لم يخف «المدوي» سمسار المتسولين حسرته وحزنه على شهور كسب فيها الآلاف ثم ضاعت من بين يديه، بعدما سددت إليه شعبة التحريات والبحث الجنائي في شرطة جدة ضربة موجعة، وضعت حدا لاستغلاله وتشغيله مجموعة من المتسولين بينهم أطفال، يتقاضى من كل واحد منهم 300 ريال شهريا مقابل توفير السكن وأجرة التنقل من الوكر إلى الإشارات الضوئية وأبواب المساجد والمستشفيات والشوارع المحورية في جدة. المدوي الرجل الذي دخل إلى سقف الأربعين، من جنسية عربية، استطاع تشغيل عشرات المتسولين من أبناء جنسيته، حالما بالثراء السريع، وقد وجد ضالته في العابرين والمصلين ومراجعي المستشفيات، حيث درج على توزيع عناصره بصورة راتبة كل يوم قبل أن يعيدهم في ساعات متأخرة من الليل إلى مسكنه، ولم تمنعه إقامته النظامية من العمل في ذات المهنة «متسولا»، إذ درج على التسكع في الشوارع يسأل العابرين ليصل دخله الشهري من أعمال التسول واستغلال المتسولين الصغار إلى أكثر من 5 آلاف ريال. تلقت شعبة التحريات والبحث الجنائي في شرطة جدة خيوط تحركات المدوي ورفاقه المتسولين الصغار، وتبين أنه استأجر منزلا لرفاقه في أحد الأزقة ويخرج بضحاياه بعد الظهر ويوزعهم في مواقع محددة ثم يعود إليهم في المساء ويقتسم معهم «الغلة» مع أجرة الترحيل، وتبدأ الرحلة مجددا في اليوم التالي، وطبقا للمعلومات فإن زعيم المتسولين يخرج من داره في الثانية ظهرا ثم يتحرك بسيارته إلى أحد أحياء جنوبي جدة لاصطحابهم من الوكر المخصص لهم، ويختار مواقع محددة لكل متسول، وكانت مناطق الكورنيش البحري والأسواق والمستشفيات هي الأنسب له ورفاقه ويستمر العمل لساعة متأخرة من الليل، اختارت وحدة التحريات والبحث الجنائي ساعة الصفر في لحظة العودة ليتم استيقاف السيارة وركابها، ولم يجد الزعيم مفرا غير الاعتراف بعدما ضاقت الحلقات حوله، فقال للمحققين الميدانيين إنه يتكفل بتشغيل الضحايا مقابل عمولة محددة تصل إلى 150 ريالا في الشهر من كل متسول، فضلا عن مبلغ مماثل يدفع عن كل واحد مقابل أجرة التوصيل والسكن، وقال الناطق الإعلامي في شرطة جدة العميد مسفر الجعيد، إن الأجهزة المختصة راقبت مشغل المتسولين وتم ضبطه متلبسا مع ضحاياه، وعثرت الأجهزة بحوزته على سجلات عن نشاطه وعن حجم العمولات التي يتقاضاه وتفاصيل عن خطة عمله ونشاطه، واستهدف المتهم من سجلاته محاسبة المتسولين بدقة وكشف أية محاولة خيانة أو احتيال من ضحاياه.