مررنا الأسبوع الماضي بحوادث مؤسفة، ومؤلمة، أزهقت فيها أرواح طالبات ومعلمات في جدة وحائل وجازان، نتيجة للتهور الطائش أو العبث. إشعال حريق في مدرسة «براعم الوطن» في جدة، نتج عنه وفاة معلمتين وإصابة 56 طالبة، وقيل إن ثلاث طالبات قد اعترفن بإشعال النار، ويشك في طالبتين أخريين أيضاً. وفي مسألة حادث مدرسة براعم الوطن، كررت الصحافة مبالغات وأحياناً إشاعات والإثارة التي سبق أن أججت حادث المتوسطة ال31 في مكةالمكرمة عام 1422م. وأوردت الصحافة، آنذاك، اتهامات للمديرة ولهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولاك الصحفيون بأنواعهم، لحم المديرة وعظامها، وغرزوا الإبر في عيونها. قيل إنها مهملة، ومتسيبة.!. لكن لجنة التحقيق برأتها وأثبتت أنها كانت حاضرة، وأنها سبق أن كتبت خطابات إلى إدارة التعليم تنبه إلى سوء المبنى وسوء مخارجه وضيق سلمه، وخطر المبنى. يبدو أننا نعشق الشائعات، لأنها «مشوقة» فاتنة، بينما لا تروق لنا الموضوعية لأن الحقيقة، أحياناً، «باردة» لا بهارات فيها ولا طعم لاذع. الصحافة التي لا تطبق القواعد المهنية في التحري والدقة والموضوعية وتطبيق المعايير الأخلاقية، تصبح صحافة مؤذية وأكثر خطراً على المجتمع من الأوباء المستعصية.وقيل إن هيئة الأمر بالمعروف منعت طالبات متوسطة مكة من الخروج، ومنعت دخول فرق الدفاع المدني، ولكن التحقيق أثبت أن الهيئة لم تحضر سوى بعد انتهاء الحادث، وحصل خلاف بين رجال الهيئة ورجال الأمن في مسألة جانبية، طبقاً للجنة، ليست لها علاقة بالمنع ولا لها علاقة بغطاء الطالبات أو سفورهن. ولا تزال وكالات الأنباء العالمية تعتمد فرية أن هيئة الأمر بالمعروف منعت دخول رجال الدفاع المدني إلى مدرسة بنات، على الرغم من أن ذلك كان تأليفاً وبهتاناً مبيناً ضد الهيئة. في مسألة براعم الوطن، وجدت مالكة المدرسة، أروى آل الشيخ، تغوص في بحر من الشائعات والمبالغات وتأليفات صحفيي الإثارة ومواليهم. وتحاول أن تحمي لحمها من الأنياب الأكولة. لكن يبدو أن السيدة آل الشيخ متمكنة وشجاعة، وتستطيع الدفاع عن نفسها ضد السهام المسمومة، التي تنطلق على عواهنها، جهلاً أو عاطفة. لست أعرفها ولا أدافع عنها، ولكنني ضد إطلاق الاتهامات جزافاً أو حسب المزاج. يبدو أننا نعشق الشائعات، لأنها «مشوقة» فاتنة، بينما لا تروق لنا الموضوعية لأن الحقيقة، أحياناً، «باردة» لا بهارات فيها ولا طعم لاذع. الصحافة التي لا تطبق القواعد المهنية في التحري والدقة والموضوعية وتطبيق المعايير الأخلاقية، تصبح صحافة مؤذية وأكثر خطراً على المجتمع من الأوباء المستعصية. وهي أكثر خطراً من حوادث الطرق التي تلتهم ضحاياها ولا تشبع ولا تعتذر. وصحافة الإثارة «تكهرب» الناس، وتحرض الغوغاء، وتؤجج العامة، وتشوه سمعة الناس وتنتهك حقوقهم. لهذا السبب حرص المجتمع الصحفي النابه على سن قواعد عمل تحمي المجتمع والناس من الصحفيين الجهلة والصحفيين الذين ينزعون إلى عشق الإشاعات ونشر الفضائح وتضخيم الحوادث و«تسخين» المعلومات، وإضافة البهارات كي تكون المعلومات أكثر قابلية ولاذعة. ** وتر سيدة الوديان.. هذا وبل البراري يهل.. وكرائم الغيوم تهدينا أناشيد المطر.. كي نغسل وجوهنا.. ووشاح الدهناء البهي.. [email protected]