جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    1.6 ألف ترخيص ترفيهي بالربع الأول    الطاقة النظيفة مجال جديد للتعاون مع أمريكا    السعودية والأمريكية    «الأقنعة السوداء»    العيسى والحسني يحتفلان بزواج أدهم    احذر أن ينكسر قلبك    5 مخاطر صحية لمكملات البروتين    تقنية تخترق أفكار الناس وتكشفها بدقة عالية !    إلتقاء سفيرة خادم الحرمين الشريفين بطلبة المنتخب السعودي في آيسف.    فتياتنا من ذهب    حلول سعودية في قمة التحديات    تضخم البروستات.. من أهم أسباب كثرة التبول    بريد القراء    الرائد يتغلب على الوحدة في الوقت القاتل ويبتعد عن شبح الهبوط    ابنة الأحساء.. حولت الرفض إلى فرص عالمية    الاستشارة النفسية عن بعد لا تناسب جميع الحالات    ولي العهد يلتقي الأمين العام للأمم المتحدة وملك الأردن والرئيس السوري    هتان السيف.. تكتب التاريخ في الفنون القتالية    مستقبل الحقبة الخضراء    الإطاحة بوافد مصري بتأشيرة زيارة لترويجه حملة حج وهمية وادعاء توفير سكن    مدير عام مكتب سمو أمير منطقة عسير ينال الدكتوراة    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    الدراسة في زمن الحرب    الشريك الأدبي وتعزيز الهوية    التعليم في المملكة.. اختصار الزمن    صالح بن غصون.. العِلم والتواضع        76 مليون نازح في نهاية 2023    فصّل ملابسك وأنت في بيتك    WhatsApp يحصل على مظهر مشرق    حراك شامل    فوائد صحية للفلفل الأسود    ايش هذه «اللكاعه» ؟!    خطر الوجود الغربي    العام والخاص.. ذَنْبَك على جنبك    حق الدول في استخدام الفضاء الخارجي    كلنا مستهدفون    أثقل الناس    تحولات التعليم.. ما الذي يتطلب الأمر فعله ؟    لماذا يجب تجريم خطاب كراهية النساء ؟    الاتحاد يتعثر من جديد بتعادل أمام الخليج    المسابقات تعدل توقيت انطلاق عدد من مباريات دوري روشن    بتوجيه ولي العهد.. مراعاة أوقات الصلوات في جدولة المباريات    البنيان يشارك طلاب ثانوية الفيصل يومًا دراسيًا    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    النفط يرتفع والذهب يلمع    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    بمشاركة السعودية.. «الحياد الصفري للمنتجين»: ملتزمون بالتحول العادل في الطاقة    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    صفُّ الواهمين    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    سقيا الحاج    السفير الإيراني يزور «الرياض»    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخية الحرب.. وغائية السلام
نشر في عكاظ يوم 01 - 08 - 2023

الحربُ، ظاهرة سلوكية إنسانية، كما أنها ظاهرة طبيعية. رغم حركتها العنيفة وآثارها المدمرة، إلا أن الحربَ حتميةٌ تاريخية، ومن أهم أدوات السلام، بل إن السلام، في النهاية غايتها. الحربُ، أيضاً، وإن كانت سلوكاً إنسانياً، بامتياز، إلا أنها واحدة من ظواهر الطبيعة، التي تعكس الحياة على الأرض، تماماً مثل الظواهر الطبيعية الكارثية، كالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير والأوبئة وتقلبات المناخ. بالحربِ يعلن الإنسانُ عن وجوده وتكمن في حركتها العنيفة حياة كوكب الأرض، نفسه.. وأحد أدوات مظاهرِ عمرانه واستقراره وتوازنه. الحربُ، بالمطلق، ليست سلوكاً بشرياً «مستهجناً»، يُنظر إليه من زاوية أخلاقية، ليُثار الجدل حول عدالتها من عدمها. للحكم على الحربِ، كظاهرةٍ إنسانية طبيعة، يجب النظر إليها من منظورها التاريخي ودورها في نشوء الحضارات واندثارها.. وتطور التكنولوجيا وتقدمها.. والأهم: تفسير التغيرات في النظام الدولي، من مرحلة إلى أخرى، بحثاً عن السلام والاستقرار والتوازن.
هناك، إذن: جانب إيجابي في تاريخية الحرب وحتمية نشوبها.. وحكمة إلهية في طبيعتها، بوصفها أهم أدوات تحقيق السلام.. ومواصلة تطور البشرية، وأهم أدوات التقدم التكنولوجي والعلمي ومحاولة الإنسان السرمدية للتأقلم مع تحديات الطبيعة، بل وتطويعها من أجل تحسين جودة الحياة. هذا الجانب الإيجابي للحرب، لم يلُتفََت إليه كثيراً في أدبياتِ الحربِ، في خضم التركيز على النتائج الكارثية للحرب.. والسعي الدؤوب لتفاديها، والتفكير الجاد في نتائجها، إما بالنصر فيها.. أو وقف آلتها الجهنمية العنيفة، بأي ثمن.
لكن هذا لا ينفي طبيعة الحرب العنيفة والمُكْلِفَة والمأساوية.. وأنها، في كثير من الحالات ناتجة عن خطأ في الحسابات.. وسوء التقدير من قبل أطرافها. إلا أن هذا جزء أساس من إرث الحرب نفسها، التي عادةً ما «تَسْتَعْمِلُ» أطرافها من أجل خدمة تاريخيتها.. ودورها الأساس في خدمة السلام، وتحقيق التوازن والاستقرار. في الحقيقة، الحربُ لا تُشن ابتداءً من قبل أطرافها، مهما كانت أهدافهم منها أو طموحاتهم من وراء حركتها العنيفة، ولا حتى ما يبدو من قيم نبيلة يتوخون الانتصار لها. الحربُ، في حقيقة الأمر، لها ذاتية تمتلك إرادة مستقلة، سواء في مرحلة شنها، وبالأخص: في لحظة وضع أوزارها، فهي كأي حركة طبيعية تتوقف عند استنفاد طاقتها. وما العامل البشري، الذي يُعتقد أنه وراء شن الحروبِ، سوى في أحيانٍ كثيرة، أداةً مطيعةً لإرادة الحرب نفسها، التي تعكس «ديناميكية» وتطور الحياة نفسها، على كوكب الأرض.
هتلر وستالين وتشرشل، وقبلهم نابليون وبسمارك، وقبل كل ذلك بناة الممالك والإمبراطوريات، من تحتمس الثالث والإسكندر الأكبر، مروراً بعبدالملك بن مروان وأبوالعباس السفاح وصلاح الدين، وصولاً إلى الملك عبدالعزيز آل سعود. جميع هؤلاء من رجال الدولة الفاتحين ما كانوا ليخَلدِوا مكانهم في التاريخ، لو لم تكن الحربُ أداةً أساسية في تاريخية إنجازاتهم وخلود أسمائهم والبصمات الفارقة، التي طبعوا بها إسهاماتهم الإنسانية في تاريخ البشرية، التي تراكمت على مر العصور، لتثري الحضارة الإنسانية.. وتوجد التقدم العلمي والتكنولوجي.. وتصنع فترات السلام المتعاقبة.
هتلر وتشرشل، على سبيل المثال: شَكّلا متلازمة تاريخية لإرادة الحرب، في لحظة حرجة من تطور النظام الدولي الحديث، انكشف فيها عدم استقرار نظام عصبة الأمم، وتطورت الحاجةُ لخلقِ نظام دولي أكثر استقراراً وأدق توازناً. الحربُ الكونيةُ الثانية كانت آخر الحروب الحاسمة في التاريخ، التي أسفرت عن نصر حاسم لقطب دولي، وهزيمة ساحقة لقطب دولي آخر، كلاهما كانا يتنافسان على مكانة الهيمنة الكونية. ليست مصادفة أن تحسم الحرب الكونية على جبهة الباسفيك، بدخول سلاح غير تقليدي، يصعب إن لم يستحيل إعادة استخدامه، وتفادي نتائجه الكارثية على مستقبل البشرية. النتيجة: أن نَعُُمَ العالم بسلام ممتد، لنظام دولي مستقر ومتوازن، تجاوزت فيه طموحات الإنسان لخارج نطاق المجموعة الشمسية، لم ينافسه في هذه الخاصية، سوى نظام (Pax Brittanica)، الذي سادت فيه بريطانيا العالم (1815 – 1914)، وإن كان الأخيرُ أقل استقراراً لاعتماده على آلية نظام توازن القوى التقليدي، التي اختل باندلاع الحرب العظمى (1914-1919).
لو لم تكن الحربُ، لما كان السلامُ ممكناً.. وإن كانت مسيرة السلام (اليوم) خطرة تحكمها آلية ردع حساسة (توازن الرعب النووي) تفادياً لحرب الدمار الشامل المهلك المتبادل (Mutual Assured Destruction). لكن في النهاية: إرادة السلام تتغلب على إرادة الحرب. هذه هي غاية حركة التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.