ينعكس وجه واحد. حياة فان جوخ هي بالتأكيد معروفة. من يجهل مراحل مساره الفني الفريد؟ فقد تم تحليله، وتمحيصه، ولا يكف الباحثون عن إثارته، خاصة عندما على سبيل المثال يتم طرح أسئلة جديدة حول انتحاره. ولكن ما يكشفه هذا الكتاب الصغير المزود بالصور ليس الحقائق الكثيرة، ولكن نظرة فان غوخ إليها وهي تحدث، وكيف يحول الأشياء إلى كيانات روحية تصاحبه بحميمية، تحاوره بتعاطف، وتشاركه الرسم بتفاعل. على امتداد الكتاب تمنحنا الكاتبة بتفوق، روح وحياة فان غوخ، بكل تعقيداتها وجنونها وطاقتها المبهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.