الاقتصاد الصيني يواجه وضعا "شديد الخطورة والتعقيد"    رياح نشطة وطقس حار على معظم مناطق المملكة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    ابتكار روسي جديد يعزز التدريب الرياضي باستخدام الذكاء الاصطناعي    الجبل الأسود في جازان.. قمم تعانق الضباب وتجذب الزوار بأجوائها الرائعة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    "الداخلية" تشارك في ملتقى إمارات المناطق والمبادرات التنموية بالمدينة    شخصيات الألعاب الإلكترونية.. تجربة تفاعلية لزوار كأس العالم للرياضات الإلكترونية    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين مخطّط نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف    "موسم الرياض" يرعى شراكة بين "لا ليغا" و"ثمانية"    نادي القادسية يوقع اتفاقية رعاية تقنية مع زوهو لتعزيز الكفاءة وتحسين العمليات    بقيادة"جيسوس"..النصر يدشّن أول تدريباته استعداداً للموسم الجديد    "المزيني"نسعى لتعزيز الحضور الرياضي للطالب الجامعي السعودي عالمياً    الأسبوع الثاني من كأس العالم للرياضات الإلكترونية: لحظات تاريخية وخروج مبكر لحاملي الألقاب    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    نادي الدرعية .. قصة نصف قرن    قدم الدانة تتعاقد مع المهاجم النرويجي جوشوا كينغ والحارس اللوكسمبورغي أنتوني موريس.    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    هاتفياً... فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الأميركي يبحثان التطورات بسوريا    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    إيلانجا لاعب نيوكاسل: إيزاك من أفضل اللاعبين في العالم    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    فِي المَنَاهِجِ النَّقدِيَّةِ: المَنهَجُ التَّدَاوُلِيُّ    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    الكشف عن هاتف Nothin Phone 3 وسماعات الرأس Headphone 1 في خطوة جريئة للارتقاء بالتصميم والأداء والصوت    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    إنقاذ مواطن من الغرق أثناء ممارسة السباحة في ينبع    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤنة" للتوعية بتيسير الزواج    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    "طمية" تنظم إلى الأسطول الإسعافي بفرع الهلال الأحمر بعسير    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    الأمير سعود بن نهار يلتقي المدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الغربي    أمير منطقة تبوك يستقبل معالي نائب وزير البيئة والمياه والزراعة    بهدف الارتقاء بالمنتج الثقافي والمعرفي.. توقيع مبادرة "سعوديبيديا" لتعزيز المحتوى السعودي    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    أصابع الاتهام تشير للفصائل المسلحة.. تحقيق عراقي في ضرب حقول النفط    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    إطلاق مبادرة لتعزيز التجربة الدينية لزائرات المسجد النبوي    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    "الأحوال": جدد هويتك قبل انتهائها لتفادي الغرامة    «شلة ثانوي».. مسلسل جديد في الطريق    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبيلة في مجتمع الدولة
نشر في عكاظ يوم 22 - 12 - 2013

في الدولة الحديثة يقف المجتمع على قاعدة المساواة من خلال الاشتراك في مبدأ المواطنة. فمفردات الوطن والمواطن، والمواطنة، والتوطين، كلها تدل على نمط مختلف من العلاقات الاجتماعية التي تحدد علاقات المنفعة بين السلطة والمواطن. في سياق مثل هذا تكون المرجعية الثابتة هي مرجعية الوطن، أي لا مرجعية للقبيلة ولا للعائلة إلا في سياق التواصل الاجتماعي. بمعنى آخر أن فكرة الأوطان والمواطنين فكرة مدنية تهدف إلى تجاوز العلاقات القبلية والطائفية والمذهبية التي أثبتت التجارب فشلها في تحقيق المصالح، وتجاوز حدة الخلاف سواء على المستوى القبلي أو على المستويين المذهبي والطائفي.
تحقق الدولة المدنية فرصة لنمو الأفكار المختلفة بحرية تامة دون اضطهاد من فئة على حساب أخرى. إن الاحتكام لسيادة الوطن من شأنه أن يقدم فرصة التعايش على حساب الخلافات القبلية والطائفية والمذهبية.
في تجربة مجتمعنا قليل من هذا وكثير من ذاك وهنا مكمن الخطورة. مجتمعنا تأسس على فكرة الوطن والمواطنة تجاوباً مع التحولات السياسية في النصف الأول من القرن العشرين، ولأول مرة يحمل الإنسان هوية جامعة تقدمه للعالم متجاوزاً قبيلته ومذهبه وطائفته. ويحسب لهذه التجربة أنها قدمت بطاقات الهوية سواء القديمة أو الجديدة خالية من الانتماءات الطائفية والمذهبية، لكنها تعثرت في التخلص من الإشارة إلى الانتماءات القبلية، وهو ما جعل هذه الإشارة مربكة للبعض ممن يفتقد لهذه المرجعيات المحلية، في ظل انفتاح الوطن على آليات التجنيس بوصفها وسيلة لاستقطاب الكوادر أحياناً.
حجم حضور القبيلة في سياق فكرة الوطن أكبر مما يجب. على أن لا أحد ينكر أهمية القبيلة في حياة المجتمعات العربية، فهي المكون الأساس للمجتمعات العربية على امتداد تاريخها، لكن هذه القبائل تلتزم قانوناً صارماً في عدم السماح باختراق مكونها الأساس، أو بنيتها الهرمية، إلا ما يمكن أن يسمى بنظام الأحلاف، وهو تقليد هدفه الحماية وتقوية شوكة القبيلة، لكن من يدخل في أي حلف يظل منظوراً إليه بوصفه حليفاً، أي بوصفه منتمياً للغير.
وجدت القبلية في مجتمعنا فرصة للحضور في ظل عدم استكمال بنية الوطن المدنية، وتفعيل آليات التواصل بين أفراد المجتمع بوصفه كتلة واحدة من خلال بناء مؤسسات مجتمع مدني تأخذ بمبدأ الوطن الواحد. فكانت القبيلة تذكِّر أبناءها بأهمية الالتفاف حولها. فهي التي تحل مشكلاتهم، وتدفع الديات عنهم عبر صناديق القبيلة أو ما يندرج تحتها من العشائر والعوائل في ممارسة توحي بالانصراف والاستغناء عن فكرة اللجوء لما هو فوق القبيلة.
المراقب بحذر لفكرة حضور القبلية بوصفها مرجعاً لأبنائها لا يسعه إلا أن ينظر للخلل الذي مكن القبيلة من الحضور المستمر رغم وجود الدولة الوطنية. في مسيرة بناء الوطن تأخر بناء مؤسسات مدنية توفر للمواطنين بدائل مرنة لتلبية احتياجاتهم. فعلى سبيل المثال، جاء غياب ثقافة التأمين كأحد العوائق التي نتج عنها ترسيخ فكرة الاحتياج الدائم للقبيلة. في السنوات العشر الأخيرة بدأت قوانين إصدار تراخيص شركات التأمين. ورغم ضعف تكوينها، والالتفاف على القوانين فيما يتعلق برد حقوق المشتركين، فإنها فكرة وطنية تؤكد على مسؤولية الأفراد. في ظروف القبيلة لا يتحمل الفرد المحتاج للمساعدة أن يقدم تعويضاً كبيراً مقابل مساعدته، بينما في ثقافة التأمين مسؤوليته أكبر، وعليه احترام حقوق الغير دائماً.
ما تزال القبيلة توحي بثقافة الفزعة على حساب القيم المدنية، وتتجلى في الواسطة ومراعاة الانتماء القبلي في الوظائف والمناصب وكأن مكون الوطن الجامع أقل من حضور القبيلة. وما تزال القبائل تحدد جغرافيتها داخل الوطن الواحد وكأنها ذات الجغرافيا قبل تكوين الوطن. فتتمترس حولها، وتجتهد في بيان حدودها، وتبقى الملكيات العامة باسم القبيلة. بينما الملكيات في ظل الدولة المدنية إما خاصة يكفلها الشرع والنظام بوثائق رسمية، أو ملكيات عامة للدولة ينتفع بها الجميع وليس أبناء القبيلة الواحدة.
في ظل هذا الحضور للقبيلة تحتاج الدولة عبر مؤسساتها المختلفة دراسة حالة القبيلة، فكرة وواقعاً، ومحاولة توظيف قدراتها في سياق يسهم في تأكيد مبدأ الوطن كمرجعية أولى. وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بتأسيس مؤسسات مجتمع مدني تنهض بحاجات المواطنين، وتسهم في بناء انتماءات اجتماعية أخرى على مبدأ المواطنة. استراتيجية الوطن يجب أن تكون أكبر من كل قبيلة، يجب تكون الجامع الأكبر حيث لا جامع يمكن أن يسعفنا في مواجهة العالم سوى الوطن الكبير.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.