والمقصود بهذا المصطلح هو المعلومة غير الصحيحة. وقد فوجئت حديثا بأحد أغرب مصادر الجدل وهو أن هبوط الإنسان على سطح القمر هو عبارة عن كذبة كبرى. يعني بعد خمس وأربعين سنة على رحلة المركبة أبولو 11، ورحلات أبولو المتتابعة التي تلتها، هناك مصادر شك نحو ذلك. وأود أن أوضح وأؤكد أن الدلائل العلمية تشير إلى أن الموضوع بعيد كل البعد عن «البكش». وإليكم بعض الاتهامات وبعض الدلائل: أولا: كانت هناك تسع رحلات علمية إلى القمر منها ست رحلات أنزلت 12 من رواد الفضاء على سطحه، من يوليو عام 1969 إلى ديسمبر عام 1972. وتحديدا فقد هبطت مركبات أبولو 11 و12 و14 و15 و16 و17 على مناطق مختلفة وكلها تمت تغطيتها بالتلفاز والكاميرات. من الصعب جدا أن يكونوا جميعا «بكاشين»، وأن تكون كل هذه العمليات عمليات «مفبركة». ثانيا: كانت هذه العمليات تمثل أول مرة تتفوق فيها الولاياتالمتحدة على الاتحاد السوفييتي منذ بدء سباق الفضاء عام 1957 عندما أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي باسم «سبوتنق». وكانت بلايين الدولارات تصرف على هذا السباق. فلو كانت عمليات الهبوط الأمريكي على القمر «حوته» لفضحتها الجهات العلمية السوفيتية من خلال علمائها المتميزين، ومن خلال وكالة أنبائها الواسعة الانتشار «تاس». ولم نلحظ ذلك، فلم تسجل أية اتهامات من الجهات المعنية في الاتحاد السوفيتيي ضد مصداقية عمليات الهبوط على سطح القمر. وفي الواقع فالاتهامات «بالبكش» صادرة من أفراد بدون مؤهلات علمية في الفيزياء أو علوم الفضاء أو علوم طبيعية، ومعظم مؤهلاتهم تنتمي إلى فئة «أي حاجة في أي حته». ثالثا: ورد الاتهام أن الأجسام في الصور في الأماكن المظللة كانت مضيئة، مما يؤيد نظرية وجود إضاءة مصطنعة. وهذا غير صحيح لأن سطح القمر يعكس أشعة الشمس بشكل أكثر مما هو على سطح الأرض وبالتالي فالأجسام تبدو وكأنها بيضاء. ولو أخذت الصور في أوقات لا تنعكس فيها أشعة الشمس فستكون داكنة. رابعا: أحد الاتهامات تركز على أن درجة حرارة سطح القمر ممكن أن تفوق درجة غليان الماء فكيف هبط الرواد هناك؟ والسر هنا هو أن طول النهار على القمر حوالى أربعة أسابيع؛ وذلك لأنه يدور مرة حول نفسه كل 27 يوما تقريبا. ولكن في بداية «الصباح القمري» لا يسخن السطح بشكل مفاجئ فهو يحتاج لوقت طويل ليصل إلى درجة الحرارة المرتفعة. وقد كانت خطة إنزال المركبات والرواد مصممة ليكون الهبوط في فترة الصباح أو بالأصح فترة أيام الصباح التي لا تكون فيها الحرارة مرتفعة. والدليل على ذلك أنه في جميع الصور على سطح القمر ترى أن الظل طويل مما يعكس أن الشمس منخفضة في الأفق القمري. خامسا: أن مقدار الإشعاع المتوقع أن يصيب الرواد في هذه الرحلات كان قاتلا ولذا فالرحلات كلها مستحيلة لأنها قاتلة. والصحيح هنا أن هناك أحزمة إشعاع قوية تحيط بكوكب الأرض اسمها أحزمة «فان آلان» Van Allen Belts. وهي على ارتفاعات تبدأ من 600 كيلومتر من على سطح البحر وتصل إلى 6000 كيلومتر. وهي فعلا ممكن أن تكون قاتلة. ولكن هذه الأحزمة تم اكتشافها عام 1958 عند إطلاق أول رحلات الفضاء، وفي تخطيط جميع رحلات الفضاء يتم تحديد مسار الرحلات لتقليص التعرض لمخاطر هذه الإشعاعات الخطرة على البشر والمعدات. سادسا: خلال رحلات أبولو أحضر الرواد 382 كيلوجراما من عينات الصخور المختلفة من القمر. وقد تم تحليلها في عدة معامل مرموقة حول العالم وكانت الاختلافات الجيولوجية في التكوين والخصائص من الإثباتات أنها ليست من كوكبنا. سابعا: كان إجمالي عدد العاملين في برنامج أبولو يفوق الأربعمائة ألف شخص عبر عشر سنوات. ولم تنتج أية اتهامات مدونة من أي منهم عبر السنوات إلى يومنا هذا. كانت الاتهامات دائما خارجية من مصادر غير موثقة وغير مؤهلة علميا. إحدى دواعي الفخر في رحلات الفضاء أن المسؤول الأول عن اختيار مواقع الهبوط على سطح القمر كان العالم المسلم العربي د. فاروق الباز. وقد حظيت بشرف مقابلته قبل فترة وكان يحدثنا وزميلي د. أحمد نبيل أبو خطوة عن بعض طرائف تلك الفترة المهمة ومنها أنه قام بتدريب الرواد على أعمال الجيولوجيا. وفي الواقع فقد قام بزرع حب علم الجيولوجيا في قلوبهم ليفكروا كما يفكر الجيولوجي عندما يرى القصص والجمال في كل صخرة وحجرة. ولكي يرى الألوان في التربة بشكل يختلف عن البشر العاديين. وللعلم فلم يكن بين الرواد إلا عالم واحد متخصص في الجيولوجيا وهو «هاريسون شميدت» في رحلة أبولو 17. أمنية من الواضح أن الادعاءات ضد صحة الهبوط على سطح القمر غير صحيحة ولا تستند إلى أي حجج علمية منطقية. وكتشبيه فهي كمن يقول إن حلوى اللدو واللبنية غير متوفرة في جدة. أين البراهين والأدلة يا جماعة؟ أتمنى أن نرتقي بالجدل، وبالذات في المواضيع العلمية إلى المستوى اللائق لأنه من دلالات مستوانا الثقافي. والله شاهد على صحة كلامي وهو من وراء القصد.