إن أول موجبات الصوم إخلاص العبادة والصدق مع الله ففي الحديث القدسي: [كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به] وهذا الصدق عبادة وقولا وعملا هو ما نحتاجه في مواجهة أمراض أخلاقية تنهش في قيم المجتمع، ولا قيمة لمجتمع بلا قيم وأخلاق. أين نحن من أدب النبوة وبعض النفوس تطفو عليها أورام وخبائث تنشر عدواها نفاقا ورياء وفسادا ورشى، وشعار (من أين تؤكل الكتف)، الذين ينمرون ويتثعلبون على (كيكة المنافع) من تحت الطاولة وفوقها. هؤلاء مؤهلهم الأهم النفاق والمكر والدسائس وطمعهم لا تشبعه اللقمة الحلال. على مدى سنوات طويلة مضت رأيت نماذج صارخة ومخجلة للنفاق والفساد، فمثل هؤلاء لا يخفون طبائعهم وحيلهم وقدرتهم على التزلف عند من لديه المصلحة، ممن ينتشون بالنفاق ويجدون مكانتهم في بيئته. للأسف تفشت عدوى النفاق في كثير من المجالس الاجتماعية وفي دوائر العمل، وكل يغني على ليلاه فيفسدون النفوس ويخربون العقول ويشوهون الحقيقة والموازين. والمضحك حقا أن تجد مثل هؤلاء يحومون دائما حول المسؤول، وفي صدارة مجالس الوجاهة، فكم منهم يرتدي ثوب المخلصين، وكم من فاسد يظهر برداء الصالحين، ويخلعوا على صاحبهم ثوب العباقرة والناجحين!!. وهؤلاء يذكروننا بقول الشاعر: «يخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا» كم من الرجال جاءته الدنيا لفترة وكان مكتبه أو مجلسه لا ينفض من الزيارات ولا يصمت هاتفه، حتى جارت عليه، فانفض عنه القوم «وذهبوا إلى من عنده ذهبا» ولا شاركوه فرحا ولا واسوه في ترح؟!. فإذا ما عادت وطابت له الأيام، رأى كيف عاد إليه القوم مهرولين مؤكدين بأغلظ الأيمان أن محبتهم له لا يمحوها الزمان؟! إنه النفاق ومساوئ الأخلاق التي أعيت من يداويها. وحدهم كبار النفوس أهل الصدق والوفاء والقلوب النقية والفراسة الذكية، هم من يكرهون التزلف، يحبون في الله، وتزينهم الإنسانية، ويصونون العيش والملح، ويتدبرون جيدا قوله تعالى: «فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور». إنهم دائما أصفياء النفس شاكرين لله أنعمه فيزيدهم الله من فضله، لأنهم أصحاب مشاعر صادقة ومواقف كبيرة مع الجميع، قريبا أو بعيدا، غنيا أو فقيرا. اللهم جنبنا النفاق وأهله وأصلح قلوبنا وارزقنا الإخلاص سرا وعلانية. الشريف خالد بن هزاع بن زيد