بداية، الوجاهة الاجتماعية خطفت أعمال البر في مواقع كثيرة. فهناك من لا يملك شيئا (سواء أكان موهبة وذكاء فطريا أو مالا أو سمعة)، إلا أن تعدد الأنشطة الحياتية مكن بعض عديمي المقدرة (في أي شيء) من القفز لأية سفينة عابرة وتزعم قيادتها.. وأصاب في أحيان بالدهشة عندما يعرف شخص نفسه في المحافل أو في المؤتمرات بلقب يفيض عن الحاجة، كأن يقول لك: معك الناشط.. أو الناشطة، أو معك المستشار الإعلامي أو الإعلامية (والمستشار هذا لا تعرف اسمه ولم تقرأ له حرفا، فتسأل كيف أصبح مستشارا إعلاميا، ولا تعرف).. والناشط والناشطة (كثر منها)، أصبح الناشطون (أكثر من الهم على القلب)، ولا تعرف من منحه اللقب أو منحها، ووصلت الجرأة بهؤلاء أن يضعوا ألقابا وهمية على سيرهم الشخصية، وهذا ليس في حياتهم اليومية، بل حتى في وسائل الإعلام.. وعندما تقرأ تلك الألقاب الفخمة (وأنت تعرف الشخص تمام المعرفة) تستغرب كيف أصبح هبنقة شنا. دعونا من هؤلاء، ولنعد إلى قضية الجمعيات، والتي كتبت عنها سابقا ولم يتغير الوضع إلى الآن، وهذه المقالة إعادة لتذكير وزارة الشؤون الاجتماعية بالدور الذي يجب أن تلعبه في ظل مجتمع يتحرك إلى الأمام.. أقول إننا نتباطأ في إيجاد المنظومات والفرق التي من شأنها خلق المجتمع المدني. ومع تفجر كثير من القضايا التي هي بحاجة إلى أفراد لمؤازرتها أو التوعية بها (كخدمة للمجتمع) وضع لهم خط ذهاب مفتوح من غير رجعة. ولحداثتنا في خلق وإيجاد هذه المنظومات المدنية نجد أن هناك خللا في هذا الجانب، والخلل ترك الجانب الربحي يتسيد القضايا، ويكون في الغالب هو الهدف (أكثر من تقديم الخدمة). ولو أن صاحب مشروع أو فعالية معنية بقضية من قضايا المجتمع أردنا تتبع خطوات نهوض مشروعه التوعوي أو المساند سنجد أن على صاحب المشروع (أو الفكرة) البحث عن غطاء رسمي يتحرك تحت مظلته، فيلجأ إلى الإمارة للحصول على المظلة الرسمية والإمارة تقوم بتحويل الطلب إلى الشؤون الاجتماعية، وغالبا ما تكون المظلة هي الجمعيات الخيرية، ومن هناك تكشر المصلحة المادية عن أنيابها، فالطرفان (الجمعية وصاحب الفكرة) يبحث كل منهما على القطعة الأكبر من الكعكة.. فالجمعيات تطالب المتقدم بالمشروع بإعطائها نسبة 40 في المائة إلى 60 في المائة من دخل إقامة المشروع فقط، كونها تمثل الغطاء الرسمي، وكما يقول الحجازيون: (ما في مصلي إلا طالب مغفرة) سنجد أن صاحب المشروع (وإن كان في ظاهره خدمة للمجتمع) يبحث عن ربحية مجزية من خلال الراعين لتلك المناسبة، إلا أن اشتراطات الجمعيات في الحصول على نسبة عالية من الدخل، يجعل هؤلاء الناشطين الاجتماعيين يضمرون شكا من أن وزارة الشؤون الاجتماعية تدعم الجمعيات الخيرية بمثل هذه الفعاليات كتغذية مالية، بينما السؤال الذي يلوب في مخيلتهم: لماذا لا تقوم الجمعيات بخلق أفكارها الخاصة وتنفيذها وتغذية خزينتها بمجهوداتهم الذاتية، بدلا من أخذ أفكار الناس وأيضا أخذ دخول أصحاب المشاريع الاجتماعية بمثل تلك النسب العالية، فقط لكون تلك الجمعيات تمثل غطاء رسميا. ثم، لماذا لا يحدث اختصار لعملية التصاريح بحيث تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية أفكار هؤلاء الناشطين الاجتماعيين تحت مظلة الشؤون الاجتماعية من خلال إداراتها المختلفة. فمثلا، لو أن النشاط المقام هو مؤازرة ومساندة المتضررين من العنف الأسري تكون مظلته إدارة الحماية في الشؤون الاجتماعية بدلا من جعل الغطاء جهة أخرى، وبهذا تتحقق الفائدة لهذه الإدارة بدخل رمزي، وفي الوقت نفسه، الإسهام بإقامة فعاليات متعددة تسهم فعليا في تنامي المؤسسات المدنية. والأكثر جدوى لماذا تتنصل وزارة الشؤون الاجتماعية من إعطاء تصاريح مباشرة لأصحاب المشاريع الاجتماعية، سواء أكانوا أفرادا أو مؤسسات، مع الإشراف عليهم من قبل الإدارات التابعة للشؤون الاجتماعية، وبهذا تستطيع المؤسسات المدنية العمل طوال العام بالتعاون مع المؤسسات الخاصة الراعية لهذه الأنشطة. هي أسئلة بحاجة إلى إجابة واضحة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، إذا كنا فعلا نسعى لخلق تفاعل حقيقي بين ما يحدث في المجتمع وبين الساعين لإيجاد الحلول لتلك المشاكل. أما إذ كان العمل صوريا واقتسام الكعكة مع تبادل الابتسامات من غير همز أو لمز، فلا ضير من مواصلة المشاريع الاجتماعية كما هي وتوزيع الألقاب على الباحثين عن الوجاهة الاجتماعية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة