محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    اختتام فعاليات منتدى المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية «حمى»    أمير جازان يُدشّن مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية ال20 بمحافظة صبيا    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    الأهلي يسقط في المدرسة.. الحزم يضرب الوحدة.. الفيحاء يرمي الطائي في الخطر    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الرياض    الاتحاد يكشف حجم اصابات بنزيمة وثلاثي الفريق    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    مقال «مقري عليه» !    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    محمد بن ناصر يرعى تخريج طلبة جامعة جازان    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    في ذكرى الرؤية.. المملكة تحتفي بتحقيق العديد من المستهدفات قبل وقتها    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    جائزة الامير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تواصل استقبال المشاركات    فيصل بن بندر يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة الخرج    استثمر في عسير ببلديات القطاع الشرقي    فيصل بن فرحان يهنئ وزير خارجية اليمن بمناسبة توليه مهمات عمله    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    قصة 16 مواجهة جمعت الأهلي والرياض    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    «النقد الدولي» يدشن مكتبه الإقليمي في السعودية    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    النفع الصوري    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نايف بن عبد العزيز.. صناعة الأمن.. أنموذج الهيبة.. صياغة الحب
نشر في عكاظ يوم 01 - 04 - 2010

الحديث عن الرجال أمانة تاريخية كبرى يتهرب من حملها المنصفون حتى لا ينتقص حق من يستحق ويعطى حقه من التقدير والوفاء لمن لا يستحق.. ولذلك فإن الحديث عن سمو الأمير نايف بن عبد العزيز يعني الحديث عن رجل دولة من الطراز الأول.. وهو في نفس الوقت يمثل دولة في رجل بكل معطيات تاريخها وإنجازاتها، حيث يتبادر إلى الذهن عندما يذكر اسم نايف أن الحديث هو عن نايف بن عبد العزيز آل سعود، لأنه ارتبط اسمه بفعله في حياة المواطن السعودي والمقيم على ثرى هذه الأرض المباركة أو الوافد إليها.. وكيف لا يكون ذلك والكل يعيش بفضل الله ثم بفضل يقظة عين هذا الأمير الساهر على أمن عيون تنام بأمن وأمان.. وعيون تتعلم وتعيش وتتاجر وتسافر وهي آمنة على أمنها وأمن أملاكها وممتلكاتها في جو عام شكل مناخا أمنيا منقطع النظير ساد به بعد فضل الله الرخاء والنماء والازدهار للمجتمع السعودي.. هذا عندما يكون الحديث عن نايف بن عبد العزيز المسؤول والأمين على أمن شعب هذا البلد الأمين .. قبلة المسلمين ومنطلق رسالة الإسلام إلى العالمين. أما إذا انتقلنا إلى الجانب الإنساني في شخصية هذا الرجل فإن العبارات تعجز عن سرد ما يتمتع به نايف بن عبد العزيز من صفات وسمات إنسانية رفيعة تقرأ من خلالها عظمة رجل أنجب هذا الرجل وحمل صفاته القيادية التي عرف بها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل مؤسس هذا الكيان العظيم وموحد شتات هذه الأمة التي بجهده بعد الله تحول ضعفها إلى قوة وفرقتها إلى وحدة وجهلها إلى علم ومعرفة، فأصبحوا إخوة متحابين وما كان لذلك أن يكون لولا توفيق الله وصلاح وإنسانية ذلك الموحد الذي أنجب رجالا عظماء نتحدث في مقامنا هذا عن واحد من أبرزهم في تاريخ هذه الدولة العظيمة سجل بفعله وخلقه نموذجا مشرفا لإنسان هذه الأرض المباركة وتاريخها العظيم ورجالها الأوفياء جمع صفات عديدة، حيث تميز برجاحة العقل، ونقاء الضمير، وسداد الحكم، وعمق الروية، وإنسانية المشاعر، ونقاء الشعور، صادق في قوله.. لا يخاف إلا خالقه ولا يتصنع ما يخالف خلقه.. يجمع بين العلم والحلم والحزم ويتحلى بكل صفة منها في كل ما يناسبها بدون تكلف ولا تصنع.. يهابه الظالم ويرى فيه النجدة كل مظلوم.. قائد محنك يسبق فعله قوله.. إذا تحدث يأسرك حديثه ولا يعتريك الملل مهما تحدث.. حكيم في قوله صادق في فعله.. وقد أعطاني شرف القرب من سموه في أن أرصد عن قرب أمثلة من أعمال وعطاءات وسيرة هذا الرجل لأذكرها تسجيلا للحقائق.. وهي حقائق لا تغيب عن كل من عرف الأمير نايف.. ولكنها تبين الخصائص النبيلة لهذا الرجل النبيل.
البداية
بدأت علاقتي بالأمير نايف من خلال اتصالي بسموه دون معرفة سابقة، وتقبله لمقترحات من مجموعة من الأساتذة في كلية الملك خالد العسكرية 1411ه، ثم بعدها بعدة سنوات كنت أعد وأقدم برنامجا مع زميلي خالد الطخيم، وهو برنامج دعوة للحوار التلفزيوني عام 1416ه، وكان أول برنامج حواري تلفزيوني بحضور جماهيري وبطريقة TALK SHOW، وبعد أن تم تسجيل الحلقات التي كانت عن السعودة مع الكثير من الصراحة، حيث تكلم الحضور بحرية وبصراحة مع وجود عدد من رجال الأعمال ومسؤولين واقتصاديين وطلاب وشبان باحثين عن عمل، منهم: فهد الراجحي، الدكتور حسين منصور، مشاري المعمر، عبد الله المعلمي، ومحمد القنيبط، وغيرهم، ولكن المسؤولين في التلفزيون رفضوا مثل هذه الحلقات، وكانوا متهيبين من فكرة الحوار مع الجماهير، فالدكتور حسين منصور كان أمين عام مجلس القوى العاملة، والأمير نايف يتولى مسؤولية رئيس المجلس، وعرض د. حسين على الأمير نايف عن هذا البرنامج التلفزيوني الذي يناقش قضايا السعودة واعتذار التلفزيون عن بثه، وأتذكر أنه أطلعني على شرح سموه، حيث وجه ببث الحلقات مادام النقاش موضوعيا يخدم الصالح العام، وكان سموه لسنوات طويلة رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وفعلا تم بث الحلقات ووجدت صدى في تلك الأيام -ولله الحمد-، والناس أصبحوا يسجلونها ويتابعونها، وحقق البرنامج الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة الخامس؛ ولهذا استشرف الأمير نايف الأمر رغم حساسية الموضوع (وهو عن السعودة) وشجع على الحوار، وكان البرنامج باسم دعوة للحوار وأول استخدام -آنذاك- لمفردة الحوار وبتوجيه ودعم من الأمير نايف.
ومن خلال السنوات التي عملت فيها مع سموه، أتذكر عندما كان سموه يلتقي في أيام المهنة مع الأكاديميين والطلبة، وكان يحرص على أن يكون الحوار شفافا وواضحا بدون أوراق، وكان يشجعهم، ويحرص على إبلاغ المسؤولين عن التنظيم بأن يكون الحديث شفافا بدون أن يفرز أحد الأسئلة، وأن توضع مكبرات الصوت، ويتاح الحديث لمن يرغب أن يسأل دون ترتيب مسبق.
وأذكر رفض أحد المسؤولين في إحدى الجهات الحكومية، وقال: «لا بد أن نرتب الأمر دون تركه للناس بهذه الطريقة»، فرجعت لسموه وأخبرته، فقال: ارجع وبلغه بأن هذه رغبتي، وأريد أن يسأل الجميع الأسئلة بدون أي ترتيب أو تنسيق مسبق. أريد الشفافية والصراحة، ولكن للأسف أصر المسؤول أن تكون الأسئلة مرتبة وهو يختارها، ورجعت مرة أخرى وأخبرت سمو الأمير، وقلت له إنه لا يريد أن يسبب لكم إحراجا؛ لأن العدد كبير، وقال الأمير: أنا لا يوجد لدي أي تحفظ من أي مواطن سعودي، وله أن يسأل أو يحاور، وأريد أن يكون الحوار واضحا وشفافا وتلقائيا، وكان ذلك قبل ست سنوات تقريبا، وبالفعل كان الحوار شفافا، وذكر الأمير في بداية الحديث أنه يريد أن يكون الحوار واضحا، وإذا كان هناك شخص يريد أن يسأل فليسأل بدون حرج، وكان يشجع الناس على الكلام، ويتقبل الحدة في الطرح والحماس والانفعال بأبوة وصبر وحلم وبطيبة ونبل.
العلاقات مع الدول
أتذكر -أيضا- من المواقف الجميلة والرائعة لسمو الأمير نايف أن أحد رجال الأعمال أقام لقاء بحضور 300 شخص تقريبا، وكان من ضمن الأسئلة سؤال من أحد الحضور، وأعتقد أنه عضو سابق في مجلس الشورى، حيث قال: يا سمو الأمير إلى متى سيظل موقفك في ما يتعلق بالعلاقات مع تايلند، لماذا لا تعود العلاقات من جديد، خصوصا أن الموضوع قديم (ويخص قتل مجموعة من السعوديين في تايلند)، وأن الموضوع ظل مفتوحا وتعاقب عليه حكومات تايلندية كثيرة، ولم يحل هذا الأشكال، ولم يعرف من القاتل لهؤلاء السعوديين، ولا بد من إنهاء الأمر، وأن نراعي مصالحنا ونتعاون مع تايلند؛ بحكم أنها دولة مهمة في آسيا.
فتأثر الأمير بالسؤال، ونظر نظرة فيها من الغضب الكثير، والحضور ينتظرون الإجابة، وقال له: للأسف، وللأسف، وللأسف أنك سعودي وتقول هذا الكلام، وأضاف بلغة حازمة: أنت لم تفكر في قطرات الدم البريئة التي نزفت من هؤلاء الشبان السعوديين الذين كلفوا من وطنهم بمهمات وطنية ودبلوماسية، هؤلاء الذين قتلوا غدرا وخيانة لم تفكر في عيالهم وزوجاتهم وأمهاتهم وأسرهم. أنت تريد التجارة وتريد الربح والملايين، وهذه الملايين قد تأتي من إقامة علاقة اقتصادية مع دولة مثل تايلند على حساب قطرة دم نزفت من سعودي، انا لا أريدها، ولا أريد أي منطق تجاري أو اقتصادي على حساب هذا الوطن.
طبعا، القاعة ضجت بالتصفيق، وهذا يدل على وطنية الحضور وتأثرهم من كلام سموه، وهذا مثال من الأمثلة الكبيرة التي تدل على صلابة سموه في صالح حقوق المواطنين السعوديين.
كما أتذكر في بداية الأحداث كانت هناك حالات قبض على مواطنين سعوديين في الخارج، حيث تم إيقاف بعض الطلاب والسياح السعوديين باستعجال وبتهور وتم سجنهم، فكان الأمير حريصا على أوضاعهم ومتابعة الإفراج عنهم، ومنهم المحتجزون في جوانتانامو، ولهذا تم افتتاح مكتب في العلاقات والتوجيه، وكان سموه حريصا بالدرجة الأولى على هؤلاء الذين تم القبض عليهم في أمريكا أو في باكستان أو في الشيشان أن يعودوا إلى وطنهم، إضافة إلى أن تتم رعاية أسرهم وزوجاتهم إذا كانوا متزوجين وآبائهم، وصرف مخصصات شهرية لأسرهم ومن يعولون، وتفقد أحوالهم، وتسديد ما عليهم من ديون، وجرى تكليفنا -كمكتب- بمتابعة من يحتاج إلى قبول في الجامعة أو علاج في المستشفى، وكل شاب فتح له ملف وتوبعت أحواله وأموره، والتقى سموه عدة مرات بأولياء الأمور، وظل يتابع توجيهات القيادة حتى تم الإفراج عن معظمهم.
وكان سموه على اطلاع بكل التفاصيل الدقيقة، بالإضافة إلى متابعة من سمو نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز، ومن سمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف. فهذا الهم الكبير في متابعة شؤون السعوديين الذين منهم من تضرر، ومنهم من وقع في خطأ، وبعضهم ذهب في مهمات خيرية وتم الترصد له، كان سمو الأمير حريصا على عودتهم إلى وطنهم.
وكان الأمير يجتمع مع أهاليهم، ويتلمس احتياجاتهم. واتذكر أن إحدى الأسر تورط ابن لها في خطف الطائرة السعودية للعراق، فصرح سموه في تلك الفترة، وأكد على حقيقة واحدة أن هذا الشخص الذي أخطأ ليس لأسرته أو قبيلته أي ذنب، وقد استقبل سموه والد هذا الشاب وإخوانه، وذكر سموه لهم أن من أخطأ فهذا على نفسه وأنتم أبناؤنا ولكم ما عليكم وخطؤه عليه، وهذا يؤكد أن آباء وأمهات من تورطوا في قضايا الإرهاب يعاملون معاملة محترمة ويقدرون، حتى الشباب الذين تم التحفظ عليهم يعاملون معاملة طيبة، وتتم رعايتهم والاهتمام بهم.
وكانت لجنة المناصحة تناقشهم وتوضح لهم الصورة، وكثير منهم -ولله الحمد- تغير تفكيره، وكانت توجيهات سموه في المناصحة واضحة في أن الفكر لا يقاوم إلا بفكر، حيث تم استقطاب العلماء الجادين لمناصحتهم وإرشادهم.
أيضا، من الأمور المعروفة عن سمو الأمير نايف اهتمامه بالمواطنين والمراجعين، وكنت أتابع ذلك في المجلس العام لسموه، حيث إن سموه معروف بكرمه في علاج من يحتاج للعلاج ومساعدتهم ماديا ومعنويا، وكان يشجع على اتمام الدراسة، ومنهم من ذهب وتعلم ودرس وحصل على شهادات كثيرة، فكان حريصا على التعليم في جميع أشكاله وجميع نظمه، ويحرص على التعليم الجيد في جامعات جيدة وفي التخصصات المطلوبة.
المواقف مع الشهداء
مواقف كثيرة للأمير مع أسر الشهداء، وكان منها أنه كان يريد زيارة أسر شهداء الواجب وتقديم واجب العزاء لهم، فكانت أسرة العميد عبد الرحمن الصالح (رحمه الله)، وأسرة إبراهيم المفيريج (رحمه الله)، وأسرة وجدان التي قتلت في تفجيرات المرور، وأسرة الرائد إبراهيم الدوسري، وعندما تم البدء في ترتيب الزيارة كانت المنازل متباعدة، فإحدى الأسر كانت في أقصى الشرق في حي المصيف، والأخرى في أقصى الشمال في حي حطين، وأسرة وجدان كانت في حي العريجاء، وأسرة أخرى في حي العزيزية في جنوبي الرياض، فقلت لسمو الأمير الأماكن متباعدة وأعتقد أن الوقت ضيق، فقال: لا بد لي من زيارة هذه الأسر، لأن هؤلاء الأبطال قدموا لدينهم ولوطنهم الكثير، وهي رسالة للذين يريدون الإساءة لهذا الوطن، وأن من واجبنا أن نشارك في عزائهم. وبدأنا نرتب من وقت العصر وكنت أرى الإرهاق على سمو الأمير لأنه كان لديه عمل في الوزارة ولديه اجتماعات ولجان، فخرجنا من الوزارة بعد العصر إلى أسرة العميد الصالح وقابل والده وإخوانه وقدم التعازي. ثم توجهنا إلى أقصى الشمال وقدم سموه التعازي لأسرة المفيريج، وكان جد الشهيد كبيرا في السن وتأثر بزيارة الأمير وبكى، وهي صورة أتذكرها حيث صورها المصور التلفزيوني وأصبحت تتردد كثيرا في البرامج والأحداث عند ذكر الشهداء وقد أقيم جامع كبير على نفقة سموه باسم المرحوم إبراهيم المفيريج بالقرب من مقر سكنه. ثم انتقلنا إلى العريجاء لأسرة وجدان ونزل ودخل على أسرة الطفلة وجلس مع والدها وإخوانها واحتضن بنت أختهم الصغيرة حديثة الولادة وهذه الصورة نشرت في الصحف والمجلات، وكان الأمير حريصا على زيارة أسرة وجدان رغم صعوبة ذلك وأثرت فيهم الزيارة كثيرا. وبعدها انتقل إلى منزل الرائد إبراهيم الدوسري في أقصى جنوبي الرياض وقابل والده وإخوانه واحتضن أولاده وكان وقتها الساعة 11 ليلا. فهذه مواقف إنسانية عظيمة تدل على إنسانية هذا الرجل العظيم وحرصه على مواطنيه، حيث ظل لساعات طويلة يتنقل بين الأسر ليعزيهم ويشاركهم أحزانهم ويقدر تضحيات أبنائهم، وكان لهذا أثر كبير على هذه الأسر.
وطبعا كل من قرأ سيرة الأمير نايف في الأحداث التي كانت في الحج أو أحداث العليا أو غيرها، تجده واضحا في موضوع الإرهاب وهو من أوائل الناس الذين كتبوا وتحدثوا في موضوع الأمن الفكري، فأمن الفكر لا يواجه إلا بفكر، وكان يحذر من اختطاف العقول. وكان عبر منظومة وزراء الداخلية العرب تم إصدار عدة اتفاقيات كانت تخدم المواطن العربي، ولهذا لم يكن غريبا أن يكون مجلس وزراء الداخلية العرب هو أفضل مجلس عربي في التعاون الأمني بين الدول العربية؛ لأن وعي الأمير نايف وحرصه على التعاون الأمني العربي كان وراء ما حققه مجلس وزراء الداخلية العرب من نجاح وتقدم وازدهار؛ كون سموه الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وقائد منظومته.
السياسة الإعلامية
ترأس الأمير نايف المجلس الأعلى للإعلام لعدة سنوات وشهد هذا المجلس نقلة نوعية وتميزا في الإعلام السعودي ونهضته، وأصدر المجلس وثيقة السياسة الإعلامية التي أشرف سمو الأمير نايف على إصدارها حيث اعتمدها مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية بحيث تكون هي الوثيقة السياسية الإعلامية للمملكة، وأي ضعف في الإعلام السعودي هو مرده إلى عدم التقيد بهذه الوثيقة المتميزة، وعندما يتحدث سموه في المؤتمرات الإعلامية والصحافية كان يتحدث بوضوح وسلاسة وحزم وكان حقيقة يجيب على الأسئلة إجابات واضحة ومقنعة ويكون حديثه من القلب إلى القلب بالإضافة إلى صبره على الإعلاميين الذين يتجمهرون بشكل عاجل وبحماس فكان لا يمنع أي صحفي ويجاوب بصبر وبرحابة صدر. وكان يحرص على معرفة الحقيقة وهي دائما التي تبقى وتساعد المسؤول للوصول إلى العدل، والعدل هو الهدف الأساسي وسمو الأمير نايف نادرا ما يعنف أو يتكلم بشراسة فكان إذا أراد أن يوجه يوجه بطريقة مهذبة كلها حلم وصبر، لذلك الإنسان يتحاشى عنده أن يخطئ ومع ذلك كان سموه دائما يتعامل بهدوء وكان يحرص على أن يباشر الأمور بنفسه ويقابل الناس ببشاشة ويستمع إلى آرائهم فهو قارئ من الدرجة الأولى ولا يستعجل في الحكم يقرأ بدقة وحزم وبصبر. وكان يجيب على أسئلة الصحافيين في المؤتمرات أو بعد المناسبات بكل عمق، وأحيانا تأتي أسئلة مفاجئة ومع ذلك تكون إجابته مقنعة وقوية، ولهذا كنت أسعد في المناسبات عندما يرتجل سموه الكلمات ولا أحبذ الكلمات المعدة لأنه يتحدث من القلب ورسالته للقلب، وكان يتقبل لجوء بعض الكتاب لسموه عندما يكون لديهم مشاكل مع بعض رؤساء التحرير حيث يتعامل سموه بحكمة لحل الإشكال وقد يكلف سموه من يقرب وجهات النظر وهذا بسبب ثقة وحب الجميع للأمير نايف وتقديرهم له.
محاربة الإرهاب
في الواقع حكمة الأمير نايف وصبره وعدم استعجاله في أمور كثيرة هي التي أدت إلى محاربة الإرهاب الذي جاء من غلو وتطرف. وكان دائما يحث على الاعتدال وعندما يتحدث للتربويين والمعلمين كان يذكر بأهمية الوسطية وأن الإسلام هو دين الوسطية وأن المملكة العربية السعودية قامت على الاعتدال وعلى العقيدة الصحيحة فكان يحذر من الغلو ومن التطرف ومن التشدد وهذه نراها في منهج سموه في تشجيع كل ماله علاقة بالدين الإسلامي المعتدل الصحيح مثل دعمه لكرسي الأمن الفكري في جامعة الملك سعود وكذلك كرسي الدراسات الوطنية في جامعة الإمام، وكذلك الكراسي البحثية في بعض دول العالم ومنها كرسي الأمير نايف في جامعة موسكو .. وجائزة سموه للسنة النبوية وغير ذلك.
الجانب الإنساني
سمو الأمير نايف يتواصل مع الناس ويقبل دعواتهم في منازلهم ولهذا أحبه الجميع فهذه من الأشياء التي يعرف بها سموه حيث الجانب الإنساني لسموه والجانب المثقف الذي تستهويه الكلمة الجميلة ويستهويه بيت الشعر الجميل وتستهويه الأشياء المرهفة، التي تجعله يتعاطف مع الناس ويبحث عن قضاياهم وعن شؤونهم ويتلمس احتياجاتهم فهو كريم معهم ويهمه أمن هذا البلد ويهمه مواطن هذا البلد فمهما تحدثت عنه فهو رجل أعطاه الله محبة الناس وأعطاه تقدير الناس واحترامهم له، فتلك الهيبة العظيمة الكبيرة التي تجعل الإنسان عندما يراه يدعو الله له أن يمد له في عمره وأن يمده بالصحة والعافية لأن هذا الرجل مواقفه عظيمة لهذا البلد وعطاءاته وإخلاصه وجهوده واضحة في رعاية أبناء هذا البلد ونهضته، فنحن نلمسها في جميع قطاعات وزارة الداخلية وجميع القطاعات التي أشرف عليها سمو الأمير نايف .. أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية ليواصل العطاء في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- وقد توارد في ذهني هذا الموضوع بمناسبة مرور عام على تعيين سموه في منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.