يعتبر الكتاب بطن الثقافة وحافظها وناقلها بين الأجيال. كما أن دلالة وجود الكتب عند أي كان متلاصقة مع علم وثقافة صاحبها، هذه الدلالة تلازمت مع الكتاب على مر العصور، حتى عصرنا الحديث الذي كثر الجدل فيه حول تأثر مكانة الكتاب، مع ظهور ما يزاحمه في نقل العلم والمعرفة والتراث، فهل مازال الكتاب هو مصدر الثقافة الأول؟ وهل مازال الكتاب هو أساس البناء المعرفي للأجيال الحالية؟ لم تعد القراءة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في زمننا هذا بالكتاب، ولم يعد الكتاب هو المصدر الوحيد للمعلومات. فالقراءة كانت مرتبطة بالمكتوب على الورق الذي يقع بين دفتين وهو ما يسمى الكتاب. كان هذا الارتباط قبل ظهور وسائل التقنية والاتصال الحديثة. أما الآن.. فإن القراءة تعتمد على عدة مصادر منها : الكتاب التقليدي المعروف ذو الصفحات الورقية، والكتاب الإلكتروني الذي يصمم بأحد البرامج الحاسوبية، الذي لا تستطيع قراءته إلا باستخدام الحاسب الآلي أو أحد الأجهزة الإلكترونية المخصصة لهذا الاستخدام، والمزودة بأحد البرامج الإلكترونية. كما أن لدينا الصحف الورقية التقليدية، ويقابلها الصحف الإلكترونية التي تعتمد بالدرجة الأولى على الشبكة العنكبوتية التي بدأت تنتشر بكثرة في هذا الزمن، وهناك أيضاً القراءة التي تعتمد على المواقع الإلكترونية في الشبكة العنكبوتية، بالإضافة إلى البرامج التي تحول ما كتب على الورق إلى صور قابلة للتصفح والقراءة عن طريق الحاسب الآلي، كبرنامج «PDF». ماذا بعد؟... لم تعد القراءة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في زمننا هذا بالكتاب، ولم يعد الكتاب هو المصدر الوحيد للمعلومات أمام كل هذه القوالب التي تقوم عليها القراءة، نكون ملزمين بالإجابة عن السؤال الذي طرحته في بداية مقالي: هل مازال الكتاب هو مصدر الثقافة الأول؟ وهل مازال الكتاب هو أساس البناء المعرفي للأجيال الحالية؟ أمام هذا المشهد الإلكتروني المترامي الأطراف؟ وأمام هذه التقنية التي تقوم على تقليل الورق قدر الإمكان، يجب علينا التسليم بأننا راضون أو مرغمون كتقليديين أو حداثيين على أن مكانة الكتاب تأثرت تأثراً كبيراً، وأقصد بمكانة الكتاب تفرد الكتاب بنقل المعلومة سابقاً وظهور مكونات أخرى تحمل نفس معلومة الكتاب كالبرامج والمواقع الإلكترونية والأجهزة الكفية وغيرها. إذاً .. ماذا نفعل؟ في هذا الشأن يجب علينا كمؤسسات وأفراد تشجيع القراءة، بشكلها الكلي لا بكيفيتها، أي أنني يجب أن أشجع على القراءة سواء كان ذلك من كتاب أو جهاز كفي أو برنامج أو غيره، ولا أركز على الكتاب كمصدر أوحد تعتمد عليه القراءة، حتى وإن أدى ذلك إلى تراجع مكانة الكتاب الورقي التقليدي. فالتربية الحديثة تقوم على إكساب المعلومة من خلال مكون مرغوب لدى مستقبل المادة العلمية وهو الطالب، فإن كان الكتاب غير مرغوب فيجب علي أن أوجد ذلك المصدر أياً يكن طالما يؤدي إلى إكساب المعلومات والمهارات التي أود غرسها في الطالب مستقبلاً. فالتربية الحديثة تقوم على إكساب المعلومة من خلال مكون مرغوب لدى مستقبل المادة العلمية وهو الطالب، فإن كان الكتاب غير مرغوب يجب علي أن أوجد ذلك المصدر أياً كان