مالالا فتاة باكستانية أطلق عليها أتباع طالبان النار واصيبت بإصابات بالغة . أما، ملا، فهو الملا عمر، رئيس حكومة طالبان التي اطاح بها الأمريكان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ذنب الفتاة ملالا ذات الأربعة عشر ربيعاً، التي تعالج في بريطانيا والتي لا تستطيع حتى اليوم الحديث جراء الإصابة البالغة، انها لم تكن تحب الدراسة فحسب وإنما تمارس تأثيرا مفعماً بالحماس على قريباتها وصديقاتها من بنات الحي للذهاب للمدرسة وسط أجواء مشحونة بالرفض السائد لتعليم المرأة في أوساط العائلات المحافظة على تعاليم الملا عمر وإمارته الإسلامية البائدة. أما ذنب الملا عمر في الاعتداء الآثم على مالالات، فهو ذنب لا يخص الملا بشكل شخصي بل يخص منظومة فكرية بأسرها (أيديولوجيا) تملك تصوراً متكاملاً، فكراً وأدوات لإقامة مجتمع منفصل عن العالم بأسره. ما دخل مالالا الطفلة ومحاولة قتلها بأمريكا غير التشدد والغلو. الملا عمر وإمارته في كابول ليسوا بعيدين عن الذاكرة. ماذا فعلوا بكل وجوه الثقافة وماذا فعلوا تحديداً بالنساء قبل اغلاق مدارس البنات في سوات على يد رفاقهم في باكستان؟ تقوم معاييره على قواعد العدل والإنصاف والمساواة في ظروف تاريخية متحركة. ولأن ظروف ذاك المجتمع ومعاييره، لم تصمد أمام حقائق العالم المحيط، بعد الفتوحات الأولى، أجبرت سنن الحياة عنوةً على ارتداء مقتضيات النعم وما تقتضيه من استحقاقات ادارية وسلوك. هكذا كانت البدايات لرفض (السياسة) الواقعية من لدن الساخطين من عامة الناس ومن لدن المتفكرين. هؤلاء المتفكرون، انقسموا إلى ملل ونحل، موالين ومعارضين وخارجين ووسطيين. عززت الفتوحات (الخلاف) وطرح السؤال القديم والمعاصر: ما العمل؟ التعامل مع الجديد الغريب أم العودة للقديم الطاهر والمعروف؟. جدل الفكر والواقع اعطى الأولوية للقوة، لكن التناقض بين الفكر والواقع افرز التشدد والخروج. طالبان والقاعدة تأسستا منذ ذلك الحين إبان الحروب الأولى بأسماء تكشف الأسماء الحركية لمنتسبيها اليوم أصولها. الأساس في توجهات التشدد والإرهاب هو العودة للماضي الطاهر النقي والأخذ بظاهر النص وما عداه بدعة. ومن أجل ذلك، لابد من القفز على جديد الحياة عبر العزف على قضايا معاصرة كدعاوى المؤامرة العالمية وإخراج الكفار من جزيرة العرب ومحاربة اليهود والنصارى وخلافه. ما دخل مالالا الطفلة ومحاولة قتلها بأمريكا غير التشدد والغلو. الملا عمر وأمارته في كابول ليسوا بعيدين عن الذاكرة. ماذا فعلوا بكل وجوه الثقافة وماذا فعلوا تحديداً بالنساء قبل اغلاق مدارس البنات في سوات على يد رفاقهم في باكستان؟. اليوم، يسرف الكثيرون، البعض كيداً والبعض بنوايا حسنة في الحديث عن (ما يفعله التحالف الغربي) من جرائم في افغانستان ولسان حالهم يترحم على إمارة الملا عمر التي أقفلت مدارس البنات وفرضت السجن المؤبد على كل نساء افغانستان. مالالا ليست طفلة باكستانية فقط بل رمز لآلاف المالالات اللائي يجري التعدي عليهن في وضح النهار في أغلب عواصم بلدان المنطقة. المسلمات التي في اذهان البعض ليست سوى منجز لحركة دائمة قد لا تفنى لكنها لابد ان تأخذ معنىً جديداً وإلا اصبحت موضوعاً للتندر. النصوص التاريخية تجربة عظيمة لكنها محفوفة بخطر القول بأن (التاريخ يعيد نفسه). [email protected]