قد جرت العادة لدى العاملين في القطاع الصحي عند تناول موضوعات التثقيف الصحي في أن يتم تناولها من خلال جملة ثلاثية تتم كتابتها بصورة مختصرة باللغة الإنجليزية (KAP). أما عند ترجمة هذه الثلاثية باللغة العربية فهي تعني: المعلومة للحرف الأول،القيمة للحرف الثاني والمهارة للحرف الثالث. وعلى الرغم من أن تلك الثلاثية كانت تسهم في وقت من الأوقات في تسهيل فهم تفاصيل وتعقيدات التثقيف الصحي بيد أنها أصبحت في رأي المختصين جملة قد عفى عليها الزمان. كما اعتاد طلبة الدراسات العليا على إجراء مسوحات بإستخدام عناصر هذه الثلاثية في سبيل فهم أعمق للسلوكيات الصحية والغير صحية وخصوصًا في مجال الطب الوقائي بشِقيه السريري (طب العائلة) والغير سريري(طب المجتمع)،. في الحقيقة تعتبر مكونات هذه الثلاثية أدوات لتقييم الإحتياجات التعليمية وهي في بعض الأحيان إذا ما تم تشخيصها وتحديدها بمنهجية بحثية قوية تؤدي في النهاية إلى فهم أعمق للسلوكيات الصحية كما تمكن المخططين للبرامج التثقيفية من إجراء تدخلات أنجع لتوجيه السلوكيات الصحية. إذاً هي نقطة انطلاق للتخطيط في هذا المجال. وقد يفاجأ القارئ من نتائج المراجعة التي تمت على أكثر من 19 دراسة وبحث عالمي على فئة العاملين في القطاع الصحي من صيادلة و تمريض و أطباء عموم وأطباء أسنان بهدف تقييم سلوكياتهم الصحية. حيث أوضحت النتائج أن معدلات عدم الإلتزام بالسلوك الصحي قد تصل إلى 60% لدى تلك الفئات وهذه في الحقيقة معدلات مرتفعة إذا ما قورنت بالفئات الغير عاملة بالقطاع الصحي. إذاً كيف يمكننا خفض معدلات عدم الإلتزام ؟ أو بصيغة أخرى، كيف نرفع معدلات الإلتزام؟ نحن نحتاج إلى المزيد من التخطيط والإعداد واالكثير من التدخلات التثقيفية لتعديل السلوكيات الصحية داخل القطاع الصحي وهو الأولى في رأي أن يتم من خلاله مثل تلك التدخلات. ومن هنا قد نكون رسمنا خارطة طريق لتغيير ثقافة المجتمع من خلال تعديل سلوكيات الأفراد في القطاع الصحي أولاً وبالتالي سيليه التغيير في سلوكيات المجتمع. ولكي يكون هذا التدخل أقوى وأجدى ينبغي أن يحدث من خلال بحوث متخصصة في التثقيف الصحي، لاسيما أن هذا التخصص متجدد ويصدر له العديد من المجلات والدوريات العلمية. كما أن جميع تلك المجلات تركزعلى سرد منهجيات التدخل وتقييم تلك التدخلات في تعديل السلوكيات مثل الإمتناع عن التدخين، التزام الأمهات بالرضاعة الطبيعية، الإلتزام بالغذاء الصحي السليم، الإلتزام بالنشاط والمشي، وسلوك التزام مرضى الأمراض المزمنة بتناول العلاج وغيرها الكثيرمن السلوكيات الصحية الضرورية لصحة العاملين في القطاع الصحي وللمرضى والأصحاء على حد سواء. *رئيسة قسم تثقيف المرضى وعائلاتهم بمستشفى المساعدية للولادة والأطفال *إستشارية طب المجتمع