أصرت تسع موظفات مفصولات من مدينة الملك عبدالعزيز العسكرية في تبوك في 1/7/1423ه على إعادتهن إلى وظائفهن، استنادا إلى حكمي اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات في مكتب العمل في حائل، والهيئة العليا لتسوية الخلافات في وزارة العمل اللذين نصا على أن قرار فصلهن غير مشروع، وقرر تعويضهن. وطالب عبر «عكاظ» عدد منهن إدارة المدينة العسكرية سرعة إعادتهن إلى وظائفهن، مؤكدين أن قرارات الفصل لم تستند إلى أي مبررات نظامية، حيث قالت الموظفة المفصولة عائشة الشهري «أطالب بتحقيق العدالة فقط، وإعادة الأمور إلى نصابها، بعد أن أقدمت الإدارة على إصدار قرارات فصل بحق 13 موظفة»، موضحة أنه رغم أن الحكم الصادر من مكتب العمل في حائل «أيد مطالبنا وأكد أن قرار الفصل غير مشروع، لكنه اشتمل على دفع التعويض فقط»، مشيرة إلى أنها رفضت استلام التعويض لأن المطلب الأساس هو إعادتها إلى وظيفتها، فيما يزعم محامي المدينة العسكرية أنها تسلمت التعويض. واعتبرت كل من منى سعيد الأحمري، منيرة هويمل العطوي، وعذيه البلوي أن الحكم بالصيغة التي صدر بها لا معنى له، فيما أبدت كل من صالحة عبدالله عسيري وإيمان خالد الدرعان، استنكارهما الاستغناء عنهما وزميلاتهما، وتعيين أخريات بديلات عنهن، إضافة إلى رفض ديوان المظالم النظر في الحكم الصادر من وزارة العمل بحجة عدم الاختصاص. وحملت الموظفات المفصولات المحامي الموكل بقضيتهن من قبلهن عدم الجدية في المطالبة بتنفيذ الحكم الصادر، والتقصير تجاههن. وكان مدير عام الثقافة والتعليم في القوات المسلحة اللواء الركن عبدالله عبدالعزيز الحسن، أوضح في خطاب موجه إلى مدير عام الشؤون المالية والميزانية للقوات البرية في تاريخ 14/9/1424ه، أن مدارس الأبناء في تبوك تعاني من عجز في الإداريات والمدرسات، مطالبا بإعادة الموظفات المفصولات على نفس الوظائف التي كن يشغلنها قبل صدور قرارات الفصل. وأكد ل «عكاظ» مدير إدارة الثقافة والتعليم في المنطقة الشمالية الغربية خالد نوح، أن الموظفات المفصولات كن على ملاك إدارة التشغيل والصيانة في المدينة العسكرية، ولسن على ملاك إدارته، فيما أوضح مدير الإدارة السابق حسين العمري أن الموظفات جرى فصلهن من قبل مجلس الصندوق في قسم التشغيل والصيانة في المدينة العسكرية، مشيرا إلى أن إدارته عبرت عن حاجتها لخدمات الموظفات المفصولات. من جهته، شخص المتخصص في الشؤون القانونية المحامي عاصم محمد بن عويض القضية قائلا «اطلعت على قضية الموظفات المفصولات، واتضح لي مدى التخبط الحاصل تجاههن منذ بداية تعيينهن، فالمتعاقد الأصلي معهن هو إدارة التشغيل والصيانة في المدينة العسكرية، لكن نظرا لحاجة إدارة الثقافة والتعليم لموظفات إداريات؛ جرى إلحاقهن بالعمل في المدارس». وأضاف ابن عويض، «هذا الأمر يعد مخالفة صريحة لعقود العمل الموقعة معهن من قبل إدارة التشغيل والصيانة، لأن العقود يجب أن يحدد فيها مسمى الوظيفة ومكان ممارسة العمل تحديدا دقيقا، بحيث تنتفي أية جهالة في العقد، وهذه القاعدة عامة في كافة العقود»، مؤكدا أن مبررات قرار الفصل أو الاستغناء عن خدماتهن «غير صحيحة إطلاقا، مهما تعددت الأسباب التي تصطنعها إدارة التشغيل والصيانة فليس لها أي مسوغ، وذلك لسبب بسيط هو أن التعاقد الأصلي للعمل تحت إدارة التشغيل والصيانة، التي ألحقتهن من جهتها بإدارة الثقافة والتعليم في المدارس للعمل فيها، وعليه يكون تحديد مدى الحاجة لهن حقا لإدارة الثقافة والتعليم التي تتبع لها المدارس». وخلص المحامي في معرض تعليقه ل «عكاظ» إلى القول «تبين لي من أوراق القضية أن إدارة الثقافة والتعليم بينت أنها بحاجة ماسة لبقاء الموظفات على وظائفهن، وعليه يكون تسبيب إدارة التشغيل والصيانة للفصل لعدم الحاجة لهن في غير محله وغير صحيح إطلاقا، والنتيجة أن هذا الإجراء الذي تم من قبل إدارة التشغيل والصيانة يكيف على أنه فصل تعسفي». وعلق المحامي عاصم بن عويض على تطبيق نصوص نظام العمل قائلا «النظام حدد الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل بإراداته المنفردة، وذلك حماية للعامل من استخدام الحق غير المشروع، وتقصد إحداث الضرر من أرباب العمل، علما بأنه لا يوجد أبدا من بين هذه الأسباب سبب واحد يندرج تحت ما أبدته إدارة التشغيل والصيانة كسبب للفصل وهو عدم الحاجة، لأن هذا السبب يوحي بالفصل لأسباب اقتصادية، والمشرع لدينا لم يتطرق لمثل هذا السبب، ولو أن بعض الأنظمة الأخرى في بلدان أخرى تطرقت له لكنه في نظام العمل السعودي غير منصوص عليه إطلاقا. وأضاف، من هنا لا يجوز الاعتداد بهذا السبب لفصل العاملات، خصوصا أن إدارة التشغيل والصيانة بعد فصلها للعاملات المدعيات قامت بتعيين غيرهن لسد النقص، وهذا ما يجعل السبب الذي استندت إليه إدارة التشغيل والصيانة غير صحيح لأنه لم يستند إلى نظام العمل، مؤكدا أن العبرة في مثل هذا الأمر تكون للنص، حيث لا يصح أن تجتهد إدارة التشغيل والصيانة في تفسير نصوص نظام العمل؛ لأن النصوص التي نظمت حالات إنهاء العقد بالإرادة المنفردة نصوص صريحة، ولا يجوز الاجتهاد في مواجهتها. وأردف ابن عويض، لو عدنا للسوابق القضائية في القضاء العمالي لدينا لاتضح مدى وجاهة طلب العاملات المفصولات في إعادتهن للعمل، لأن هيئات تسوية الخلافات العمالية لدينا أصدرت العديد من الأحكام بإعادة العاملين المفصولين لإعمالهم، استنادا إلى أن قرارات فصلهم لم تكن صحيحة وتعسفية، وبالتالي فكان الأجدر بالهيئة الابتدائية التي أصدرت الحكم ابتداء، وكذلك الهيئة العليا أن تصدر قرارها بإعادة العاملات إلى عملهن، لأن قرار الفصل كان تعسفيا كما حكمت بذلك، أما أن تحكم بأن الفصل تعسفي ثم لا تدرج في حكمها ما يعيد للعامل حقه فهذا غير صحيح إطلاقا، لأنه ليس لصاحب العمل خيار في ذلك، بل إن الأمر بإعادة العامل إلى عمله الذي فصل منه تعسفيا أمر تقديري متروك للهيئة التي نظرت النزاع. - - (تصوير: يوسف الونيان «عكاظ») -