منذ أن ظهر السيد رجب طيب أردوغان على مسرح السياسة التركية والجميع يلاحظ -كما توقع كثيرون- ميلا واضحا تجاه العروبة والإسلام، على خلاف ما كانت عليه تركيا منذ أيام أتاتورك. الذين لا يروق لهم هذا الميل، وهذا التقارب التركي- العربي- الإسلامي، يحاولون تشويه الصورة، وإثارة البعض عن طريق أكاذيب يروجون لها، حيث يزعمون رغبة أردوغان وحزبه في إعادة السيطرة العثمانية على العالم العربي والإسلامي، وبتنا نسمع مصطلحا جديدا، هو (العثمانيون الجدد) بغرض الترهيب والتحذير. لكن المدقق لسلوكيات ونهج أردوغان وحزبه، وهم يعلمون جيدا أن عودة الماضي أمر مستحيل التحقق، يمكنه أن يستشف عودة زعيم إلى أصوله وتراثه، ومن الطبيعي أن يحدث ذلك، لأن فترة (المروق) التركي، والخروج عن مسار التاريخ لم تتجاوز المائة عام، إذا ما قورنت بتاريخ تركيا الحافل في إطار التاريخ الإسلامي بشكل عام. وفي كلمة وجهها -أخيرا- السيد أردوغان إلى العالم العربي عبر قناة تركية ناطقة بالعربية، هي قناة (تي. آر. تي)، قال: إن العرب والأتراك مثل أصابع اليد الواحدة، والعلاقة بينهم علاقة الظفر باللحم، مشيرا إلى العلاقات التاريخية والثقافية المشتركة بين العرب والأتراك. وقال في كلمته هذه للعرب: بدونكم لا معنى للعالم، وأضاف: إن مصير ومستقبل إسطنبول لا يختلف عن مصير ومستقبل الدول العربية، وقد تكون الحدود السياسية قد خطت بين أوطاننا في التاريخ القريب، وربما الألغام قد زرعت بين دولنا، وربما الجدران والسدود قد شيدت بين أراضينا، إلا أننا نمتلك من القوة والإرادة ما يجعلنا نتجاوز كل هذه العقبات. وأضاف إن تركيا وهي تتوجه نحو الغرب بوجهها، لم تعط ظهرها للعرب مطلقا. هذا التوازن في العلاقات التركية الدولية، يعكس حنكة واعتدال وفهم السيد أردوغان وحزبه للأوضاع القائمة على الصعد المختلفة، فلقد أدرك -بعد أن ذل الغرب تركيا للإنعام عليها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي- أن مستقبل تركيا في أن تولي وجهها شطر الكعبة، لا شطر البيت الأبيض. هؤلاء المشككون في النوايا التركية تجاه العالم العربي، هم الذين لم يشككوا يوما في النوايا الغربية الاستعمارية تجاه عالمنا ودولنا، وما أراهم إلا أداة في أيدي سادتهم، يحاولون بث الفرقة بين دول العالمين العربي والإسلامي. في اعتقادي، أن أقل ما يمكن أن نرد به على تصريحات أردوغان، وسياسة حكومته، هو توثيق الروابط، وتقوية العلاقات، وتدعيم كل الاتفاقات، اقتصادية وأمنية وعسكرية واستراتيجية، بيننا وبين الأتراك، وألا يكون اتجاهنا نحو تركيا متمثلا في استجلاب بعض (المسلسلات) التلفزيونية، أو استيراد بعض المنتوجات التي لا تمثل قبضة مما يصلنا من الصين وغيرها. نريد (شراكة) بيننا وبين الأتراك، تعكس عمق الروابط التي تجمع بيننا، روابط الدين واللغة العربية التي طمست معالمها على مدى قرن، بل ومنعت من السماع خلال مآذن تركيا الشهيرة، وروابط التاريخ الذي حتى إن شهد مراحل قاتمة، فإنها -بلاشك- لم تبلغ في سوئها ما عهدناه من الغرب، وما زلنا نواجهه من احتلال غاشم، واستغلال دنيء، وسيطرة وقحة ومعاداة سافرة. لا فض فوك يا سيد أردوغان. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة