يعد مطار الملك خالد الدولي في الرياض من مفاخر المملكة التي تتباهى بها بين الأمم، فالمطار المرآة الأولى التي تعكس الانطباع العام الذي يساهم في تشكيل ذهنية الزائر إلى المملكة التي لم تدخر حكومتها جهدا في توفير كافة الإمكانيات والطاقات لمتابعة تطوير المطار وتحديثه، وتعاني المطارات الكبرى حول العالم بحكم عملها وتوافد القادمين عليها والمغادرين منها على مدار الساعة من نسب استهلاك عالية تصيب خدماتها بالشيخوخة والهرم السريع مما يتطلب ضرورة توفير برامج تطوير وتحديث وصيانة دورية ووقائية حتى يظل المطار ماثلا أمام مريديه في أبهى حله وأجمل منظر، ولهذا استقطبت حكومة المملكة لهذا الغرض شركة فرابورت الألمانية التي تتربع على عرش إدارة وتشغيل وتطوير كبرى المطارات في العالم وتتمتع بخبرة وباع طويل لا يقارن في هذا المجال وتعتبر واحدة من أهم الشركات العالمية في مجال صناعة المطارات الدولية؛ حيث تدير وتمتلك مجموعة من المطارات الكبيرة العالمية في بلدان مختلفة، وقد أصبحت ثاني أكبر شركة في العالم متخصصة في مجال المطارات، ويكفيها أنها المالك والمشغل لمطار فرنكفورت الدولي. إلا أنه فيما يبدو أن الخطط التي أعلنت عنها المملكة لتحويل المطار إلى مدينة خدمية واقتصادية متكاملة الخدمات لم نلحظ لها أثرا على أرض الواقع في مطارنا الذي نطمح أن يكون مطارا بمواصفات أفضل خمسة مطارات في العالم، ويعكس مدى التقدم الحضاري التي أحرزته المملكة في كافة الميادين، فالمملكة بفضل خططها الاقتصادية والتنموية احتلت مكانها بين مجموعة العشرين التي تمتلك أفضل اقتصاديات العالم، كما أنها وقبل نهاية العام الجاري ستكون ضمن أفضل عشر دول في التنافسية الدولية. مجمل القول يا جماعة الخير أننا نريد لمطار الملك خالد الدولي في العاصمة الرياض التي هي عاصمة النفط في العالم أن يأخذ مكانه الحقيقي بين مطارات العالم المتقدم، وهذا لن يتأتى إلا بتمكين الشركة الألمانية من أداء عملها بعيدا عن تعقيدات البيروقراطية التي تعشعش في أركان المطار وتعوق دون إحراز تطور ملموس يراه القادمون والمغادرون منا الذين اعتادوا حياة السفر تلبية لمتطلبات أعمالهم وحياتهم. وبصفتي أحد الذين يستخدمون المطار للسفر إلى ألمانيا بشكل دائم لمقتضيات عملي، دارت في ذهني عدة أسئلة ومقارنات بحكم أن القاسم المشترك بين مطار الملك خالد الدولي ومطار فرانكفورت الألماني هو أن شركة فرابورت هي التي تضطلع بمهمات الإدارة في كلا المطارين، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا نلمس نجاحا ملحوظا لفرابورت في مطار فرانكفورت ولا نرى له أثرا في مطار الملك خالد الدولي؟ هل العيب في فرابورت الألمانية؟، أم في الروتين والبيروقراطية وقدامى مسؤولي الجهات العديدة التي تعمل في مطار الملك خالد الدولي، الذين يرون في أنفسهم أنهم محور المطار وعصبه الرئيس ولا مطار بدونهم؟ إن أي متفحص من معتادي السفر عبر مطار الملك خالد الدولي يلحظ خللا ما تبدو ملامحه واضحة في أروقة المطار، في عصبية رجال الخدمات، في عدم الاستجابة السريعة للتعاون التي اعتدنا عليه في المملكة ومدحه كثير من الأجانب الذين سبق لهم ارتياد المطار. هل غيمت هذه الآفات جميعها لتشكل سحابة مظلمة وتمثل حجر عثرة وعائقا إمام الألمان الذين جاءوا إلينا ليقدموا لنا خبراتهم وعصارة أفكارهم حتى يعود مطارنا إلى سابق عهده؟ أفيدونا يرحمكم الله. أؤكد على أن حركة التطور في مفهوم إدارة المطارات تتغير بسرعة أعلى كثيرا من سرعة طائرات الكونكورد، فهل آن الأوان لأن تغير الجهات العاملة في مطار الملك خالد الدولي من مفاهيمها لصناعة خدمات السفر التي تطورت حول العالم ولا تزال تراوح مكانها عندنا منذ أكثر من ربع قرن؟ أسئلة أتمنى أن أجد ردا عليها يعيد إلينا الأمل. د. سعود بن عبد الله السليمان جامعة الملك فهد للبترول والمعادن