تحديد موقع المركبة اليابانية المتحطمة    عام 2030 الإنسان بين الخيال العلمي والواقع الجديد    سر انتشار البشر خارج إفريقيا    ترمب: قمنا بهجوم ناجح على 3 مواقع نووية إيرانية    المملكة تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث في إيران باستهداف منشآتها النووية من قبل الولايات المتحدة وتؤكد ضرورة بذل الجهود لضبط النفس والتهدئة وتجنب التصعيد    مونديال الأندية| ريال مدريد يتغلب على باتشوكا بثلاثية    الأخضر يتأهل إلى ربع نهائي الكأس الذهبية بنقطة ترينيداد وتوباغو    ولي العهد يناقش مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي مستجدات الأحداث    علقان التراثية    نصائح لتجنب سرطان الجلد    العمل ليلا يصيب النساء بالربو    فيروسات تخطف خلايا الإنسان    الهلال يتعادل سلبيا مع سالزبورغ بكأس العالم للأندية    التعادل السلبي يحسم مواجهة الهلال وسالزبورغ    قوة السلام    أميركا تستهدف منشآت إيران النووية    أمر وحيد يفصل النصر عن تمديد عقد رونالدو    محاولة جديدة من الهلال لضم ثيو هيرنانديز    ولي العهد يبحث مع القيادات الخليجية والفرنسية والإيطالية مستجدات الأحداث في المنطقة    مبادرة للتبرع بالدم في "طبية الملك سعود"    تنظيم السكن الجماعي لرفع الجودة وإنهاء العشوائيات    رابطة العالم الإسلامي تُدين الهجومَ الإرهابي على كنيسةٍ في العاصمة السورية دمشق    الأحساء تستعرض الحرف والفنون في فرنسا    "الغطاء النباتي".. حملة لمكافحة التصحر    تحديد ضوابط وآليات بيع المواشي بالوزن    عسير تستعد لاستقبال السياح    مستشفى المذنب يحصل على تجديد "سباهي"    إنقاذ حياة امرأة وجنينها بمنظار تداخلي    أمير حائل يكرّم 73 طالبًا    تباين في أداء القطاعات بسوق الأسهم السعودية    40 مليار ريال حجم الاقتصاد الدائري بالمملكة    الضّب العربي.. توازن بيئي    «المنافذ الجمركية» تسجل 1084 حالة ضبط    الشاعر بين إيصال المعنى وطول النفس    البحر الأحمر يعلن عن تمديد فترة التقديم للمشروعات السينمائية    أكثر من 19 ألف جولة رقابية على جوامع ومساجد مكة    الأحساء تستعرض تجاربها في الحرف والفنون ضمن مؤتمر المدن المبدعة بفرنسا    وزير الداخلية يودع السفير البريطاني    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    إثراء يشارك في مهرجان للعمارة والتصميم في إسبانيا بمشاركات زراعية سعودية    340 مليون ريال ل16 مشروعاً بلدياً بفرسان    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    6 رحلات يومية لنقل الحجاج الإيرانيين من جدة إلى عرعر    شاشات ذكية ب 23 لغة لإرشاد الزوار في المدينة المنورة    الإطاحة بمروج مواد مخدرة بمنطقة الجوف    المرور: ترك المركبة في وضع التشغيل عند مغادرتها يعد مخالفة    10 أيام تفصلنا عن بدء تطبيق "تصريح التوصيل المنزلي"    «التراث»: إطلاق حملة «عادت» لتعزيز الوعي بأهمية الآثار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تكريم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    مصانع لإنتاج أسمدة عضوية من مخلفات النخيل    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    الجبهة الداخلية    احتفل دون إيذاء    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتنة الحوثية

هذه فتنة وليست مشكلة حدودية يسيرة، والفتن تتغذى على الخلل السياسي، ومن دون الخلل السياسي، لا تعيش بل يسهل إنهاؤها، ونحن اليوم بصدد فتنة نرجو أن تموت عاجلا، وأن تخبو نارها وأن يستعيد الناس أمانهم ويصونوا دماءهم وأموالهم، منبع هذه الفتنة طموحات خائبة في مجتمعات ممزقة، لم تظهر فيها حكومة ولا فكرة جامعة، ولا سياسة واضحة، فالحاكم همه أسرته ومص شريان بلده وإرسال الثروة على شكل عقود أو سرقة مباشرة أو رشاوى وشراء للذمم من خزينة البلاد التي لا تصل لها بل يصب النهر في بيته ثم يجف هناك.
وينبني على هذه السياسة تنافس عائلي مستمر، فكل أفراد العائلة يرون أن لهم الحق في الوصول للحكم، ولهذا فإن عائلة الحوثي ترى أن لها الحق في أن تصل للحكم وتخمّ الغنيمة، ولماذا لا يصل أفرادها كما وصلت عائلة علي عبد الله صالح، وقد جعل موارد السلطة والثروة حكرا على عشيرته من سنحان، فالصراع عائلي أثارته عائلة طموحة أيضا، أكلتها الحرب وتصطنع مذهبا لتصل أو تأكل به، وقد تولد عائلات أخرى من هذه الحرب، فحيث لا وطن ولا شعب يحاسب، فهناك عشيرة في البلاط وأخرى في الرباط.
من المخاطر أن تتسرب الفتنة إلى القبائل، وأن تشمل مناطق أوسع في صراع قبلي قد يتسع ولا يقف عند حد، وهذه النار سيصعب إطفاؤها على الجميع كلّما طالت، ولأن خطر تمزق اليمن، سيكون نارا حارقة تلهب المنطقة وتكون منبعا لفتن لا تسكت، ومخبأ لكثير من صراعات المستقبل، فإن اليمن وإن كانت فقيرة، لكنها تتمتع بعدد هائل من السكان، ولها حدود متعددة مع مناطق خطرة كثيرة وممرات بحرية مهمة، وسكانها منتشرون في بلاد العالم وسيصنعون، ولاء وعداء، ويصعب قطعها وحصار مشكلاتها، و قد تبين في هذا الأسبوع أن وجود حكومة قوية ومركزية في اليمن مهم، وبقاء وحدة اليمن من مصلحة اليمن ومن مصلحة الجوار.
والتنبؤات الغربية منذ زمن بأن تكون اليمن هي الصومال أو أفغانستان التالية، لا يليق تلقيها باستسلام لهذه الرؤية أو لرؤية أحد أطراف الصراع، فمن مشكلات اليمن أيضا، أنه لا يوجد فيه ولا في الجوار سياسة مركزية ذاتية وخارجية قادرة وفعالة، تحسن التعامل مع المشكلة، وموقف حكومات مجلس التعاون الخليجي جيدة، ولكن من المهم أن يكون لها أثرها.
من الخطأ اعتبار فتنة الحوثيين مجرد امتداد إيراني، ولا ينكر أنه قد يكون لإيران يد وتسليح، ولكن الفتنة أولا وأخيرا أزمة حكومة يمنية ونتيجة لفساد داخلي ولفراغ سياسي في اليمن ومن حوله، وستستعمله إيران والغرب، وأي طائفة أو حكومة فعالة لها سياسة ذاتية، فضلا عن من سيستغل الحدث من تجار الحروب.
من الدروس المهمة، الانتباه إلى أثر بعض الشعارات الصغيرة المثيرة التي يرفعها أو يتاجر بها الحوثيون، فليس المخرج كلما رفعوا شعار الموت للغرب، أن ترفع الحكومات العربية شعار العبودية له، ولا تسخر الحكومات أموالها ولا إعلامها ولا عقولها لقوى استعمارية ولا حوثية ولا إيرانية، ولا تسمح للمستغلين أن يحولوها إلى وسائل لترسيخ الاحتلال وكسب عداء الشعوب الإسلامية والعربية، ولا تسمح لإعلامها أن يكون بوقا مثيرا للفتن وللمتاجرين بالعداوة ولا بالصداقة، ولا تزج بشعوبها في معارك إعلامية ليست لها.
فليست هناك حاجة من أن يتحول العداء للقاعدة إلى عداء للإسلام، ولا العداء لحزب الله إلى عبودية لخصومه من الموارنة ولا العداء لإيران إلى ولاء للصهاينة، ولا الخوف من الغرب إلى حرب مفتوحة مع خصومه في العالم، إذ لا حاجة للتطرف في العبودية، فالمحتلون قد يكتفون ببعض ما يعطون، ونحن نرى العالم يجد طريقا واسعا بين هذه الأطراف، وليس العرب بدعا منه، فيجب أن نعرف حدودا للعداء وحدودا للولاء ونتخذ بين المتطرفين سبيلا لمصلحتنا لأن الطرفين وأتباعهم لا يرونها.
ومن الدروس المهمة، أن تحويل البلدان إلى مزارع خاصة لعائلة الحاكم هو مدخل الهزيمة والدونية والتفتت والخوف المستمر من البعيد ومن القريب، وبهذه الأخلاقية لا تقوم حكومات ولا تستقر شعوب، فالجيش اليمني لم يستطع الصمود بسبب شعوره بأن من الخسارة الموت دون مزرعة الرئيس وعشيرته، وإلا فمن هم الحوثيون وقريتهم في وجه جيش حكومة من قرابة ثلاثين مليون لو كان يشعر هذا الشعب أو هذا الجيش بأن هذه البلاد بلاده والحكومة حكومته.
من الدروس المهمة، مواجهة جذر الفساد الذي أنجب هذه الفتنة وسينجب غيرها وليس البقاء عند مظهرها، فهذه المنطقة في جوع لحكومات لها سياسة ورؤية لمصالح الناس وليس لزعماء قبائل وعشائر وخدم لمصالح أنانية وعائلية وأجنبية مع عداوة وكراهية للشعوب، وتفسير الحكم بأنه في الداخل مجرد سجن الشعب وسرق المال واستبعاد المنافسين، وفي الخارج حماية للمصالح الصهيونية ودعاية لهم وقدح في أعدائهم، أو مجرد خضوع للأقوياء في إيران أو إسرائيل أو أمريكا، ففي غياب حكومات وسياسة خارجية مسؤولة ستبقى الأيدي على القلوب تترقب فتنة قادمة بعد فتنة مولّية.
إن الذي لا يرى عدوا له إلا الشعب، سوف يبقى طاغوتا في الداخل وعبدا خنوعا للخارج وتابعا لرغبات الحكومات المجاورة والبعيدة وسيستغله الجميع، ثم يبقى يحسد نفسه بنفسه ويدعي أن خسارته كانت دائما أقل من خسارة أكبر، ولا يفكر في أن يربح شيئا، وقد تخلص الرئيس من فتن سابقة ويحسب للشماليين وله تحقيق الوحدة، غير أنه قد يحسب عليه تمزيق اليمن، لأنه لما انتصرت الوحدة، رأى نفسه أنه هو المنتصر وأنه هو اليمن والشعب وبيت المال والحكومة وهذه بذور الفتنة أو أي فتنة لاحقة، فكل سارق للأمة أو مستبد بالسلطة صانع للفتنة.
وخصوم الرئيس يريدون الإمامة كما يريد هو توريثها لابنه قبل أن يسبق لها أخوه، فطبيعة العشائر العربية أنها تعتقد أن كل عشيرة أولى بالحكم وأرشد، وفي زوايا الشمال والجنوب وحضرموت منتظرون كثيرون، نتمنى للشعب اليمني الخير والوحدة والأمن وأن تصلح أو تقوم حكومة يمينة لليمنيين لا للفرد المستبد الفاسد.
ألا ما أتعس هذه الشعوب المختزلة دائما في شخص، يكون لها مرة ثم يكون لأعدائها بقية عمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.