مع تقدم العلم والتكنولوجيا وسبل الاتصالات التي وصلت إلى ما وراء الطبيعة وما لم يكن يتخيله أو يتصوره عقل نجد أنفسنا أمام مشكلة حقيقية لا مفر منها ألا وهي التقوقع على الذات وهي ظاهرة طبيعية تنشأ بفعل الانغماس والعكوف على تلك الوسائل الحديثة المتطورة في الاتصال بالعالم الخارجي فنجد الآن الأبناء بين الأسرة منعزلين في عالم آخر والطلاب مع المدرسين شاردي الذهن وهكذا، كلما زادات تقنية الاتصالات، وجدنا فجوة كبيرة بين الاتصال الفعلي والواقعي الذي أوشكنا أن نفتقده كليًا. هنا نجد أنفسنا أمام مشكلة صعبة المراس حيث الصراع بين التكنولوجيا والواقع الذي صعدت على قمته التكنولوجيا بل وتربعت وهنا نحتاج إلى حملات توعية شاملة وخاصة لفئات الشباب في مقتبل حياتهم فيها يتم طرح مميزات التكنولوجيا وسلبياتها بكل حيادية وبفكر جديد يجذب الأنظار. أصبح من السهل على الصديق الاتصال بصديقه عبر ما يدعى بالفيس بوك وتويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي بل وقد تكون مشاركاته معهم أكثر فعالية منها على أرض الواقع حيث يجد المتنفس الحقيقي لابداء رأيه بكل صراحة ووضوح دون مقاطعة أو تشويش فيزيد ذلك بداخله من الشعور بانبهاره بتلك التقنيات الحديثة المتطورة التي أصبحت بمثابة حياة أخرى له فيها يتكلم ويتحدث ويناقش ويجادل ويبدي وجهات نظره وبدون تردد وعلى الجانب الآخر، نجد أن الشخص حبيس الانفتاح والتكنولوجيا والتقدم، يفتقد الجوهر الذي نشأ وتربى عليه في القديم أو كان من المفترض عليه أن ينشأ كذلك فلا يغريه انعقاد المؤتمرات أو الندوات والمشاركات الفعلية بالأندية وغيرها التي تزيد من الألفة ومن الرباط الحقيقي الدائم حيث الدنيا على طبيعتها لذلك العالم المزيف الذي يسطر فيه كل فرد ما يحلو له بدون إدراك مدى صدقه أو حتى ماهية المتحدث آنذاك. ونجد الفرد لا يفطن إلى ذلك الفارق الشاسع بين عالم الخيال وعالم الواقع وبين الملموس والزائف لأنه قد يقع فريسة ذاته المحبة للتقوقع والانطواء على أسرارها والحفاظ على خصوصيتها وهويتها فيظن أن تجنب الاحتكاك المباشر قد يحقق له ذلك المأرب ويزيح عنه الكثير من المشكلات التي هو في غنى عنها. بل وكذلك يوفر له الوقت والجهد وهنا تنشأ المشكلات الأسرية بين العائلة حيث الأبناء في انقطاع شبه دائم عن الآباء منشغلين بمستقبلهم المبهر حيث يجدون جميع ما يبحثون عنه بين أيديهم وحتى فرص العمل وتطوير الذات باتت من أكبر الإغراءات التي يجدها الفرد في مكوثه لساعات لا تنتهي على الإنترنت فهو بذلك يفكر تفكيرًا ايجابيًا سليمًا من الناحية المنطقية حيث تكوين الكثير والكثير من الصداقات والعلاقات والتعرف أكثر على ذلك الكون الواسع بما فيه من أسرار فقط بلمسة واحدة. وهنا نجد أنفسنا أمام مشكلة صعبة المراس حيث الصراع بين التكنولوجيا والواقع الذي صعدت على قمته التكنولوجيا بل وتربعت وهنا نحتاج إلى حملات توعية شاملة وخاصة لفئات الشباب في مقتبل حياتهم فيها يتم طرح مميزات التكنولوجيا وسلبياتها بكل حيادية وبفكر جديد يجذب الأنظار. ما من شك أن التقوقع على الذات مرفوض اجتماعياً لما يمثله من انفصال عن الواقع وعن المجتمع. إلا أنه بما أننا نعيش في عصر التقنيات الحديثة والإنترنت، والقنوات الفضائية وأجهزة الاتصال الحديثة، لم يعد أحد يهتم بضرورة التواصل البشري الذي يتمثل في لقاءات المجالس واللقاءات التي تجمع الأهل والأصدقاء. وفي النهاية نؤكد على أهمية التكنولوجيا من جانب وعلى أهمية الانخراط الطبعي بالمجتمع من جانب آخر، بحيث لا ينفلت الأمر إلى ما لا يحمد عقباه. فينبغي التشديد على زوايا الاتصال المجتمعي التي من المستحيل العثور عليها عبر الاتصال اللاسلكي وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة. حيث العلاقات الجادة الصادقة والسكينة والهدوء والاطمئنان الذي يبثه حديث الأب إلى ابنه والصديق إلى صديقه والزوج إلى زوجته. وبهذا نستطيع ان نحمي مجتمعنا من هذا الخطر. [email protected]