ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب قبالة سواحل مملكة تونغا    العنزي يحقق فضية المواي تاي وزن 67 كجم.. وأخضر اليد يكسب العراق    أخضر اليد يتغلب على نظيره العراقي في «الرياض 2025»    الأخضر السعودي يهزم ساحل العاج بهدف أبو الشامات وديًا    معهد البحوث بجامعة أم القرى يطلق 13 برنامجًا نوعيًّا لتعزيز مهارات سوق العمل    مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بينبع ينظم فعالية "يوم الغذاء العضوي" في الدانة مول    جامعة أم القرى تختتم الموسم الثاني من هاكاثون "أنسنة المشاعر المقدسة"    مساعد وزير الداخلية يرأس وفد المملكة في المؤتمر الوزاري لبلدان الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    قمة تنافسية بين بيش والخالدي عصر غدٍ السبت    الشريك الأدبي قريبا مساحة بين الأدب والفن في لقاء مع الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين    المملكة توزّع (1,514) سلة غذائية بولاية شمال كردفان في السودان    الصين تحذر اليابان من هزيمة عسكرية «ساحقة»    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يصعد إلى 64.39 دولار للبرميل    مجمع هروب الطبي يفعّل مبادرتين صحيتين بالتزامن مع اليوم العالمي للسكري    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (108) كجم "قات"    قتلى وجرحى إثر هجوم روسي كبير على كييف    بلدية الدلم تضبط 13 مخالفة جسيمة وتغلق منشآة تجارية    اختتام دورة "فن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "انطلاقة نماء" بجازان    مبابي يعرب عن سعادته لتأهل فرنسا للمونديال ووصوله إلى 400 هدف    «الأرصاد» يراقب تطورات الحالة المطرية من خلال تقنيات أرصادية تغطي أكثر من 90% من مساحة المملكة    شاهين شرورة ب 351 ألف ريال    غيابات منتخب السعودية عن مواجهة كوت ديفوار    حرم ولي العهد تتبرع لصندوق دعم الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول ب10 ملايين ريال    اختتام فعالية التطوع الاحترافي بمشاركة 24 خبيراً و250 مستفيد في جدة    من النص إلى النشر".. نادي مداد وبيت الثقافة بجيزان يناقشان تجربة الكاتب وقارئه الأول    جمعية عين لطب العيون تنظم فعالية توعوية بمناسبة اليوم العالمي للسكري في جازان تحت شعار "فحصك اليوم    ديوان المظالم يفوز بجائزتين دوليّتَين في تجربة العميل 2025    الأسهم العالمية تتراجع بشدة مع تبدد آمال خفض أسعار الفائدة    البعيجان: الإخلاص أصل القبول وميزان صلاح الأعمال    الدوسري: برّ الوالدين من أعظم القربات إلى الله    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعزز الوعي بداء السكري في سكرك بأمان    152 توأماً من 28 دولة.. والمملكة تحتفل بالإنجاز الجراحي رقم 67    جامعة محمد بن فهد تستذكر مؤسسها في احتفالية تخريج أبنائها وبناتها    موسم الدرعية 25/26 يستعد لإطلاق مهرجان الدرعية للرواية الأحد المقبل    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    أفضل خمس خدمات بث فيديو    رحلة الحج عبر قرن    غدٌ مُشرق    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    الدفاع المدني يهيب بأخذ الحيطة والالتزام بالتعليمات مع توقع هطول أمطار رعدية على معظم المناطق    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ذاكرة الحرمين    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    آل الشيخ ورئيسا «النواب» و«الشورى» يبحثون التعاون.. ولي عهد البحرين يستقبل رئيس مجلس الشورى    استعرض مع ولي عهد الكويت التعاون.. وزير الداخلية: مواجهة الجريمة والإرهاب بمنظومة أمنية خليجية متكاملة    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقنين القتل والسرقة إكراماً لمبارك
نشر في مسارات يوم 11 - 05 - 2011

منذ انتصار ثورة الخامس والعشرون من يناير العظيمة وتكللها بنجاح تحقيق أحد مطالبها العادلة بالقصاص من أركان النظام البائد وعلى رأسهم كبيرهم الذي علمهم الفساد وأمرهم بممارسته، ومع تتابع القبض على معظم اللصوص الكبار من سارقي قوت الشعب ومقدراته، سرت على الساحة مقولة ظاهرها باطل وباطنها الباطل أيضاً، ألا وهي التصالح مع أركان النظام بعد الحصول منهم على بعض الفتات مما سرقوه نظير العفو عنهم وإطلاق سراحهم ليستمتعوا بحياتهم بالجزء الأكبر من ثرواتهم الحرام.
ولا أدري على وجه اليقين من هو صاحب هذا الاقتراح البغيض، ولكنه بالتأكيد بعض صبيان أركان النظام السابق الذين ما زالوا بعيدون عن الوقوف خلف القضبان حتى الآن لأسباب لا يعلمها أحد، فالواضح أن النظام لم يفقد مؤيديه بالكامل حيث لم يتم الاقتراب من باقي جمعية الفساد والإفساد الذين يواصلون الليل بالنهار بحثاً وتنقيباً عن وسائل ينقذون بها أنفسهم بالعمل على إنقاذ السبعة الكبار من المحاكمة بأي ثمن، فتفتق ذهنهم عن هذا الاقتراح مستغلين الظروف المالية الصعبة التي تمر بها مصر، والسبعة الكبار المقصودين هم مبارك وولديه، وأحمد عز وزكريا عزمي وفتحي سرور وصفوت الشريف.
كما سرت شائعة أخرى تتحدث عن أن أحد الحكام العرب قد عرض دفع فدية دولارية يسيل لها اللعاب، نظير عدم محاكمة آل مبارك وخروجهم من مصر سالمين، وهو العرض الذي وضعته صحيفة الوفد الإلكترونية على موقعها على الإنترنت وطرحته للاستفتاء بتاريخ 22 أبريل 2011.
وطبعاً لا يخفى عن عين المتابع أن هناك من الإعلاميين المعروف ولائهم السابق والذين تمكنوا من اللحاق بقطار الثورة والقفز إلى إحدى عرباتها باعتبارهم رجال لكل العصور بجدارة، يتولون في الوقت الراهن التسويق لعملية التصالح نظير النذر اليسير من المليارات التي قام السبعة الكبار بتجريفها من تربة مصر على مدار الأعوام الفائتة، ولا أدري إن كان هناك أحد في الجهات الرسمية قد تبنى ذلك أم أن الأمر ما زال في إطار التكهنات.
ولكن ما هو رأي شعب مصر في الاقتراحين على أساس أنه صاحب الحق المسلوب ومالك المال المنهوب، كما أنه صاحب دم الشهداء والجرحى المسكوب؟ وما هو رأي القانون؟
بالنسبة للشعب فأعتقد أنه بأكمله يرفض مقترح التصالح، كما يرفض العرض العربي السخي لشراء حرية مبارك وأسرته، وفي الحالتين يتمسك بالمحاكمة العادلة.
فمن ناحية التصالح نظير الحصول على فتات رجال الأعمال فلا يوجد مبرر له، فالمحاكمة وحدها سوف تحصل للشعب على حقوقه كاملة وبالتالي فما الداعي للتنازل عن الجزء الأكبر نظير الحصول على الأصغر؟ فعندما تتم إدانة رجال الأعمال والمسؤولين اللصوص وهذا مؤكد لأن أعمالهم إجرامية بامتياز، سيكون الحكم الصادر عليهم بالسجن ومصادرة الأموال والممتلكات التي حصلوا عليها دون وجه حق وأي مكتسبات جاءت نتيجة توظيف نفوذهم وسلطانهم الحكومي أو الحزبي، كما سيتم من خلال وزارة الخارجية استرداد أموالهم المهربة خارج مصر، وبذلك تأخذ العدالة مجراها وتعود الأموال لأصحابها كاملة، وتتم معاقبة اللصوص ليكونوا عبرة لغيرهم مستقبلاً ممن يحاولون الإثراء على حساب الشعب والذين جمعوا أموالهم بطرق غير مشروعة، فنؤسس بذلك لدولة القانون الذي تطال أحكامه الجميع مهما كان مركزه في الدولة وذلك أهم قواعد الديمقراطية التي ينشدها الشعب وضحى من أجلها الشهداء.
أما من ناحية العرض الكريم لأحد حكام العرب، فإن الشعب كان يتمنى أن يكون هذا العرض خالصاً لوجه الله، خالياً من الشروط المهينة للشعب وكرامته الوطنية، فالمصريون ليسوا مجموعة من القراصنة تمكنوا من اختطاف رئيسهم البريء من دماء شعبه ويطالبون بالفدية حتى يفرج عنه، كما أن الرئيس المطلوب افتدائه ليس متهماً بقتل سرباً من الحشرات الطائرة أو الزاحفة، بل إن يداه ملوثتان بدماء ما يُقارب تسعمائة شهيد من خيرة شباب مصر وأملها، إضافة إلى إصابة أكثر من سبعة آلاف شاب وشابه بإصابات خطيرة أدناها الفقدان التام للبصر، ناهيكم عن الآلاف التي قتلها خلال الثلاثون عاماً الكئيبة هي فترة حكمه، وغيرهم من الآلاف الذين لم يعرفوا لهم مسكناً غير سجون مباحث أمن الدولة دون جريرة ودون محاكمات وفقد الكثير منهم حياتهم تحت التعذيب، هذا إذا اعتبرنا إصابة معظم أفراد الشعب بالسرطان الذي أدخله إلى مصر هذا الذي كان رئيساً بواسطة رجاله فتغلغل في باطن أرضها الطاهرة بالأسمدة المسرطنة التي أتى بها عمداً لقتل أكبر عدد ممكن من الشعب، إذا اعتبرنا ذلك نوع من اللهو البريء لفخامة المخلوع، الذي يجد من بين الأشقاء العرب من يبرر له جرائمه وخطاياه.
كنا نتمنى من صاحب العرض الكريم أن يأخذ ذلك في الاعتبار ولكن يبدو أن مشاعر النجدة العربية طغت على مشاعر مراعاة أحزان الثكالى والأرامل واليتامى، ولذلك فأنا أتوجه أليه أن يراعي تلك المأساة الإنسانية حتى لا تؤدي مشاعره النبيلة تجاه صديقه المخلوع إلى إحداث جرح غائر في قلوب أمهات الشهداء والمصابين الذين هم جزء كبير من شعب مصر، وأخشى ألا يُشفى هذا الجرح فلا أظن أن الشعب المصري سوف يفنى في القريب العاجل ليتم نسيان هذا الموقف، بل هو سينهض بإذن الله بسواعد أبنائه وبناته سواءً وقف بجانبه أشقائه العرب أم تخلوا عنه، فإن رأى صاحب العرض الكريم في تلك الظروف التي تمر بها مصر أن يقوم باستثمار هذا المبلغ فيها وأقول استثمار وليس منحة ولا هبة، فسيعود ذلك بالنفع الكثير لشعبه ولشعب مصر، وبذلك تتجلى مشاعر النخوة العربية والإخوة الصادقة في أروع صورها، وليترك لنا رئيسنا الذي كان، وسنوفر له المحاكمة العادية العادلة بدلاً من المحاكم الاستثنائية أو العسكرية التي كان يسلطها على مواطنيه من المصريين.
وفي النهاية بقي أن أقول أنه من الناحية القانونية، جميع العروض والمقترحات التي تنادي بالتصالح مع قاتلي المواطنين وسارقي الوطن ولصوص مقدرات الشعب وعدم محاكمتهم نظير الحصول على مبالغ مالية مهما كان حجمها لا تجوز قانوناً لأننا بذلك نرسي مبدأً قانوني خطير يشجع الرؤساء القادمون على القتل والسرقة ويزيد من وتيرتها، فبصفة عامة القاتل والسارق في هذه الحالة لن يردعه شيئاً وسيكون أمامه طريقان مشجعان، الطريق الأول هو الإفلات بفعلته من العقاب لعدم إثبات الفعل عليه، وهنا يكون قد فاز وخسر المجتمع، والطريق الثاني إذا تم القبض عليه وتقديمه للمحاكمة فسوف يقوم بالمساومة مستغلاً السابقة القانونية التي يحاولون التأسيس لها من أجل عيون مبارك وزمرته الآن، ويقوم بدفع القليل من المال ثمناً لدماء المواطنين، ويتنازل عن جزء من المسروقات ويتم التصالح معه أسوة بالسبعة الكبار، وبذلك نكون قد فتحنا الباب واسعاً لإفساد الوطن بكامله. فهل يقبل أبطال ثورة 25 يناير العظيمة بذلك؟ الإجابة يعرفها الجميع، فمن قتل يُقتل، ومن سرق يُسجن، لتعود مصر كما كانت موطناً للشرفاء. وذلك ليس دعوة للانتقام، ولكنها العدالة التي يعيش في كنفها المواطن آمناً على حياته ومقدراته، ويكون الجميع في الوطن سواسية أمام القانون، وأخيراً، الكرامة أغلى من أي مال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.