قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي : إن معرفة الله هي باب التوحيد الأعظم، ومنشور الولاية الأقوَمْ، ومن رسخت في قلبه هذه المعرفة وعرف الله بأسمائه وصفاته وربوبيته وأفعاله دخلت قلبه أنوار التوحيد فلا يعبد إلا الله ولا يسأل إلا الله، ولا يصرف ألوان العبودية كلها إلا لله وحده، ولن يصل عبد إلى تحقيق التوحيد الخالص إلا بالمعرفة الحقة بالله . وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام اليوم " إن لله تعالى جنتين، جنة معجَّلة في الدنيا هي وسيلة وطريق إلى الجنَّة الأخرى جنّة عرضها السماوات والأرض في الآخرة، وكثير من الناس خرجوا من الدنيا وهم لم يذوقوا طعم جنة الدنيا المعجلة ولم يعرفوا لها رسماً ولا وسماً، مما كان سبباً لجفاف الأرواح وصدأ القلوب وتناكر النفوس، واستيلاء أمراض الشهوات والشبهات على العقول والقلوب، إن هذه الجنة المعجلة في الدنيا هي جنة المعرفة بالله والصلة به، تلك المعرفة الحقة الحية النابضة، إنها جنة والله، وأيّ جنة !!!، من ذاقها وتنعُّم بها وارتشف رحيقها لم يبغ عنها حولاً، ولم يطلب غيرها بدلاً، إنها أُنْس المؤمنين وبهجة الموحدين ولذّة الصادقين، ومهما سعى الناس في طلب اللذة والسعادة والطمأنينة فلن يجدوها على الحقيقة والدوام). وأشار فضيلته إلى أن توحيد الربوبية والأسماء والصفات الذي هو توحيد المعرفة والإثبات هو أساس اليقين والإيمان ومحرك القلوب إلى علاَّم الغيوب وإفراده بالعبادة والتوحيد والعقيدة وهو الوقود الحي الفعَّال لحياة النفوس وثباتها وسعادة الأرواح والعاصم لها من وساوس الشيطان وأفكار الردى والضلال، ولذلك فإن الله سبحانه يحب من عباده أن يعرفوه وينظروا في بديع صنعه وأفعاله ويتفكروا في مخلوقاته، ومن هنا كان القرآن كله في تعريف الخلق بربهم سبحانه والحديث عنه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وتشريعاته الحكيمة، وربط القلوب به سبحانه لكي تشرق عقولهم وأرواحهم بإفراد ربهم سبحانه بالقصد والطلب الذي هو توحيد العبادة والألوهية، فهما متلازمان لا ينفكان عن بعضهما. وحث فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام، الدعاة والمصلحين وأرباب الإعلام في وسائل وغيرها استشعار فداحة الخطب وحجم الخسارة حينما ينشغلون بأمور جزئية فرعية ويغفلون عن هذا الأصل العظيم الذي به حياة العقول والقلوب واستقامتها وفلاحها، وهو السياج المنيع لكل المجتمع ضد أفكار التطرف والشبهات وأمراض الهوى والشهوات فلن تصلح أحوال أمتنا إلا بالتوحيد الصحيح وقوة المعرفة بالله والتعلق به، وما انتكس المنتكسون وتنكبوا طريق الهدى وارتدُّوا على أدبارهم إلا بسبب ضعف المعرفة بالله وهشاشة العلاقة به سبحانه مما كان سبباً لتزلزل القلوب وتغير المبادئ وانسلاخ اليقين من القلوب لأول عارض ولبارق طمع ولشوب غرض ومصلحة". وأضاف فضيلته " أن تحقيق المعرفة بالله وقوة التعلق به سبحانه وامتلاء القلوب بجلاله وعظمته هو ينبوع التوحيد الصحيح ومادته الكبرى، وكيف لا؟ والله سبحانه هو أحق من ذكر وأعظم من دعي وأكرم من سئل وأرحم من رجي، وأرأف من ملك، نعمائه تترى وآلائه لا تحصى، عنده خزائن كل شيء ينفق كيف يشاء. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي أن معرفة الله تعالى نوعان؛ معرفة إقرار واعتراف فحسب، وهذه اشترك فيها الناس كلهم حتى المشركون، لكنها لم تنفعهم في النجاة والفلاح لأنها معرفة باردة هامدة لم تثمر لهم التوحيد ولم تحرك قلوبهم إلى الله تعالى حباً وإخلاصاً, أما النوع الثاني : معرفة خاصة زائدة على مجرد الإقرار بامتلاء القلب بتعظيم الله وإجلاله الذي يستلزم إفراد الله بالتوحيد والعبادة والمحبة والخشية والتوكل. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة اليوم : إنه في ظل ما تعيشه البشرية من تقارب معلوماتي رهيب تكثر الانحرافات في المناهج وتنتشر بين المسلمين مظاهر خطرة من فتن تنال الدين القويم والخلق الكريم وهكذا البشر حين تتاح لهم الفرص لطرح آرائهم وأفكارهم بمنأى عن الوحي المنزل . وأضاف " أن المسلمين اليوم في ضرورة إلى الميزان السليم في فرز السقيم من المستقيم وأتابع الثوابت الربانية والقواعد الإلهية التي تقف بالمسلمين في شاطئ الأمان بمعزل عن كل فكر مسموم ومنهج منحرف مذموم . وأوضح فضيلته أن كتاب الله جلا وعلا ثم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد قررت قواعد تنير للأمة الطريق الأسلم والمنهج الأقوم مستشهدا فضيلته بقول الله تعالى ( يَا أيّها النّاس قَدْ جَاءَكُم برهان مِّن ربّكم وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) . وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أنه لا يرتفع عن الحياة الشقاء ولا يزول عن دنيا الناس وأخرتهم العناء إلا إذا ساروا بمنهج الكتاب واستسلموا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم . وقال : إن الأصل العظيم لصلاح وفلاح أمة الإسلام أفراداً ومجتمعات هو التسليم الكامل لشرع الله جلا وعلا وإخضاع كل تحرك وتصرف لحكم الله جلا وعلا ثم حكم رسوله صلى الله عليه وسلم ولذلك فواجبهم جميعا تعظيم أمر الله عز وجل ومراقبته سرا وجهرا في العسر واليسر في المنشط والمكره في السراء والضراء في الرخاء والبأساء قال سبحانه وتعالى ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ? وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ). وبين فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ, أن من مقتضيات الإيمان وصفاته وأركانه الإسراع إلى مرضات الله جلا وعلا والاستهداء بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم مع الإذعان والاستسلام والخضوع لحكم الله سبحانه وتعالى و حكم رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شأن وفي كل حين ووقت حتي لا يبقى للعبد خيار عن تنفيذ أمر الله جلا وعلا وأمر رسوله عليه السلام مهما كانت الأهواء والرغبات . وخلص فضيلته في نهاية خطبته إلى أنه من لوازم الإيمان أن يعيش المجتمع المسلم في ظل الشرع المطهر، وأن تكون رغباته وتوجهاته تبعا لما جاء في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في سائر المناشط وكافة التصرفات وجميع التحركات والتوجهات فهذا سبيل أهل الصلاح والفلاح وصراط المتقين والفائزين .