اليوم تنطلق أعمال مؤتمر الحوار الوطني اليمني في صنعاء، بحضور عربي ودولي موسع بعد أن أصدر الرئيس اليمني قرارا جمهوريا بتشكيل الأعضاء المشاركين من جميع القوى السياسية الموافقة على الاشتراك.. المؤتمر يأتي في إطار المبادرة الخليجية الخاصة بحل الأزمة اليمنية وهي المبادرة التي أنقذت البلاد من تجاذبات واضطرابات كادت تحولها إلى ساحة حرب تفتح الأبواب على المجهول وتتيح لأعداء الاستقرار في اليمن وفي دول الجوار المجال لاستغلالها. واليمن دولة مهمة واستقراراها وتوجيه طاقات أبنائها وثرواتها للتنمية أمر بالغ الأهمية وهو السبيل الوحيد لإخراجها من دائرة الاضطراب. واليوم حين تلتقي القوى السياسية على خلفية البحث عن حل الأزمة يعني أن الجميع يدرك مخاطر الاستمرار في حالة الاضطراب والتنازع وأن هناك مبادئ ومشتركات هي موضع اتفاق الغالبية، ومن هذه المشتركات وحدة التراب اليمني وحق جميع أبنائه في إدارة شؤونهم وحفظ حقوقهم وتمكينهم من الفرص من منطلق المواطنة وليس الانتماء القبلي أو الجهوي. والتوافق على المشتركات لا ينفي ضرورة معالجة الأخطاء وإعادة النظر في السياسات التي دفعت البعض إلى الإعلان عن مواقفهم التي تقبلها الأغلبية وتفتح لها باب الحوار، لكن هناك فئة تجاوزت البحث عن حلول المشاكل ومعالجة الأخطاء إلى مطالب تمس الوحدة الوطنية. وهي مطالب لا تتعارض مع مصلحة اليمن ولا تدفع باتجاه بناء دولة قوية قادرة على الاستجابة لاحتياجات مواطنيها. أمام هذه اللوحة الكاشفة لواقع اليمن لا يبقى لليمنيين المخلصين لوطنهم والحريصين على مستقبله إلا الوقوف في وجه إرادة التجزئة والتقسيم مهما كانت المبررات، فهذه الدعوة تفتح الأبواب لدخول الأطراف الخارجية لتستغل الظروف من أجل تحقيق مصالحها مهما تعارضت مع مصالح اليمن واليمنيين. ليس أمام المؤتمرين في صنعاء اليوم إلا خياران، إما النجاح والعبور بالوطن إلى المستقبل الآمن أو الفوضى التي تدخل بلادهم نفقا مجهول النهايات.